gulfissueslogo
الامام المجاهد حسن علي البدر القطيفي
(1278 ـ 1334)
العالم والمجاهد الإمام حسن علي البدر القطيفي

 
الإمام البدر شخصية عظيمة برزت في لحظة تاريخية بالغة الخطورة والحساسية، وأثبتت بأنها على قدر التحدي الذي واجهته الأمة في تلك المرحلة بكل مخاضات التحوّل السياسي والاجتماعي والفكري التي شهدتها، فكان شخصية شاملة في معرفتها، وفي نضالها، وفي وعيها بالواقع المعاش، فتحوّل الى زعيم جنباً إلى جنب زعماء عصره، فكان العالم المجاهد المجتهد.
 
ولد الإمام حسن علي البدر القطيفي سنة 1278هـ في النجف الأشرف، فنشأ في حاضرة العلم والمعرفة الدينية، والى أن بلغ الدرجة الممتازة في الفضيلة والمعرفة. وكان إلى جانب انشغله بالعلوم الشرعية والعقلية، وهب وقتاً عزيزاً من حياته للشأن العام، فكان يرقب ما يجري في بلاد المسلمين القريبة منها والبعيدة من ويلات الاستعمار الاجنبي، والاستبداد الداخلي.
 
ففي التحصيل العلمي، برع الإمام البدر في علوم الدين كما دلّت على ذلك مؤلفاته العميقة، وإجازات كبار علماء عصره، وتعليقاتهم علىى مصنّفاته ورسائله. ودلّ على ذلك أيضاً، ثلة من تلامذته منهم القاضي الامام الشيخ علي بن حسن الخنيزي، وهو أول قاضي في القطيف بعد قيام الدولة السعودية سنة 1932، ومنهم الشيخ بدر آل سنبل، من أعلام قرية الجش بالمنطقة الشرقية في السعودية، والامام الشيخ علي الجشي، وكان من ألمع علماء القطيف، وقد تولى القضاء فبي القطيف فكان يقضي بين السنة والشيعة، ورفض أن يتقاضى راتباً من الدولة بطلب منه، والشيخ منصور المرهون وكان يعرف بشيخ خطباء القطيف في زمانه. فكل أولئك الذين نهلوا من نمير علمه صاروا سنداً له وعوناً في حل المشكلات الشرعية والكلامية والفقهية. وعلاوة على ذلك، فإن الامام البدر إمتاز بجرئته في طرح الرأي الذي يراه صائباً في مسائل الاعتقاد والفقه والاصول، وكاد أن يدفع حياته ثمناً لذلك حين كان في رحلة مدينة لكنهور الهندية حيث كانت تشيع بعض الشبهات العقدية وسط شيعة الهندي ومنها اعتقادهم في فاطمة الزهراء (ع) بأنها إمام معصوم، فنفى الإمام البدر تلك الشبهة، فأضمروا له سوءً فاضطر للمغادرة بناءً على نصيحة من صديقه الحاج أحمد البرباري، كما نقد مبدأ تقليد المجتهد الميت، وكتب رسالة في هذا الخصوص.
 
مؤلفاته :
 
- «وسيلة المبتدئين إلى فهم عبائر المنطقيين»: وهي رسالة في المنطق، وقد صنفها لصديقه ونديمه الماجد الوجيه الحاج أحمد بن الشيخ محمد علي (صاحب الفوائد العلية) بن مسعود الجشي المتوفى سنة 1317هـ، أولها ما نصه: الحمد لله منطق الألسن بأصناف اللغات، والعالم بالنتائج قبل إيجاد المقدمات، والصلاة والسلام على خير مبعوث بالحجج الواضحات، المؤيد بالبراهين القاطعة لمطلق الشبهات، محمد وآله علل التكوين ومبادئ النعم الكليات منها والجزئيات، فرغ من تصنيفها في 21/6/1307هـ.
 
- حاشية على فرائد الأصول: وضعها لتحليل رسائل المؤسس الأنصاري، المتوفى سنة 1281هـ.
 
- حاشية على كفاية الأصول: وضعها لحل غوامض الكفاية للمحقق الخراساني، المتوفى في 20/12/1329هـ، وكان هذا المصنف عجيبا، أذهل عقول جهابذة عصره، بكيفية صياغته وتحليلاته، وحل العقد التي صدت طالبي هذا العلم.
 
- رسالة في أحكام المكاسب والتجارة: وهي رسالة على وفق آراء أستاذه آية الله الخراساني، فرغ من تصنيفها أوائل ربيع 1311هـ.
 
