gulfissueslogo
المنظمة العربية لحرية الصحافة تنتقد سجل السعودية في مجال الحريات الصحافية

 دعا المؤتمر  السنوي الاول الذي عقدته المنظمة العربية لحرية الصحافة في لندن في الاسبوع الاول من شهر مايو الجاري لإطلاق حرية التعبير في السعودية ووقف الملاحقات غير القانونية التي يتعرض لها الصحفيون السعوديون، ودعا بشكل خاص الى إعادة رئيس تحرير جريردة (المدينة) المقال، محمد مختار الفال، إلى منصبه بعد أن تم فصله بقرار من وزير الداخلية الامير نايف بن عبد العزيز بعد نشره قصيدة للشاعر المدني عبد المحسن الحليت ، كما دعا المؤتمر للتحقيق بشأن الضغوط النفسية والجسدية التي تعرض الشاعر الحليت.
 
وشدد المشاركون في المؤتمر الذي عقد بين 1 ـ 3 ايار (مايو) الحالي تحت عنوان صحافة من اجل الديمقراطية: التحديات السياسية والقانونية في العالم العربي علي ان السنة الصحافية الماضية، اي الفترة من ايار (مايو) 2001 الي نيسان (ابريل) 2002، شهدت ظهور اتجاه قوي من قبل الانظمة العربية نحو تشديد القوانين والعقوبات الخاصة بحريات الصحافة والتعبير، كما شهدت فرض قيود جديدة علي عمل الصحافيين العرب.
 

عبد العزيز الخميس : المباحث والمطاوعة ينكلون بالصحفيين


واستعرض المتحدثون العوائق القانونية الكثيرة والخطيرة التي تقف امام العمل الصحافي في العالم العربي، والتي قد تؤدي الي عقوبات مثل مصادرة المطبوعات وفرض الغرامات المالية وفصل الصحافيين والمحررين من عملهم وسجنهم وتعذيبهم.
 
 
ولعل من اكثر الدول العربية قساوة في هذا المجال المملكة السعودية. ونبه الصحافي السعودي عبد العزيز الخميس في بداية مداخلته المشاهدين الي ان وجوده كإعلامي سعودي بينهم يعتبر جريمة من قبل السلطات السعودية. وتابع ان تمنياتكم بأن يتجه الاعلام العربي نحو ديمقراطية مثلى امر لا تقره الانظمة في المملكة. فالديمقراطية امر مرفوض قلبا وقالبا، والحديث عن تطبيقها والسير علي طريقها غير مستحب، ويمثل مخالفة يعشق القائمون علي الامر في المملكة عقاب مقترفيها.
 
 
وقال انه صدر مؤخرا في المملكة السعودية في ايلول (سبتمبر) الماضي قانون جديد يحد من حريات الصحافة في البلاد وهو نظام المؤسسات الصحافية، الذي تكمن اهميته في حقيقة انه يحدد للصحافي طريقة عمله وللمؤسسات الصحافية مهامها. وكل من يرغب في اصدار جريدة او مجلة لن يستطيع ذلك دون ان يطبق هذا النظام.
 
