gulfissueslogo
الطبقة الوسطى
الطبقة الوسطى في دول الخليج
صلاح عثمان العثمان


تكوّن الطبقات الغنية والوسطى والفقيرة النسيج الاجتماعي لأي مجتمع. وكلما انخفض عدد الطبقة الفقيرة وارتفع عدد الطبقة الوسطى زاد تقدم المجتمع.

وفي العالم العربي اضمحلت الطبقة الوسطى لتنضم إلى الطبقة الفقيرة بدلا من أن يحدث العكس، فأصبحت هناك طبقتان: فقيرة وغنية. وكلما زاد ثراء البعض زاد فقر البعض الآخر. وعندما انضم المتعلمون والمثقفون والمفكرون، الذين يمثلون الطبقة الوسطى، الى طبقة الفقراء ثاروا جميعا لوضع حد لهذا الخلل الذي بحاجة إلى وقت طويل حتى يعود الوضع إلى حالته الطبيعية. فسيظل الأغنياء يدافعون عن مكتسباتهم بعد أن تم التزاوج بين المال والسلطة. وسيظل باقي المجتمع يدافع عن حريته وثرواته الطبيعية بعد أن أصبحت الطبقة الوسطى مهمومة بهموم المعيشة بدلا من أن تكون طبقة منتجة ومبدعة ومشاركة في صنع القرارات التي تهم المجتمع لمواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فلم يترك لهم أصحاب السلطة طريقا آخر غير هذا الطريق ظناً منهم أنهم باقون الى الأبد بعد أن أفسدوا المجتمع وانتهكوا القانون.

ولم يحل اختلاف النماذج السياسية والاقتصادية التي اتبعت في الدول العربية ذات النظام الجمهوري منذ عهد الثورات والانقلابات في القرن الماضي للوصول الى الغاية نفسها، حيث اتفق الجميع على تهميش المجتمع والانفراد بالسلطة والاستئثار بالثروة، فقد كان الهدف واحدا رغم تعدد الأسباب والأساليب. لذلك ظلت دول الخليج العربي ذات الأنظمة التقليدية أفضل حالا بكثير من دول العالم العربي الأخرى. ليس بسبب مواردها المالية الهائلة وقلة عدد السكان فقد كانت الدول العربية الأخرى تتمتع بموارد مالية جيدة رغم زيادة عدد السكان، ولكن ايضا بسبب اهتمام حكوماتها بالانسان الخليجي والعدالة بتوزيع الثروة، مما أدى الى تقليص الفروقات بين طبقات المجتمع المختلفة بعد انتشار التعليم بين افراد الطبقة الفقيرة. ولكن يبدو أن الأمور بدأت تتغير بسبب الطابع الاستهلاكي والاتكالي للمجتمع الذي عملت الحكومات الخليجية على تكريسه، وبسبب انفراد عدد قليل من الأشخاص بالثروة والسلطة معا وتهميش غالبية المجتمع. وعبثا حاولت الحكومات المتعاقبة تصحيح الوضع عن طريق ضخ مزيد من الأموال في جيوب المواطنين على شكل هبات وكوادر وهي تعلم انها بهذا العمل تزيد الطين بلة، فأي انخفاض في أسعار النفط، الدخل الوحيد لهذه الدول، تحت السعر الذي بنيت عليه الميزانيات قد يضع الدولة في مواجهة جادة مع الشعب، ولان الجميع يدرك هذه الحقيقة، فقد بدأ اللهث وراء الثروة يتسارع وبأي شكل كان حتى لو كان ذلك على حساب القانون والنظام العام والأمن، ولا شك ان هذا الوضع عمل على تقليص الفروقات بين الدول الخليجية والدول العربية الأخرى التي عصفت بها رياح الربيع العربي. ومع مزيد من التفاؤل نأمل أن يعمل الجميع على تصحيح الوضع ووقف هذا الهدر في المال العام وإعادة الأمور الى نصابها الصحيح نحو التنمية الحقيقية وإيجاد مصادر أخرى للدخل.

القبس الكويتية - 07-09-2011

copy_r