gulfissueslogo
هدم دوار الؤلؤة
على أي نحو يريد النظام في البحرين محو ذكرياته السيئة
Karen Leigh - التايم

45 رجلاً من الملثمين بخوذاتهم وأسلحتهم جاءوا إلى إبراهيم شريف عند الثانية من فجر الجمعة بعد أن قفزوا فوق السور ودخلوا البيت ليقتادوه إلى السجن أو العربية السعودية، حيث لا أحد يعرف الوجهة على وجه التحديد..تروي زوجته فريدة لنا الحادثة في وقت لاحق من ذلك اليوم وتقول جرس الباب كان يرن وأصوات تنادي "إفتح..إفتح..إفتح" وبأن إبراهيم طلب منهم خفض اسلحتهم وأن يهدأوا، غير أنهم أخذوه على أية حال ولم يستغرق ذلك أكثر من عشر دقائق..وتروي أن العربات التي تواجدت خارج البيت كانت تحمل شعار قوات الأمن الوطني البحريني.
 
 وكان شريف ، زعيم جمعية وعد المعارضة ، من بين العديد من النشطاء البارزين المناهضين للحكومة الذين اعتقلوا في موجة من الغارات قبل الفجر يومي الخميس والجمعة. وكان مقر جمعية وعد قد تعرض للحرق بعد وقت قصير من الغارة على منزل شريف وذلك في تمام الساعة الرابعة من صباح يوم الجمعة وقد تفحم كل ما تبقى من المبنى المكون من طابقين، بما فيه المكتب ،الجدران، وأثاث المكاتب ، وغرف الاجتماعات ، إضافة إلى شظايا الزجاج الكبيرة المنتشرة على الأرض.  وقد استبعد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في مؤتمر صحافي لاحق  أن يكون الحريق متعمداً، غير أن ذلك يأتي في مرحلة يشن فيها إبن عمه الملك حمد بن عيسى آل خليفة حملة شرسة متزايدة ضد الأغلبية الشيعية ، حملة حرض عليها الوجود غير المسبوق للقوات السعودية التي جرى إرسالها للحفاظ على النظام الملكي السني.
 
 حتى نهاية الاسبوع الماضي كانت المعارضة السياسية قد حققت بنحو متسارع المزيد من القوة والدعم حتى تاريخ 11 مارس حين سمحت الحكومة لضياع الفرصة باتخاذها أول رد في سلسلة ردود عنيفة آخذة بالازدياد، وقد أصبحت قيادات وعد وحتى الناشطين من الشباب يخافون على سلامتهم الشخصية. 
 
وفي صبيحة يوم الجمعة تلقت مجلة التايم رسالة نصية من أحد منظمي الاحتجاجات يحذر فيها من حملة قمعية تجري ضد الشباب وأن الشوارع لم تعد آمنة مضيفاً بأن حسابه المصرفي قد جمد، وأن الهواتف مراقبة وأن الأمن يراقب كل التحركات.
 
من جانبها كانت الحكومة تشير إلى أنها قدمت العديد من الفرص للحوار مع قيادات المعارضة إلا أنهم عطلوا مسألة الحوار، وأبان وزير الخارجية في مؤتمره الصحافي بأنه قد جرى اعتقالهم لإثارتهم وتحريضهم ضد النظام، غير أن مؤتمراً صحافياً مستقلاً جرى تنظيمه في مكاتب وعد المحترقة للرد على هذه الادعاءات، وفيها رفض المتحدث باسم المعارضة عبدالله الدرازي أن تكون المعارضة قد اتخذت موقف المتعنت في هذا الجانب، وقال : بعد تحديد القضايا والنقاط الخاصة بالحوار قدمنا رؤيتنا ووجهات النظر لكن للأسف جرت تلك الهجمات التي يبدو معها أن الحكومة قد اختارت الحل الأمني لوقفنا عن المطالبة بالاصلاح الديمقراطي.
 
 في مكان آخر في عاصمة هذه الجزيرة ، كانت عصابات من البلطجية الملثمين الموالين  للحكومة يحملون الهراوات والعصي والسيوف ويستوقفون أصحاب السيارات ويطلبون منهم فتح الصندوق الخلفي، وكان وزير الخارجية قد رجح أن يكونوا من المدافعين عن الأحياء المجاورة ونفى أي صلة لهم بقوى الأمن، إلا أن قوات الحكومة لاتبذل أي جهد لوقفها، وقد شاهدنا في واحدة من نقاط التفتيش سيارة أمن لا تحرك ساكناً فيما المراهقون الملثمون يقومون بتفتيش المارة.
 
