الأموال التي سرقها وهرَّبها الحراميهْ البائدون: زين العابدين، مبارك،
القذافي، وأفراد عائلاتهم وأعوانهم ومسؤولي أنظمتهم - على ذمة برنامج (الجزيرة)
'في العمق': (8 / تشرين الأول - أكتوبر / 2012) أرقامها مفزعة. ما يُشاع - على
الأقل ولا دخان من غير نار- أن مبارك وعصابته سرق وهرَّب ما يقارب المائة
والثلاثين مليار دولار، و(زين العابدين) ومافيته نهبوا وهرَّبوا ما يقرب من
مبلغ أربعين مليار دولار، والقذافي وحاشيته سرقوا وهرَّبوا قرابة مائة وثلاثين
مليار دولار.
وإذا عرفنا أن الشعب المصري زهاء نصفه، إما فقراء معدمون وإما يقبعون تحت خط
الفقر، وأن أكثر من نصف الليبيين يُرجح أنهم يعيشون على الكفاف، ومثلهم تقريباً
التوانسة، وأما اليمنيون الذين تعد بلدهم إحدى أفقر دول العالم فإن آخر تقرير
للأمم المتحدة أفاد بأن أكثر من نصف اليمنيين جوعى وتحت خط الفقر، أدركنا مدى
وقاحة ونذالة الحراميهْ، أو من افتُرض أنهم كانوا أمناء على الأمة. طبعاً، لم
يُكشفْ حتى الآن، عن تلك الأموال والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة التي
يسرقها ويهرِّبها يوميا ولعقود طويلة الحراميهْ الحاليون والذين لم تتم إبادتهم
بعدُ، لأسباب محلية أو خارجية قد نتفق أو نختلف حولها، ويمكن أن يطول تحليلها.
السؤال التالي الذي يتبادر للذهن، ربما، هو، لماذا لا يتعظ الموجودون على قيْد
الحكم بزملائهم المسحوقين والهاربين والمخلوعين؟ نقول (زملاؤهم)، لأنهم قبل أن
يسقطوا تحت ضربات الشعب، كانوا يجتمعون بهم ويبتسمون ويتضاحكون (ربما على غباء
الشعوب التي تركتهم كل هذه العقود يسرقون وينهبون المال العام، قطعاً بضوء أخضر
من 'المجتمع الدولي' المستفيد منهم وبهم) ويتبادلون النُّكَت وطريفَ القول، غير
أنهم لم يتناصحوا قطُّ. وهي خاصية من خواص الإنسان عموما إلا من رحم الله. يقول
الله الحق: 'فإنها لا تعمي الأبصار ولكنْ تعمي القلوب التي في الصدور'. فعيون
الحكام الحاليين ترى أو تبصر وآذانهم تسمع، إلا أن قلوبهم لا تعتبر. لأن لهم
آذاناً لا يسمعون بها ولأن لهم قلوباً لا يعقلون بها. ولذلك وصفهم الله بأنهم
كالأنعام بل هم أضَلُّ سبيلا.
أضحكني كثيراً، ما اقترحه احد الاكاديميين على (الجزيرة) والذي وصفه مقدم
برنامج (في العمق) بأنه خبير مالي دولي أو شيء من هذا القبيل، أن يتم التفاوض
مع (الحراميهْ) لاسترجاع الأموال وإبقاء جزء منها لهم. المضحك هو أن
(الحراميهْ) إذا سلموا الأموال فهو أمر سيدينهم بالدليل القاطع والبرهان الساطع
فهو سيكون إقراراً منهم بأنهم (حراميهْ)، وهم قولا وفعلا وعملا وواقعا كذلك
وأكثر، إلا أن (الحرامي) 'عمرَهْ ما يقولْ عن نفسِهْ (حرامي)'، كما يقول
الخليجيون.
في السبعينات، عندما كنا نسمع (مظفر النواب) يُحشرجُ بِـ: ' لستُ خجولاً حين
أُصارحكم بحقيقتِكم... إنَّ حظيرةَ خنزيرٍ أطهر من أطهركم... تتحركُ دَكّةُ غسل
الموتى... أماَّ أنتم فلا تهتزُّ لكم قصبة... ' كنا نقولُ: إنه رجل موتور...
مظلومٌ ...والله أجاز للمظلوم أن يجهر بالسوء من القول 'إن اللهَ لا يحبُّ
الجهرَ بالسوءِ من القول إلا من ظُلم'... وإنه (يُفضفض) ويُنفس... بَيْدَ أننا
لاحقا أدركنا أن (مظفر النواب) كان مقصرا كثيرا فيهم.... وأنهم في الواقع،
يستحقونَ أكثر مما قال فيهم الشاعر الذي 'كان مجردُ مكتوب من (أمه) يتأخر في
أروقة الدولة شهريْنِ قمريَّيْنِ'. ولهذا السبب وغيره قرر أن يعريهم 'الآنَ
أُعريكم...في كل هذا الوطنِ العربيِّ قتلتم فرحي... '.