 
وتطرق الخميس الي جوانب عديدة في النظام، من ضمنها ان وزير الاعلام هو الذي ينظم المؤسسات الصحافية وهو الخصم والحكم في مشاكلها، بينما يفترض اذا رغب للشفافية ان تأخد مجراها وان يكون لحرية التعبير مكان وان تكون هذه المؤسسات حرة لا علاقة لها بالدولة وان تكون رقيبا علي الدولة لا العكس . وتابع انه لا يحق للاعلامي ان يصدر مطبوعة الا بعد الحصول علي موافقة الحكومة، وهذا قيد علي حرية التعبير التي كفلها الاعلان العالمي لحقوق الانسان. كما يجب علي المطبوعة حسب النظام ان تتفق مع اهداف واحكام سياسة الحكومة الاعلامية. وقال الصحافي هذا تقنين للعمل الاعلامي وحصار شديد عليه، فواجبي كإعلامي ان اراقب الحكومة وان اكون عين الشعب عليها لا ان اكون حاضنا لتوجهاتها وافكارها وجزءا من ماشيتها . ولا يحق لغير السعودي انشاء مطبوعة ولا ان يطبع في المملكة. كما ان محاسبة المؤسسات الصحافية والصحافيين لا تتم فقط من قبل وزارة الاعلام، بل ان جهات اخري تقوم بذلك، مثل امارات المناطق ووزارة الداخلية والمخابرات العامة والمباحث العامة وهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واشار الخميس الي قصة الصحافية السعودية هيفاء خالد من جريدة الوطن التي انتقدت تصرفات هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خلال احتفالات الاهالي بعيد الفطر المبارك، فالقي القبض عليها في الشارع بتهمة ان غطاء وجهها خفيف، واقتيدت الي معتقل ديني حيث مورس معها ضغط نفسي في مقابل السماح لها بللخروج من المعتقل.
 
 
 
وقالت المنظمة في تقرير بعنوان حالة الصحافة العربية 2002: التعامل مع آثار 11 سبتمبر اصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي صادف يوم الجمعة الماضي ان العالم العربي شهد زيادة في عدد انتهاكات حرية الصحافة بنسبة 100 بالمئة تقريبا في السنة الصحافية الماضية مقارنة بالسنة التي سبقتها، وشهد وتدهورا خطيرا في وضع حريات الصحافة في جميع انحاء العالم العربي. واضاف انه خلال فترة التقرير رأي الصحافيون الآثار السلبية لأحداث 11 ايلول علي حريات الصحافة في جميع انحاء العالم ولا سيما في العالم العربي، حيث وجد الصحافيون العرب انفسهم معرضين لهجمات تلو الهجمات باستخدام قوانين الطوارئ ضدهم، وبتطبيق الاساليب الامنية والبوليسية في فرض القيود الرقابية عليهم من جانب الانظمة في بلادهم، الي جانب إجراءات التعتيم والحظر والاعتداءات من جانب السلطات العسكرية الاسرائيلية في فلسطين المحتلة.
 
 
 

المشاركون


 
ومثل المشاركون في المؤتمر نخبة من المدافعين عن حرية الصحافة في 13 دولة عربية هي البحرين والكويت وسلطنة عمان والسعودية وفلسطين والاردن ولبنان وسورية ومصر والسودان وتونس والجزائر والمغرب. وتحدث في المؤتمر جمع من قيادات صحافية ومحامين بارزين متخصصين في قضايا حرية الصحافة وسياسيين ودبلوماسيين واكاديميين. كما شارك في المؤتمر بصفة مراقب ممثلون عن جامعة الدول العربية والاتحاد الدولي للصحافيين واتحاد الصحافيين لعموم بريطانيا واللجنة العربية لحقوق الانسان والمجلس الوطني للحريات في تونس ومنظمة مراسلون بلا حدود وقناة الجزيرة الفضائية وقناة شبكة الاخبار العربية.
وقالت المنظمة العربية لحرية الصحافة ان المؤتمر شكل اللقاء الاول من نوعه للمدافعين عن حرية الصحافة في العالم العربي، واستهدف اتاحة الفرصة لتقريب وجهات النظر من اجل الاتفاق علي برنامج عمل تسعي المنظمة العربية لحرية الصحافة، كما يسعي المشاركون في المؤتمر الي تحقيقه.
 