 وتنفي الحكومة  وجود خطة استراتيجية لتصعيد العنف، في حين اشتمل هذا الأسبوع على إطلاق متكرر للغازات المسيلة للدموع، والضربات الجوية بالذخيرة الحية من طائرات الهيلكوبتر (كوبرا) ضد المتظاهرين في أنحاء العاصمة المنامة. يقول وزير الخارجية : انه وضع متقلب للغاية.. في الحالات المتفجرة ، فإنك تتوقع أن يحدث العنف ، وليس هناك عنف منظم ضد الشعب... نحن لسنا في حالة اعلان الحرب ، نحن نحاول تثبيت القانون والنظام.
 
 على ما يبدو كجزء من هذه الجهود ، عمدت الحكومة إلى تدمير نصب اللؤلؤة في الدوار الذي كان مركزاً للإحتجاجات، كما قامت بتدمير الخيام المنصوبة وممرات  الأسفلت المكونة للميدان، وطمس مخيم المتظاهرين الرئيسي حيث موقع الاشتباكات الدامية بين شرطة مكافحة الشغب والمتظاهرين، وحيث كان الميدان رمزاً جغرافياً للحركة.يقول أحد المتظاهرين: كانوا يقتلوننا هناك، وهاهم يقضون عليه. وكان أحمد الخليفة قد وصف إزالة الميدان بأنه إزالة لذاكرة سيئة.
 
وفي غضون ذلك ، جرى استبدال وصف ميدان اللؤلؤة الذي كان بمثابة تحية لجامعي اللؤلؤ في تاريخ البحرين إلى ما يصفه التلفزيون البحريني بميدان مجلس التعاون، وهي الجماعة المظلة التي قدمت من خلالها السعودية أكثر من 100 مدرعة عسكرية إلى المنامة في يوم 13 مارس. وقد تحدث أحد العلماء السياسيين في المنامة بثقة قائلاً: كانت الحكومة البحرينية تقوم بنقل المزيد من السلطة إلى الجيش السعودي، على الرغم من أن النظام البحريني يحتفظ بالقوات هناك للمساعدة على حامية المنشآت الحيوية للجزيرة.
 
 وينظر إلى التدخل السعودي في البحرين كطريقة اتخدتها الحكومة في الرياض لتحذير شعبها للبقاء بعيداً عن الاحتجاجات. وكان العاهل السعودي الملك عبدالله قد قال في كلمة القاها يوم الجمعة : "أيها الرجال البواسل في جميع القطاعات العسكرية" ...وأخص إخوانكم رجال الأمن في وزارة الداخلية ، وأنكم درع هذا الوطن واليد الضاربة  لكل من تسول له نفسه المساس بأمنه واستقراره. بارك الله فيكم وفي كل ما تقومون به ".. والمملكة العربية السعودية ذات الغالبية السنية تبدو قلقة على وجه التحديد من تأثر المنطقة الشرقية التي يقطنها عدد كبير من الشيعة بالاضطرابات الشيعية في البحرين.
 
 
 
ومع تجريف دوار اللؤلؤة، تبدو سترة البلدة الشيعية الفقيرة المكان الجديد لحركة الاحتجاج، ففي وقت متأخر من الخميس صعد السكان أسطح منازلهم وراحوا يهتفون "الله أكبر" احتجاجاً على حملة العنف التي تقودها الحكومة، وفي يوم الجمعة جاء الآلاف من المشيعين للمشاركة في موكب جنازة فرحان أحمد، أحد المتظاهرين الذين قتلوا يوم الأربعاء في سترة، وقطع الموكب الطريق دون صدامات تذكر  رغم  إغلاق نقاط الخروج من البلدة بمئات من قوات مكافحة الشغب وتواجد قوات الأمن على أسطح المباني المحيطة التي تحتلها، وبالرغم من هذا التواجد الأمني بدأ عدد قليل من المتظاهرين بالهتاف: يسقط الملك..ثم ارتفعت الهتافات بصوت أعلى: الموت للنظام...الموت للملك.
 
يقول نبيل رجب ، مدير مركز البحرين لحقوق الإنسان بأنه ينتظر كل ليلة أن يأتوا إليه ويعتقلوه..وعلى الرغم من هذه الحملة الشرسة تصر فصائل المعارضة على مواصلة الاحتجاجات، وكنا سألنا زوجة شريف عن ماذا كانت تعتقد بأنها سترى زوجها ثانية، فكان جوابها دون تردد : بالطبع...لكن ليس قبل أن يطبخوا شيئاً من قبيل إعترافات وهمية، ونحن على دراية بهذه التمثيليات.
18-03-2011
 
 

copy_r