عندما نتحدث عن اسقط النظام او تغييره، فماذا نقصد بمصطلح النظام؟ وماهي
اركان نظام الحكم في البحرين؟ وهل هذه الاركان بحاجة الى هدم؟ ام تغيير شامل؟
ام اصلاحات ضمن ملكية دستورية؟
اولا: اركان نظام الحكم في البحرين:
· ميثاق العمل الوطني، ودستور 2002: الميثاق تم صياغته والتصويت عليه بتوافق
بين السلطة السياسية والاغلبية من المعارضة وبموافقة اغلبية ساحقة من الشعب،
الا انه تم ضمن هيمنة السلطة على جميع امكانيات الدولة، وقبلته المعرضة ومعظم
الشعب باعتباره افضل الممكن. اما دستور 2002 فانه مفروض بالكامل من قبل السلطة
السياسية. ويمكن ان يعتبر ميثاق العمل الوطني لاغيا بسبب انقلاب السلطة عليه
وتورطها في جرائم جديدة ضد الشعب، او بشرعية الثورة. اما دستور 2002 فلا شرعية
قانونية او شعبية له.
· شخصيات ومؤسسات نظام الحكم الوراثي: الملك والديوان الملكي وولي العهد: الحكم
الوراثي ركن اساسي في دستور 1973 وميثاق 2001، الا ان صلاحيات الملك التنفيذية
والتشريعية والقضائية المنصوص عليها في دستور 2002 الذي فرضه الملك بصورة
منفردة، تجعل نظام الحكم مطلقا ومستبدا. ويقوم ولي العهد بادوار قيادية تنفيذية
عبر مجلس التنمية الاقتصادية تتعلق بدوره كولي للعهد. ويقوم الديوان الملكي
بادوار مباشرة في الحياة السياسية والاقتصادية تفوق الدور المناط به وهو الجانب
السكرتاري والبروتوكولي للملك. ويقوم وزير الديوان الملكي بتوظيف صلاحيات الملك
الاعتيادية والاستثنائية في تنفيذ سياسات عامة مثل التجنيس وتوزيع الاراضي
العامة ويتدخل مباشرة ولكن بشكل غير رسمي في نقاشات ومقررات مجلسي الشورى
والنواب ويتخل في ما تنشره الصحافة، وهو المسؤول المباشر عن وضع وتنفيذ مخطط
السلطة الذي كشف عنه مستشار الحكومة السابق، في التغيير الديمغرافي وتهميش
الطائفة الشعية استهداف المعارضين والناشطين.
· مجلس الدفاع الاعلى : وهو المجلس الذي يقود البلاد ويكرس حكم القبيلة دون سند
دستوري لوجوده كؤسسة. حيث يتكون من 14 عضو من العائلة الحاكمة هم الذين يتولون
المناصب العليا في البلاد. ويستخدم هذا المجلس جميع مكونات الدولة وامكانياتها
بما في ذلك الاجهزة القمعية لتثبيت مصالح الاسرة الحاكمة والموالين لها ولتصفية
الحساب مع المعارضين.
· السلطة التنفيذية (الحكومة): وتتمثل قيادتها السياسية في رئيس واعضاء مجلس
الوزراء، ثم تأتي البيروقراطية بمستوياتها المختلفة والمتمثلة بالوزرات
والادارات والمرافق العامة. والحكومة في مستوياتها السياسية والقيادة الادارية
تحت هيمنة ابناء العائلة الحاكمة والموالين لهم. فرئاسة الوزراء يتولاها عم
الملك وهو اقدم رئيس وزراء في جميع العالم، ولم يتغير من منصبه رغم الادعاء
بمشروع اصلاحي يدين المرحلة التي تسبقه. ويستولي ابناء القبيلة وحلفاؤهم على
جميع الوزارات السيادية والمناصب الادارية مما يجذر الحكم القبلي. وتتحكم
السلطة التنفيذية في موارد البلاد عبر احتكارها القرار في توزيع الميزانية
العامة ، وهي من يقوم فعلا بتشريع القوانين وتمريرها بشكل شكلي على المجلس
الوطني الموالي لها في اغلبيته، او اصدراها اثناء عندما لا يكون المجلس منعقدا.
وتسيطر السلطة التنفيذية على الاقتصاد والاذاعة والتلفزيون واجهز الامن، وتستغل
كل ذلك في قمع المعارضين وتقييد الحريات العامة والتحكم في المجموعات السياسية
ومؤسسات المجتمع المدني.
· الاجهزة العسكرية والامنية: ويسيطر على قيادتها افراد الاسرة الحاكمة
وحلفائهم التقليديين ويتم التوظيف فيها على اساس طائفي وتستخدم المرتزقة الذين
يتم جلبهم من بلاد اخرى. ويعتبر جهاز الامن الوطني وقوات الامن الخاصة اجهزة
قهر وقمع سياسي ليس لها علاقة بالمتطلبات الاعتيادية لحفظ الامن، ولا يقوم
وجودها على اساس دستوري.
· السلطة القضائية (بما فيها النيابة العامة): في تركيبتها الحالية لا تتمتع
بأي نزاهة او استقلالية عن الفئة الحاكمة والسلطة التنفيذية، ويتم استغلالها
لتصفية الحساب مع خصومها ومعارضيها.
