في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية يلتقي قادة مجلس التعاون الستة في
قمتهم الـ 32 في ظل ظروف عربية غاية في الخطورة .
ان مهمة المشتغلين بالقلم في هذه الظروف العربية التي نمر بها تقتضي مصارحة
اصحاب القرار بكل وضوح حرصا منا نحن اصحاب القلم على استقرار وسلامة وسيادة
وكرامة الامة العربية عامة والخليج العربي خاصة. ان مهمتنا ليست الاشادة
والتبجيل بانجازات قادة مجلس التعاون فذلك تشهد به الحياة اليومية عبر وسائل
الاعلام الرسمي لكل دولة من دول المجلس.
في المجال الداخلي: نتطلع نحن ابناء الخليج العربي الى قمة المجلس المنعقدة في
الرياض ان تعيد النظر في كيفية التعامل مع قضايا الوطن والمواطن في الخليج
العربي، فالتعامل مع هذا المواطن عن طريق الاجهزة الامنية امر منكر من الجميع
فالعلاقات بين المواطن والحاكم يجب ان تكون علاقة ثقة لا علاقة خوف وتربص بهذا
المواطن. ان اشعار الانسان من قبل النظم الحاكمة بانه صاحب وطن 'المواطنة' وانه
شريك في سعادته وشقائه يحقق الاستقرار والامن لكل الاطراف .
ان المساواة والعدالة بين كافة مكونات المجتمع الخليجي ضرورة امنية كما هي
ضرورة وطنية. ان عدم المساواة والعدالة في الحقوق والواجبات يدفع الذين يشعرون
بالغبن الى التحزب، واللجوء الى القبلية والطائفية ليحتموا بها من قسوة النظام
السياسي وتحقيق مطالبه المشروعة الامر الذي سيقود الى مواجهات بين قوى الشعب
التي لا يمكن قهرها وقوة النظام القاتلة ومن هنا تقاد الدولة الى مواجهات قد لا
تحمد عقباها وقد يكون الوطن في متناول كل العابثين بامن امتنا العربية.
ان الاستبداد بالمال العام والجمع بين السلطة والتجارة امور مخلة بالامن
والاستقرار فالمال العام يجب المحافظة عليه وعدم انفاقه فيما لا يعود بفائدة
على الشعب كله ولا يجوز انفاقه في اي شكل الاعبر مؤسسات دستورية منتخبة كمجالس
الشورى المنتخبة او البرلمان حيثما وجد. نريد تحريم العمل التجاري على كل من
يشغل منصبا عاما، وديوان المظالم او ديوان المحاسبة والنائب العام في كل دولة
عليهم التحقق من ذلك، والتحقق من كل مكاسب تحققت لشاغلي المناصب العليا في
الدولة اوابنائهم او اقربائهم اثناء اداء الوظيفة. ان القضاء النزيه والمستقل
رافد امني للشعب والنظام السياسي وكذلك حرية الاعلام ليكون سلطة رقابية تعين
الحاكم على اكتشاف الفساد والمفسدين وتنبه الحاكم بانه ينزلق نحو جادة الفساد.
ان المشاركة من قبل المؤسسات الوطنية المنتخبة في صناعة القرارات السياسية
والتنموية والاستراتيجية تؤدي بالضرورة الى استقرار النظام السياسي وسلامة
الوطن من اي عدوان اجنبي او التهديد به من اجل الابتزاز. ان الاحداث التي حدثت
في السعودية والبحرين وعمان والكويت خلال هذا العام لم تكن لتحدث لو ان العدالة
والمساواة طبقت من قبل تلك الانظمة السياسية، ومن هنا نقول لاولئك الذين يشعرون
بالغبن وعدم المساواة ان الاحتماء بالطائفية او القبلية لن يحقق لهم مطالبهم
وانما الاحتماء بالوطن وليس بغيره. اريد التأكيد بان المجتمعات التي ذكرتها كل
مواطنيها دون تمييز يشعرون بان حقوقهم ومطالبهم السياسية والاجتماعية ليست
مستجابة من قبل تلك الانظمة وعلى ذلك كلهم متساوون في عدم العدالة والمساواة،
وعليه فان النظام السياسي في حاجة ماسة من اجل استقراره ان يجنح للاستجابة
لمطالب الشعب دون تردد ودون تمييز فالوطن للجميع والدين كله لله وحده.
في المجال الخارجي: دعوني اصارحكم بامر لم يعد سرا ان معظم دولكم متهمة بالعمل
على عدم الاستقرار في مصر بعد ثورة يناير وذلك بتمويل عصابات وجماعات بهدف
اثارة الفوضى وعدم الاستقرار كي يقال ان الثورات الشعبية شر على الاوطان وليست
خيرا لها. ان معظمكم متهم بانه يعمل لبقاء رجالات نظام حسني مبارك المخلوع في
الحكم وعدم الاستمرار في محاكمته كشرط لتقديم العون الاقتصادي لمصر فان صحت هذه
التهمة فانكم ترتكبون اثما عظيما، وموقف معظمكم من ثورة الشعب اليمني وحمايتكم
لعلي عبد الله صالح وافراد حكمه وعائلته لم يجد ترحيبا من غالبية الشعب اليمني
ولا الشعب العربي في كل اقطاره. ان حمايتكم له لم توقف جحافل حكمه من قتل
الابرياء في ساحات التغيير ولم تسترد الاموال المهربة الى الخارج من قبل النظام
المخلوع لصالح الشعب اليمني. ان بحثكم عن رجل واحد يحل في مركز علي عبد الله
صالح خطأ سياسي رهيب والبديل عن الفرد الواحد هو الشعب اليمني الشقيق كله هو
الضامن لامنكم واستقراركم ان احسنتم نصرته في التخلص من حكم علي واولاده
واسترداد حقوقه وكرامته.
اخر القول: حققوا العدالة والمساواة والحرية لمواطني الخليج العربي واحفظوا له
كرامته وكبرياءه ،انصروا الشعب المصري واعينوه لتحقيق حريته وكرامته، انصروا
الشعب اليمني في ثورته ضد الاستبداد وتحقيق حريته واختيار نظام حكمه اعينوا
الشعب السوري للخروج من مصيبته بعيدا عن التدخلات الاجنبية، انصروا وحدة العراق
قبل فوات الاوان.
القدس العربي