- إحقاق الحق وإبطال الباطل: صنفها جواباً لسؤال عض الأفاضل من أهالي القطيف وهو الشيخ علي بن محمد بن مهدي المحسن القطيفي الكويكبي، المتوفى يوم الخميس 21/11/1337هـ، سأله هل يجوز تقليد المفضول مع وجود الفاضل، فرغ من تصنيفها في 20/11/1323هـ.
 
- روح النجاة وعين الحياة: رسالة علمية طبعت في بغداد بمطبعة الآداب عام 1327هـ، وعلى ظهرها ما بعد البسملة: هذه الرسالة المسماة بروح النجاة وعين الحياة، من تأليفات ساطع مقباس الموحدين ومانع التباس المجتهدين، ورافع أساس الدنيا والدين، الشيخ حسن علي بن الشيخ عبد الله القطيفي، أيد الله به دينه وأقام موازينه، ألفها وفقا لفتاوى أستاذه آية الله الكبرى وحجته العظمى من طاف الدين عليه وسعى أهلوه إليه وجثا طلابه بين يديه قبلة العارفين ومعتكف العاكفين حضرة الآخوند المولى محمد كاظم الخراساني أرواح عداه فداه، بل أرواح من عداه آمين، استخلص من تعليقاته الشريفة على نجاة العباد واستخلص ما يوافق نظره الشريف من متنها متحريا، وفور الدلالة بالألفاظ الموجزة فجاءت كالمعجزة، سهلة المأخذ على المقلدين، ممتنعة على من جاراها من المجتهدين، فبرز في ميدان أنداده، وقرت به عين أستاذه، إذ هو جدول من تيار علمه وتقاه، وجذوة من نار طور هداه متع الله المؤمنين بأمثاله آمين. ولم يورد الشيخ العمران في أزهاره من صاحب هذه الشهادة. وعلى طرتها بإمضاء المولى الآخوند بعد البسملة ما نصه: نظرت في جميع ما حرره عماد العلماء الأعلام، وسناد الفضلاء العظام، فخر المحققين، وافتخار المجتهدين المحققين، صاحب الفضل الجلي الشيخ حسن علي دام علاه، فرأيته وفق اختياراتي، فلا باس بالعمل به، والعامل به معذور ومأجور إن شاء الله تعالى.
 
- دعوة الموحدين إلى حماية الدين: صنفها أيام الهجوم الإيطالي على طرابلس الغرب سنة 1329هـ، وقد فرغ منها في شوال من نفس العام، وطبعت في مطبعة حبل المتين في النجف الأشرف.
 
- رسالة وجيزة في وجوب إعادة الصلاة: في وجوب إعادة الصلاة الفاسدة المعينة، أو المرددة من الصلاتين الإحتياطتين.
 
- رسالة وجيزة في قضاء ذوي الأعذار: وهي من مصنفاته القيمة الدالة على غزارة علمه، وجودة فهمه، وطول باعه وسعة إطلاعه، وتضلعه في المسائل الشرعية وحسن استنباطه لها من أدلتها التفصيلية.
 
 
 
شهادات العلماء
 
 1- شهادة شيخ الشريعة:
 
قد لاحظت شطراً من هذه المباحث، فرأيت منها ما تفجرت به ينابيع الحكم على مبانيه،وفاضت عيون الحقائق من خلال معانيه، وما ينبغي أن تفتخر الأرض ببهائها على دراري سمائها، تشهد لمصنفها الخبير النحرير العالم العلم العزيز النظير، باستقامة النظر وجودة الذهن وحسن التصرف وسلامة التعبير، وبلوغه غاية المراد والمرام، من الاستنباط والاجتهاد في الأحكام، فليحمد الله تعالى على ما آتاه من النعم العظام، وأولاه من الآلاء الجسام. حرره الآثم الجاني فتح الله الغروي المشتهر بشيخ الشريعة، عفا الله عن جرائمه العظيمة، في عاشر محرم الحرام سنة 1326هـ.
 