· المجلس الوطني: ويتشكل وفقا لدستور 2002 من مجلسي الشورى والنواب: مجلس
النواب –وبسبب توزيع الدوائر الانتخابية - قائم على اساس التمييز الطائفي
وتهميش المعارضة ولا يمتلك صلاحيات حقيقة. اما مجلس الشورى فهو هيئة مورد خلاف
اساسي في وجوده وصلاحياته، ويعين افراده من قبل الملك على اساس الولاء السياسي،
ويستخدم ككابح احتياطي للنواب المنتخبين. وتقيد القوانين المفروضة باوامر ملكية
والاجراءات حرية العمل الحزبي وتهيمن على ادارة وتوجيه الانتخابات بشكل كامل.
ثانيا: ما الفرق بين الاسقاط الشامل لنظام الحكم؟ أو تغيير نظام الحكم؟ وماذا
تعني المملكة الدستورية؟
· الاسقاط الشامل لنظام الحكم: يعني هدم جميع مقومات النظام القائم وبناء نظام
جديد كما حدث في البلدان التي حدثت فيه ثورات عارمة او حروب داخلية او تدخل
خارجي وتغير فيها شكل النظام السياسي بشكل كامل، مثلما حدث في فرنسا او ايران
والعراق. وعادة ينتج يكون ذلك التحول من نظام ملكي او شمولي الى نظام جمهوري
رئاسي او برلماني. واحيانا تمر البلدان الذي يحدث فيها هذا النوع من التغيير
بمراحل تنازع وربما حرب اهلية قبل ان يستقر النظام الجديد بدعائم واركان جديدة
كما حدث في فرنسا.
· اصلاح نظام الحكم، او تغييره جزئيا: يكون فيه تغيير لبعض اركان نظام الحكم
والابقاء على بعضها الآخر. فبالنسبة لما حدث في تونس ومصر فانها حتى الآن لم
تصل الى الاسقاط الشامل لنظام الحكم حيث تم تنحية الرئيس ومؤسسة الرئاسة وتغيرت
الحكومة وربما يتم حل الحزب الحاكم ويتم اجراء تغييرات مهمة في الدستور تضمن
مستوى اعلى من المشاركة السياسية والحريات. ولكن التغيير لم يصل حتى الآن الى
التغيير الشامل للدستور وشكل نظام الحكم، وقد لايطال التغيير اركان مهمة مثل
الجيش والقضاء والبيروقراطية الحكومية.
· المملكة الدستورية: وتعني بقاء الملك والحكم الوراثي ضمن دستور يمنحة الحاكم
او يكون نتيجة تعاقد بينه وبين قوى المجتمع. ويتحدد المستوى الفعلي للمشاركة
السياسية وضمان الحقوق والحريات على نصوص الدستور من ناحية وعلى مدى فارق القوة
بين الاسرة الحاكمة ومعارضيها. فحين تقوى المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني
ويتحرك الشعب يمكن تقليص صلاحيات الاسرة الحاكمة سواء في نصوص الدستور او في
الواقع العملي. اما في حال تراجع قوى المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني وآليات
المحاسبة والرقابة فان الملك ينحى عادة الى استعادة القدر الاقصى من السلطات
والنفوذ سواء بوضع الدستور او تعديله وفقا لارادته، او عبر خلق وقائع على الارض
تضمن له تنامي هذه السلطات والنفوذ ولو على حساب نصوص الدستور.
· ماذا عن البحرين؟ طبيعة النظام الحاكم في البحرين هو اشبه ما يكون بنظام قبلي
طائفي بدستور تم صياغته على قياس القبيلة الحاكمة وبما يضمن لها امتلاك كامل
السلطات، والهيمنة على جميع مقدرات الدولة. وباعتبار ان النظام يمتك تجربة حكم
مطلق طويلة الامد فقد بنى مؤسسات الدولة واجهزتها على اساس قبلي طائفي. وقام
بتشطير المجتمع واختراق فئاته ومؤسساته بشكل عميق. حتى الآن لم تصل قوة حركة
المجتمع الاحتجاجية الضاغطة الى درجة الاسقاط الشامل للنظام الا اذا تحول
التحرك الحالي الى ثورة شاملة متواصلة وتغيرت على اثرها معادلات القوى الخارجية
والداخلية. ومن ناحية اخرى فان القبول بالملكية الدستورية دون ان تتغير اركان
الحكم الاساسية سيؤدي الى اعطاء الشرعية الشعبية للنظام من جديد، دون ان تكون
هناك ضمانات التحول الفعلي الى مملكة دستورية حقيقية سواء في النصوص الدستورية
التي يمكن ان يتلاعب بها النظام او في الواقع العملي القائم. وسيقع ذلك بالفعل
اذا توقفت حركة الشارع المتصاعدة وتمكن النظام من اعادة ترتيب تحالفاته وشق
صفوف المعارضين له كما فعل بعد ميثاق العمل الوطني. وبناء على ذلك فاذا لم يتم
النجاح في الاسقاط الشامل للنظام، فلا ينبغي اعطاء شرعية وضمانات للنظام الحاكم
بالبقاء وفرص للمناورة عبر طرح مطلب المملكة الدستورية كخيار وحيد. وتركيز
التحرك على استمرا حركة الشارع لغاية ايجاد دستور يكفل اعلى حد من المشاركة
السياسية والمحاسبة والحقوق والحريات، وتغير بعض اركان النظام السياسية القائم
بشكل جذري