gulfissueslogo
سايمون هندرسون
حالة طوارئ
سايمون هندرسون

فورين بوليسي.كوم, 7 حزيران/يونيو 2011
 
 
 
قامت البحرين [مؤخراً] بحملة دبلوماسية أنيقة لكنها اصطدمت بعقبات بسبب الإجراءات الوحشية الصارمة التي اتخذتها حكومة الجزيرة تجاه مواطنيها. وكان من المقرر أن يجتمع ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة -- الذي يُنظر اليه كأحد رواد الإصلاح داخل العائلة الحاكمة -- مع الرئيس الأمريكي باراك اوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في واشنطن يوم 7 حزيران/يونيو. ولكن المحادثات التي كان سيجريها الأمير وجهاً لوجه قد تشوشت بسبب ورود تقارير إخبارية في 6 حزيران/يونيو مفادها أن محاكمة 47 طبيباً وممرضة كانوا قد عالجوا متظاهرين جرحى ستبدأ في محكمة أمن خاصة في العاصمة المنامة.
 
بيد، تم تأجيل جلسة المحكمة المقبلة لمدة أسبوع؛ وبصورة لا تثير الدهشة، تم تخفيض مستوى اللقاء مع الرئيس الأمريكي في 7 حزيران/يونيو إلى "زيارة عفوية" قام بها الرئيس أوباما عندما كان ولي العهد البحريني جالساً للتباحث مع مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، توماس دونيلون: كما أن المحادثات التي أجراها ولي العهد مع الوزيرة كلينتون بعد ظهر ذلك اليوم لم تتضمن عقد مؤتمر صحفي مشترك بعد انتهائها.
 
ومرة أخرى، تعثرت المملكة الصغيرة في الخليج العربي في محاولتها تصوير نفسها حليفاً شجاعاً للولايات المتحدة على خط جبهة الصراع الناشيء مع ايران.
 
وكانت تلك الحملة قد بدت وكأنها تصميم كبير لفن الرقص الدبلوماسي. ففي 1 حزيران/يونيو، قامت العائلة الملكية السنية التي تحكم البلاد برفع حالة الطوارئ التي فُرضت في منتصف آذار/مارس بعد تدخل القوات السعودية لمواجهة الاحتجاجات الواسعة النطاق التي قامت بها الغالبية الشيعية في البحرين. وفي اليوم نفسه، أعلن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بأنه ستعقد جولات أخرى من المحادثات في تموز/يوليو تهدف إلى رأب الصدع الطائفي في البلاد. وفي الأسبوع الماضي، وصل وزير الخارجية الشيخ خالد آل خليفة إلى واشنطن لتمهيد الطريق لزيارة سمو ولي العهد.
 
وقد احتفلت البحرين أيضاً بالإعلان بأن سباق البلاد المعروف باسم "فورمولا 1" الذي كان قد أُلغي في آذار/مارس، قد أُدرج ثانية ليقام في تشرين الأول/أكتوبر. وكان تقرير داخلي عن حقوق الإنسان أصدره "الاتحاد الدولي للسيارات"، الذي اتخذ القرار بإعادة إدراج السباق، قد رسم صورة متفائلة عن الوضع السياسي في المملكة، بقوله أن "الحياة في البحرين قد عادت مرة أخرى إلى حالتها الطبيعية بصورة تامة"، وأن الوضع الأمني "مضمون".
 
لكن الحملة الدبلوماسية الأنيقة التي قامت بها البحرين قد انهارت حتى قبل الإعلان عن جلسة المحكمة في المنامة. ففي 1 حزيران/يونيو، تم انتقاد القائمة بأعمال الولايات المتحدة في المنامة ستيفاني وليامز بصورة حادة، وذلك من على شاشة التلفزيون البحريني لمدة دامت أكثر من ساعة، بحيث لم تتمكن في كثير من الأحيان حتى من التعبير عن كلماتها بصورة كاملة. وقد اتهم الشخص الذي أجرى المقابلة الولايات المتحدة "بعدم التعامل بطريقة عادلة مع جميع الطوائف" في البحرين وأعرب عن أمله بأن يقوم المجتمع الدولي "بترك أبناء الشعب البحريني ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم".
 
وقد رافق المقابلة العدائية شن هجوم من قبل وسائل الإعلام المناهضة للولايات المتحدة. ففي 4 حزيران/يونيو، اتهمت صحيفة محلية القائمة بالأعمال وليامز بالتواطؤ مع "الوفاق" -- جماعة المعارضة الشيعية المعتدلة. وفي 6 حزيران/يونيو، نشرت صحيفة تصدرها الحكومة افتتاحية قالت فيها أن "الأصابع الأمريكية السوداء تهدف إلى إضعاف الخليج".
 
ويبدو أن هذه الهجمات هي جزءاً من توجه معين. ففي الاسبوع الماضي، تبيّن أن دبلوماسي أمريكي يشغل وظيفة ثانوية كان قد تعامل مع قضايا حقوق الإنسان، لودوفيك هود، قد عاد إلى واشنطن بعد أن وجهت إليه وإلى عقيلته تهديدات، بعد أن وصفت زوجته من على مدوّنة محلية بأنها يهودية. ووفقاً لمتطلبات "اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية"، إن البحرين ملتزمة بمنح الدبلوماسي هود مفرزة أمنية خاصة به بعد أن كانت الوزيرة كلينتون قد شكت إلى وزير الخارجية البحريني في أيار/مايو المنصرم، من المضايقات التي تعرض لها لودوفيك هود.
 
