رياح التغيير والثورة تهب على الخليج
مازالت الحكومات في دول الخليج لم
تستيقظ من دوي الانفجار والبركان الذي حدث في تونس ومصر، لشعورهما بأنها بعيدة
كل البعد عن هذه الظروف والتحولات ومحصنة من تأثيراتها، إما: لأنهم يعيشون في
القصور المشيدة فتحميهم، أو لم يستيعبوا الدرس، لكن كل ذلك لا يغير من الحقيقة
شيء، بأن رياح التغيير قد هبت بالفعل، فهذه البحرين وعمان تعيش آثار هذا
الإيقاع، فما يحدث فيها يشكل جرس إنذار لبقية الدول الخليجية.
أما الحقيقة الأخرى فان شعوب هذه المنطقة هي الأقرب للاستفادة
والتفاعل والاستيعاب على استلهام هذه التجربة، ولا نقول استنساخها لأنها تعيش
نفس الظروف والعوامل والشروط الكاملة والأرضية التي تدفع هذه الشعوب
لإعلان الثورة وليس مجرد الإصلاحات الجزئية والجانبية. ولذلك نقول إن أمام هذه
الحكومات إما :
• المبادرة
السريعة والاستجابة لمطالب الناس وتحقيق الإصلاحات الجذرية وليست الشكلية ، أي
الإصلاحات التي تؤمن أكبر قدر من المشاركة في صنع القرار وتقرير المصير، والأهم
هو إطلاق الحريات الكاملة للتعبير عن إرادتها.
• أو السقوط
الكامل ورحيل هذه الحكومات بغير رجعة كما حصل في تونس ومصر وكذلك مصير ليبيا
واليمن حسب المؤشرات والمعطيات، وهذه الحكومات التي تهاوت هي أقوى هيمنة
وسيطرة، فليس هناك قوة حقيقية فوق إرادة الشعوب ، أما الاعتماد والمراهنة على
تلك التحالفات السياسية والعسكرية خصوصا مع تلك الدول العظمى فقد ثبت فشلها ،
فالغرب وقف متحيرا حينما رأى تلك الحكومات تتساقط كأوراق الخريف وحينما رأوا (
العذاب تقطعت بهم الأسباب).
وأمام إصرار هذه الحكومات على الاستمرار في سياساتها ،
ومحاولة القفز على الأحداث والالتفاف والتماطل في تنفيذ الإصلاحات والتلكؤ،
نتساءل هل هذه الحكومات لا تؤمن بالتغيير والديمقراطية؟ أم أنها ترى الوقت غير
مناسب في تحقيق هذه المطالب؟
الأدلة والشواهد والوقائع تثبت بأن هذه الحكومات لا تؤمن
بأساس ومبدأ الحرية والديمقراطية وتداول السلطة، وان كل ما تعد به من القيام
بإصلاحات ما هو إلا شعارات ومماطلات ومجاملات، فهي لم تستجب يوما لكل المطالب
والمبادرات التي تنشدها هذه المجتمعات، وكذلك لم تكترث ولم تهتم بالمشاكل
والأزمات المتفاقمة والتحديات الراهنة، ونتيجة لذلك فان المشكلة أمام هذه
الحكومات ليست في الزمان والمكان أو الظروف الغير مهيأة والمناسبة، لتحقيق هذه
الإصلاحات والديمقراطية وإنما هو عدم الإيمان وضرورة تحقيق ذلك.
لكن نرى من الظلم الفاحش هو اتهام هذه الحكومات لشعوبها
بأنها غير مهيأة وجاهزة لاستقبال وممارسة الحرية. فهذه التبريرات والاتهامات
تجعل من هذه الحكومات غير معنية بالإصلاحات وما يحدث حولها من أحداث
وتحديات الحاضرة والمستقبلية، وهذه مشكلة تفضي بعدم المصالحة وتقديم الحلول
الوسطية والجادة مع شعوبها.
أما الشعوب اليوم هي أكثر وعيا وإيمانا بعدم صلاحية
وكفاءة وشرعية هذه الحكومات والأنظمة، وان استمرارها يشكل أزمة وعقبة في طريق
الديمقراطية والتنمية والتقدم. وهذه القناعة الجماهيرية تبرز بشكل واضح وجلي من
خلال إصرار هذه المجتمعات نحو تغيير وإسقاط الأنظمة وهذه السياسات
بالكامل وإحداث الثورة. فهل تستطيع هذه الحكومات بعد الآن أن تقف في وجه
العاصفة؟
الشيخ: حبيب الخباز
27 /3/1432