 
ومن المشاركين في المؤتمر رئيس المنظمة العربية لحرية الصحافة ابراهيم نوار، والبرلماني المصري حامدين الصباحي والصحافي رجائي المرغاني والصحافي يحيا قلاش واستاذ القانون الدولي م. نور فرحات والصحافي مصطفي الحسيني من مصر، والصحافي حسن عبد الخالق والمحرر ادريس العيساوي من المغرب، واستاذ القانون الدولي شبلي ملاط والصحافي حكمت الزين والصحافية رشا الأطرش من لبنان، والصحافي عبد الله الكندي من عمان، والناشط في مجال حقوق الانسان هيثم مناع من سورية، والصحافية امل عباس من السودان، ونقيب الصحافيين الفلسطينيين نعيم الطوباسي والصحافي داوود كتاب والصحافي نظير المجلي من فلسطين، والصحافية سهام بنسدرين والمحررة ام زيد من تونس، والمحـــرر يحيا شقـير من الاردن، والصحــافي والتلفزيوني عبد العزيز الخميس من السعودية، والمحرر احمد الديين من الكويت، والمحرر علي الجري والمحامي خالد بورايو من الجزائر، والصحافي علي صالح والصحافية مها الصالحي من البحرين، ورئيس المفوضية الفلسطينية في بريطانيا عفيف صافية، وفيرونيكا فوروود من منظمة صحافيون بلا حدود والباحث غريغ فيلو والنقابي تيم غوبسيل من بريطانيا، والنقابي جيم بومالحة من الاتحاد العالمي للصحافيين.
 

تدهور حرية الصحافة في غالبية الدول العربية

 
والقي التقرير الذي اصدرته المنظمة العربية لحرية الصحافة بمناسبة يوم الصحافة العالمي نظرة شاملة علي وضع حريات الصحافة في العالم العربي، وقامت المنظمة العربية لحرية الصحافة برصد التجاوزات علي حرية الصحافة التي ارتكبت في العالم العربي في العام الصحافي الماضي. واستطاعت المنظمة رصد 102 حالة تجاوز ضد افراد ومؤسسات.
 
 
وقال ابراهيم نوار رئيس المنظمة في المؤتمر ان هذا العدد يشكل زيادة بنسبة مئة بالمئة عن الحالات التي رصدتها المنظمة في العام الصحافي قبل الماضي.
 
 
فقد قامت بعض الحكومات مثل تلك التي في السعودية والبحرين ومصر بفرض حظر علي مواقع الكترونية. وفرضت السعودية نظاما صحافيا جديدا يكرس تبعية الصحافيين والصحافة للوزارات. وفي سورية والمغرب والسودان زادت قبضة الرقابة علي الاعلام، ما ادى الي زيادة تبعية الاعلام للدولة، خصوصا في ظل غياب فصل السلطات.
 
 
كما استخدمت السلطات العربية سلاح فصل الصحافيين عن عملهم، وتوقيفهم والتحقيق معهم وتعذيبهم. ورصدت المنظمة 42 حالة توقيف أو تحقيق في العام الماضي مقابل 18 حالة في العام قبل الماضي.
كما ارتكبت الدول تجاوزات ضد دور صحف ومؤسسات اعلامية، ورصدت المنظمة عددا من حالات فرض الرقابة علي مؤسسات وتعطيل اصدار المطبوعات ومصادرتها. وكان الاردن اكثر الدول العربية التي وقع فيها مثل هذه الحالات، يليه المغرب. وتمت اعادة النظر في قوانين الصحافة والنشر، والتوجه نحو تشديد القيود وتغليظ العقوبات.
 
 
 

البيان النهائي


 
 
 
وانتهي المؤتمر الي الاتفاق علي بنود تتعلق بالقضايا السياسية وحرية الصحافة، والديمقراطية والتشريعات الصحافية، والمعايير المهنية والنقابية، وانتهاكات حرية الصحافة والتعبير المتزايدة. وفيما يتعلق بالقضايا السياسية وحرية الصحافة، اكد المشاركون في المؤتمر علي ان مهنة الصحافة في العالم العربي يجب ان تحرر من كل القيود المفروضة عليها قانونيا وسياسيا واقتصاديا، حتي يتمكن الصحافيون من العمل دون عوائق لتكريس دورهم في خدمة تطوير المجتمع الي الافضل، وفي خدمة التحول الديمقراطي وتعزيز الحريات السياسية والتنوع والتعددية واحترام افكار وعقائد الآخرين . وتابعوا انه يرتبط بذلك ان يعمل الصحافيون علي التصدي للفساد والاحتكار السياسي وسيطرة الحزب الواحد والانظمة الاستبدادية، ضمن دورهم كوسيلة اتصال شفافة للجماهير مع الاحداث واتجاهات المجتمع علي تنوعها.
 
