ما الجديد في زيارة الرئيس الإيراني إلى جزر 'أبي موسى وطنب الكبرى وطنب
الصغرى'؟ أيهما أهم الزيارة أم الإحتلال؟ أَوَلَمْ يَزُرْ الشاهُ الجزر بعيد
احتلالها؟ فلماذا لم تقُم القيامة الخليجية حينئذ؟ أم أن الوضع الجيوسياسي كان
مختلفا؟ فإيران الشـــاه كانت أمريكــــية غربـــية الهوى في المطلق. الجزر
احتُلت قبل قيام الإتحاد الإماراتي بزهاء ثلاث سنين وقبل قيام الجمهورية
الإســلامية بعشــر سنوات.
الإحتلال كما يجادل كثيرون إفتراضي. لأن ثمة إفتراضا آخر يذهب إلى أن بريطانيا
قبيل انسحابها عام 1971من إمارات ساحل عمان كما كانت تُسمى قبل قيام الإتحاد،
أعطت الجزر لإيران-الشاه الذي كان شرطيها وشرطي الغرب كله من خلالها في الخليج
العربي، بالإتفاق مع حاكمي الشارقة ورأس الخيمة عامئذٍ اللتين تتبع لهما الجزر.
ولا يخفي كثيرون دوراً لإسرائيل لتعزيز قبضة الشاه على 'مضيق هرمز' لأن الجزر
تشرف عليه وبالتالي هي جزر إستراتيجية. معروف أن النفط الشاهنشاي كان يتدفق على
إسرائيل جهاراً نهاراً.
لا شك أن في تلك الفترة كان الغرب وكانت إسرائيل تثق في إيران - الشاه أكثر من
ثقتها في شعوب الخليج والحكام إلى درجة ماَّ التي كانت شعوبها في الغالب تلتهب
حناجرها بخُطب (جمال عبد الناصر) وقد شهدت منطــقة الخليج العربي تيارات قومية
ناصرية مناهضة للشاه والغرب وإسرائيل بتأثير مباشر من (عبد الناصر) وقد كانت
المظاهرات المؤيدة لعبد الناصر ظاهرة خليجية، وقد نُفي بسبب ذلك كثير من
القيادات الناصرية الخليجية إلى خارج الخليج مثل (عبد الرحمن الباكر) الذي تم
نفيه إلى بيروت إلى أن قضى نحبه في العام 1971 في جبل لبنان وبالتحديد في مدينة
(عاليه).
وثمة من يذهب إلى أبعد من ذلك أن الجزر بيعت ولدى إيران وثائق تثبت ذلك. ولعل
ذلك يفسر المطالبات الإماراتية والخليجية الباردة لإيران بالإنسحاب منها.
ويُقالُ إن إيران الحالية حفاظا على الود وإن كان وداًّ متذبذباً مع دول الخليج
العربية و(إمارة دبي) تحديداً لا تحب إحراج الدولة الإتحادية بإخراج تلك
الوثائق للعلن، لأن البيع المفترض تم في عهد الشاه الموالي للغرب وإسرائيل وقبل
قيام الدولة الإتحادية. وإلاَّ لَكانت دولة الإمارات قد طلبت عونا خارجيا
لتحرير جزرها على غرار 'تحرير الكويت'.
فما الفرق؟ أليس كلاهما احتلالاً؟ فلماذا تحمست الإمارات مع غيرها لتحرير
الكويت ولم تُبْدِ الحماسَ نفسه للتنادي لتحرير جزرها؟ وثمة تساؤل أو سؤال
مشروع يدور في أذهان الكثيرين ألا وهو لماذا لم تضغط ولا تضغط حاليا دول الغرب
على إيران بتهديدها في الحد الأدنى- بغية إجبارها على الإنسحاب من الجزر، من
ناحية ولماذا لا توعز إلى دولة الإمارات بطلب مساعدة الغرب كما فعلت بالنسبة
لتحرير الكويت؟ صحــــيح أن مواقـــف الغرب إنتقائية و'مكيافيلية' تبعا لحجم
مصالحها بَيْدَ أن الوقت يبدو على الأقل مواتيا إقليميا وأمريكيا وإسرائيليا
وغربيا لتحرير الجزر نتيجة لِما يُعلـــنُ عن عداء الغرب لإيران النووية.
فلماذا لا تختبر دولة الإمارات ومعها المجلس الخليجي نوايا الغرب بقيادة
الولايات المتحدة الأمريكية وتطلب منها مساعدتها على تحرير الجزر لا سيما أن
المطالبات الإماراتية والخليجية السلمية مضى عليها أكثر من أربعين عاماً ولم
تُجْدِ نفعاً.