 2- شهادة المازندراني:
 
لمصنف هذه الكراريس أيده الله تعالى أن يعمل بما يستنبطه من الأحكام، وينفذ ما يصدر منه من الأحكام، فغنه سلمه الله تعالى، فاز بالمأمول والمرام، وبلغ درجة الاجتهاد في الأحكام، فليحمد الله تعالى على ما آتاه من النعم العظام، والآلاء الجسام. وأنا الأحقر عبد الله المازندراني «بدون تاريخ»
 
 3- شهادة أسد الله:
 
لا يخفى أن جناب عمدة العلماء الأعلام العاملين، وزبدة الفقهاء المحققين، البر التقي حضرة مولانا الشيخ حسن علي دام بقاه ابن المرحوم الشيخ عبد الله القطيفي (ق.د) قد أبدع في هذا الكتاب – أي قضاء ذوي الأعذار- وأعجب وأعرب من صفايا أسرار الفقاهة فاغرب، ومن المعاني الأبكار، ما لم تطمثهن الأفكار، ومن التنبيهات الجلية ما عم نفعها، ومن التلويحات الدقيقة الخفية ما عظم وقعها، ولقد كشف فيه الغطاء عن كنوز الفرائد، واللثام عن كنوز الفوائد، فكان بحمد الله تعالى شانه، برهاناً ساطعاً، ودليلاً قاطعاً، على أن مؤلفه المومى إليه «أيده الله ووفقه» قد فاز برتبة الاجتهاد العلية، وحاز ملكة الاستنباط القدسية، وتحلى بالجوهرة التي يقذفها الله تعالى في قلب من يشاء من البرية، فلا باس بالرجوع إليه في التقليد في سائر أمور الدين، مما هو من الوظائف الخاصة بالمجتهدين، وفقه الله تعالى لمراضيه، وجعل يومه وما بعده خيراً من ماضيه، ومتعنا الله ببقائه وسائر المؤمنين إنه ارحم الراحمين. محمد تقي أسد الله «بدون تاريخ».
 
 4- شهادة الحكيم:
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله الطاهرين، وبعد: فقد أطلعني ولدي العالم الفاضل الثقة الركن الشيخ طاهر البدر «سامحه الله»، على رسائل والده المقدس العلامة الحجة المرحوم الشيخ حسن علي البدر «طاب ثراه» كرسالته في عدم جواز تقديم المفضول، ورسالته الأخرى في قضاء ذوي الأعذار وغيرهما، فرأيت فيها جمال التحرير، وروعة الأسلوب، إلى حظ وافر من التحقيق والتدقيق في جملة من المسائل المهمة، فأحسن الله سبحانه لمؤلفها المرحوم الجزاء، ووفق ولده الصالح إلى حسن الإقتداء، والأمل الكبير بأن يقتفيها أهل العلم وينتفعوا بها، ومنه سبحانه نستمد العناية والتوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل. 8/4/1372هـ - محسن الطباطبائي الحكيم.
 
جهاده السياسي
 
قد يكون الإمام البدر من القلائل من علماء عصره في النجف الأشرف من صبّ اهتماماً لقضايا خارج موطنه، ومسقط رأسه، فقد عارض خضوع القطيف للحكم السعودي، وقد صادف في الوقت الذي أرسل فيه الملك عبد العزيزأحد رجاله (وقيل بأنه ابن سويلم) لدعوة أهالي القطيف للتسليم للحكم الجديد، أن يكون هناك مجلس فاتحة لأحد شخصيات القلعة وهي مركز القطيف القديمة، وقيل إنه أحمد بن مسعود، وبعد أن فرغ الخطيب من مجلس الفاتحة، وقف الإمام البدر خطيباً في الحاضرين، وحذرهم من تسليم البلاد للوهابيين، وحث البدر الوجهاء والحاضرين على حمل السلاح والمقاومة، وأنهم – أي الأهالي – سيذوقون الذل على أيدي الأخوان الذين ملئوا جيش الملك عبد العزيز، وهذا بحكم التجربة السابقة معهم، إلا أن الرياح جاءت بما لاتشتهي السفن، فقد خضعت القطيف والاحساء تحت الحكم السعودي، وهاجر الامام البدر الى العراق، حيث بدأت بوادر ثورة العشرين، فكان من قادتها البارزين، وقد وقف خطيباً في مدينة الكاظمية داعياً ومحرّضاً الناس على الثورة ضد الاحتلال البريطاني.
 
ولعل ما يميّز السيرة الجهادية للشيخ البدر، هو موقفه الواضح من الاحتلال الايطالي لليبيا العام 1913، حيث شجّع العلماء على إصدار البيانات المندّدة باحتلال الطليان لطرابلس الغرب، وقد فعلوا ذلك، بل صنّف رسالة متقنة بهذا الخصوص لدعم الثورة ضد الاستعمار الإيطالي وأسماها (دعوة الموحّدين الى حماية الدين)، أثبت فيها بالأدلة الأربعة (الكتاب والسنة والإجماع والعقل) بوجوب الجهاد على كل المسلمين لطرد الإحتلال الايطالي من ليبيا.
 
 
 
 

copy_r