إن تجدد الاحتجاجات في الجزيرة تهدد أيضاً عرقلة سباق الـ "فورمولا 1" الذي أُعيد إدراجه حديثاً. وقد يبدو هذا الحدث تافهاً بالنسبة لأدق العقول الدبلوماسية، ولكن من ناحية عقلية الحكومة البحرينية، يشكل هذا السباق مقياساً رئيسياً لقبول المملكة على المستوى الدولي، وهو بذلك ينافس فقط قطاع الخدمات المالية في الجزيرة. والآن، يقال أن لدى الرئيس التنفيذي لـ "فورمولا 1" ، بيرني ايكلستون، أفكار ثانية حول ما إذا كان تنظيم حدث كهذا في البحرين هو خطوة آمنة.
 
كيف أخطأت حملة البحرين الدبلوماسية إلى هذا الحد؟ من خلال إدراج جدول افتتاح محاكمة الفتنة ليوم 6 حزيران/يونيو وشن هجمات تحريضية من قبل وسائل الإعلام البحرينية ضد الولايات المتحدة، يبدو أن "الجانب المظلم" للعائلة الحاكمة قد قوض [من قدرة] الإصلاحيين -- الممثلين من قبل ولي العهد ووزير الخارجية -- بصورة علنية ومحرجة للغاية.
 
ويتحمل الملك المتذبذب حمد المسؤولية الشاملة عن هذه الظروف الكئيبة. وكان أحد الدبلوماسيين المحليين قد وصف العاهل البحريني بأنه سهل الإستمالة إلى حد كبير ويفتقر للرؤية الاستراتيجية. ومع وجود ولي العهد الأمير سلمان ووزير الخارجية الشيخ خالد في واشنطن، كان العاهل البحريني عرضة لمشورة رئيس الديوان الملكي ووزير الداخلية المتشدد الشيخ راشد. كما أن البيت الأبيض كان قد منع الملك حمد من المجيء إلى الولايات المتحدة قبل بضعة أسابيع للمشاركة في حفل تخرج أحد أولاده -- وهي معاملة ازدراء قد تكون قد أثارت غضبه أيضاً تجاه إدارة أوباما.
 
فماذا هو الوضع الآن؟ على واشنطن ألا تعقد أنفاسها حول انسحاب القوات السعودية من البحرين. إن الخطة الحالية هي قيام "مجلس التعاون الخليجي" -- الذي يضم السعودية والبحرين، وكذلك الكويت وعمان وقطر والإمارات العربية المتحدة -- بنشر وحداته العسكرية المشتركة، "درع الجزيرة"، عبر جميع الدول الأعضاء في "المجلس". ولسنوات عديدة، كانت القاعدة الوحيدة لهذا التجمع هي المدينة العسكرية السعودية "حفر الباطن" [التي هي مقر قوة التدخل السريع الخليجية].
 
إن منح قاعدة لوحدات "درع الجزيرة" في دول أخرى في الخليج يعني -- في أذهان أفراد العائلة المالكة لـ "دول مجلس التعاون الخليجي" -- إضفاء الشرعية على وجود أكثر من 1000 من جنود "الحرس الوطني السعودي" و 600 من أفراد شرطة الإمارات العربية المتحدة في البحرين. وفي الوقت الحاضر، تتمركز هذه القوات في قاعدة الشيخ عيسى الجوية، التي تقع في أقصى الجنوب من جزيرة البحرين الرئيسية، وفي منشأة عسكرية أخرى أيضاً في الجنوب، وحول مصفاة النفط قرب العاصمة. إن مهمتها هي دعم الحكومة ضد منافسيها في الداخل وردع إيران من أن تصبح متورطة في الصراع. وإذا حدثت جولة أخرى من القمع في الجزيرة، ستقع المهمة على الأرجح مرة أخرى على أفراد الشرطة، الذين تعززت صفوفهم من قبل الجنود السابقين الذين تم تجنيدهم من باكستان وعُرضت عليهم الجنسية البحرينية (وهي مظالم أخرى للشيعة في البحرين).
 
وحالياً تم إعطاء وعد بإجراء انتخابات جديدة لمجلس النواب البحريني في أيلول/سبتمبر المقبل. وهذا المجلس هو هيئة تشريعية شبه عاجزة تماماً. ويعين أعضاء مجلس الشيوخ من قبل الملك وهم أكثر تأثيراً بصورة هامشية فقط. وقبل يوم من قيام السعودية بإرسال قوات إلى البحرين، قبِل ولي العهد مبدأ "الحكومة التي تمثل إرادة الشعب"، في الوقت الذي كان فيه مسؤولاً عن الحوار الوطني في البلاد. وربما سببت هذه الفكرة المثيرة للجدل "حموضة معوية" للعاهل السعودي الملك عبد الله، فضلاً عن المتشددين البحرينيين. ويجدر بالذكر أن مفهوم الديمقراطية التمثيلية لم يذكر كجزء من إحياء الحوار. وفي غضون ذلك، يبقى المئات من المتظاهرين رهن الاعتقال، بمن فيهم الأشخاص غير المشاركين في العنف. وكان قد تم تفريق الاحتجاجات الأصغر حجماً التي وقعت في الأيام القليلة الماضية باستعمال الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وكرات الرصاص الصغيرة.
 
وفي خطابه حول "الربيع العربي" في 19 أيار/مايو، قال الرئيس أوباما أنه "يجب" على حكومة البحرين "أن تهيئ الظروف للحوار." ومع ذلك، سيتلزم الأمر أكثر من الطلب بصورة مهذبة بإبعاد البحرين عن قبضة المملكة العربية السعودية والأعضاء الأكثر عناداً من العائلة المالكة في الجزيرة.
 
 
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.

copy_r