وفيما يتعلق بقضايا الديمقراطية والتشريعات الصحافية، اكد المشاركون في المؤتمر علي العلاقة العضوية بين حرية الصحافة والديمقراطية، فلا توجد ديمقراطية بدون حرية الصحافة . وطالب المشاركون في المؤتمر بالضغط من اجل الغاء قوانين الطوارئ التي تطبقها الانظمة العربية في قضايا حرية الصحافة، والغاء المحاكم الاستثنائية، ورفع القيود عن الحريات العامة.
 
 
 
التحذير من آثار 11 ايلول علي الصحافة
 
 
 
وشدد الصحافيون المشاركون في المؤتمر علي انه إذ لاحظوا ان احداث 11 سبتمبر قد ادت الي زيادة الميل نحو سياسات اقل تسامحا مع حرية الصحافة حتي في الدول الغربية الليبرالية، فإنهم يحذرون من اتساع نطاق هذه السياسات، ويدعون الي التفاهم والحوار بين الناس علي اختلاف الوانهم وافكارهم، وينبهون الي خطورة تردي حالة الحريات السياسية في معظم الدول العربية، خصوصا تلك التي لجأت انظمتها في الآونة الاخيرة الي تشديد العقوبات في قضايا الرأي، تلك التي فرضت قيودا غير مقبولة علي حرية الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية وصحافة الانترنت.
 
 
 

المطالبة بإعادة رئيس تحرير (المدينة) وتعويض حليت


 
 
 
ودعا المؤتمر الي العمل علي تحرير التشريعات الصحافية العربية من جميع القيود المكبلة لحرية الصحافة، سواء حرية التعبير او النشر او الملكية او الاصدار او الطبع او التوزيع، وعلي الغاء العقوبات الادارية والقانونية التي تمكن السلطات التنفيذية من فرض الرقابة علي المطبوعات او البرامج الاذاعية او التلفزيونية، والغاء النصوص والقرارات التي تسمح بتعطيلها اداريا او مصادرتها او سحب تراخيصها. واكد المشاركون علي ضرورة الغاء جميع النصوص التشريعية التي تسمح بتوقيع العقوبات السالبة للحرية علي الصحافيين في الجرائم المتعلقة بممارسة مهنتهم، وكذلك جميع الاجراءات المقيدة للحرية بما فيها السجن الاحتياطي والتحقيق مع الصحافيين. وطالبوا بتوفير الضمانات القانونية والسياسية للممارسة الصحافية، وان يتجنب الصحافيون الاثار السلبية للرقابة الذاتية في ممارساتهم المهنية.
 
 
واستنكر المشاركون في المؤتمر اقدام السلطات او المؤسسات الصحافية في الدول العربية علي فصل الصحافيين او انزال العقوبات بهم بسبب ميولهم الاجتماعية او الثقافية او السياسية.
 
 
وناشدوا السلطات السعودية اعادة الصحافي محمد مختار الفال رئيس تحرير صحيفة المدينة المفصول من عمله، كما ناشد المؤتمر السلطات السعودية التحقيق في الاضرار المعنوية والجسدية التي اصيب بها الشاعر عبد المحسن بن حليت صاحب القصيدة الشعرية التي نشرتها الصحيفة، ما ادي الي الاطاحة بالصحافي محمد الفال من رئاسة المدينة وادت الي اعتقال بن حليت واحتجازه في السجن عدة اسابيع.  كما دعا المشاركون السلطات البحرينية الي الغاء الاجراءات التعسفية التي اتخدتها ضد الصحافية البحرينية مها الصالحي والتي حرمتها من امكانية مزاولة العمل الصحافي.
 
 
 
التاسع من مايو 2002
 

copy_r