( 1) في قمة حكام دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في كانون الاول/ديسمبر
العام الماضي في الرياض القى الملك عبد الله ال سعود كلمة في الجلسة
الافتتاحية، والرأي عندي ان اهم ما جاء في خطاب الملك عبد الله دعوته الى تجاوز
مرحلة التنسيق بين حكام دول المجلس الى قيام اتحاد يضم هذه الدول. كان الملك
عبد العزيز المؤسس للدولة السعودية المعاصرة احد الزعماء العرب في عصره
المنادين بالوحدة العربية ولكل من الحكام العرب في ذلك الزمان الداعين للوحدة
اهدافه وليس هذا مقام تناول افكار ذلك العصر بالشرح والتحليل. ما اردت قوله
انها المرة الاولى في حدود معرفتي ان ينادي ملك السعودية احد ابناء الملك عبد
العزيز بالوحدة / الاتحاد بين دول الخليج العربي، ونحمد الله ان فكرة الوحدة او
الاتحاد لم تمح من فكر قادتنا رغم كل الجهود للنيل من الفكر الوحدوي، بل جد
اعداء الوحدة العربية في تشويه صورة الوحدة والنيل من دعاتها ووصفهم بابشع
الصفات واخبثها.
( 2 )
ان كل انصار الوحدة والداعين لها يقدمون الشكر والتقدير لخادم الحرمين الملك
عبد الله لدعوته الوحدوية / الاتحادية بين دول الخليج العربي، لكن نتمنى ان لا
تذهب هذه الدعوة مع الريح بعد ان انفض اجتماع القمة وتصبح فقرة في جدول اعماله
السنة القادمة دون اتخاذ خطوات فعالة لتفعيل هذه الدعوة. انطلاقا من ايماننا
بوحدة عربية تبدأ من دول الخليج العربي نود ان نؤكد ان قيام وحدة او اتحاد
تحتاج خطوات عملية مبنية على اسس علمية يقوم بصياغتها اهل الفكر والقلم
ويتبناها ويعملون على تنفيذها قادة دول المجلس.
في بادىء الامر تحتاج كل دولة من دول مجلس التعاون ـــ لكي نتجاوز مرحلة
التنسيق التي ثبت فشلها الى مرحلة الوحدة ــــ ان تقوم باصلاحات داخلية في كل
مناحي الحياة من اهم تلك الاصلاحات تفعيل دور الشورى / الديمقراطية عن طريق
ممثلين للشعب منتخبين وبكل شفافية دون تمييز طائفي او قبلي او عرقي او بيوتات،
تكون لهم صفة تمثيل الشعب وهم مصدر التشريع، الفصل بين الامارة والتجارة، ترسيخ
مبدأ المواطنة واعتبار المواطن شريك في صناعة القرار عبر ممثليه المنتخبين في
مجلس الشورى / البرلمان، وشريك في الثروة وله حرية الاختيار، كفالة حرية
التعبير عبر كل الوسائل المعلنة (صحافة، اذاعة، تلفاز، ... الخ او عبر الندوات
والمؤتمرات. العمل على استقلالية القضاء ونزاهته وعدم التدخل في ما يصدره
القضاة من احكام وتحصينهم من سلطة الحاكم. يكون التعيين في الوظائف القيادية
وغيرها مبنيا على الكفاءة وحسن السيرة والسلوك وليس على اسس طائفية او قبلية او
عائلية، القضاء على البطالة المقنعة والسافرة في كل دولة على حدة. يجب معالجة
خلل التركيبة السكانية في كل دولة بمفردها.
( 3 )
على المستوى دول المجلس، ونحن نمهد الطريق لقيام وحدة / اتحاد نحتاج الى توحيد
مناهج التعليم وخاصة مواد علم الاجتماع وخاصة مادتي التاريخ والجغرافيا، كل دول
مجلس التعاون تدين بالاسلام وتتعدد المذاهب ومن الواجب على فقهاء المذاهب
الاتفاق على مادة الدين التي يجب تدريسها في التعليم العام كل ذلك بهدف اضعاف
الانتماء الطائفي وترسيخ فكرة الوطن والمواطنة والمساواة بين الناس، يجب ان لا
نكون رهينة للتنازع الطائفي ففينا من يعتمد الفقه الحنبلي، وفينا المالكي
والشافعي والحنفي وفينا الاباضي والاسماعيلي والجعفري .ونعتمد مبدأ قرآنيا 'لا
اكراه في الدين .....' ان التعليم الديني الموحد في مراحل التعليم العام لكل
الطلاب في دول الخليج العربي امر في غاية الاهمية لان ذلك سيرسخ الوحدة الوطنية
ويمنع التجمع تحت مظلة الطائفة او المذهبية. اننا نحتاج الى حرية حركة المواطن
بين الدول الاعضاء ليس عن طريق حواجز الامن العام في المطارات والحدود اجعلونا
نتنقل بين هذه الدول كما ينتقل المواطن في الدولة الواحدة عبر مدنها دون توقف
ودون حواجز. نحتاج الى عملة واحدة الى جانب امور اخرى لتكرس الانتماء الوحدوي
بين الناس.
اخر القول: نريد ان نقول ان فكرة التنسيق بين دولنا لم تعد مجدية وثبت فشلها
الا في الامور الامنية، انه لا يوجد مستقبل لدولنا في ظل التكتلات الدولية وفي
محيطنا سباق نووي رهيب، ان كل اسلحتنا لم تعد مجدية يوجهها ويبرمجها اناس ليس
لهم انتماء لنا، ولاء لحضارتنا العربية وفي ظل سياسات دفاعية مختلفة، واخر
الدعاء ربنا وحد بيننا ولا تجعلنا عرضة لاعداء الوحدة والمشككين في جدواها انك
على كل شيء قدير.