في 5 تشرين الثاني/نوفمبر أعلنت المملكة العربية السعودية عن سلسلة من
التغييرات التي لطالما انتُظرت بشغف وذلك اضطراراً بسبب وفاة ولي العهد الأمير
سلطان مؤخراً، الوريث الشرعي الذي خدم فترة طويلة كوزير للدفاع. لكن الإعلان
الرئيسي كان تعيين حاكم منطقة الرياض الأمير سلمان وزيراً للدفاع. وهكذا فقد
تخطت الوظيفة كلاً من نائب وزير الدفاع الأمير عبد الرحمن الذي "أُعفي" من
منصبه كجزء من إعادة الهيكلة، ونجل سلطان الأمير خالد مساعد وزير الدفاع
والرئيس الفعلي للوزارة خلال السنوات القليلة الماضية. ولذا فإن خالد الذي كان
أداء قواته ضعيفاً خلال القتال على طول الحدود مع اليمن في عام 2009 يجب عليه
الآن أن يرضى بمنصب نائب الوزير.
على أن دور وزير الدفاع في السعودية قوي جداً، وهو أيضاً -- على الأقل في
الماضي -- مُجز بشكل كبير على المستوى الشخصي. فالأرباح من العمولات على العديد
من المليارات التي يتم إنفاقها على عقود السلاح جعلت الأمير سلطان أحد أغنى
أثرياء العالم -- وهي الثروة التي يُقال إنه تقاسمها بسخاء مع أمراء ومسؤولين
وضباط عسكريين سعوديين آخرين.
كما أن دور الوزارة سيتعرض أيضاً للتقليص. فقد كانت تُعرف سابقاً باسم وزارة
الدفاع والطيران حيث شملت مسؤوليتها أيضاً "الخطوط الجوية العربية السعودية"
لكنها الآن أصبحت فقط وزارة الدفاع. أما خطوط طيران المملكة التي لديها أكثر من
ثمانين طائرة بوينغ سواء قيد التشغيل أو بانتظار وصولها فسوف تتبع الآن مؤسسة
مستقلة أنشئت مؤخراً باسم "الهيئة العامة للطيران المدني" التي سيترأسها الأمير
الصغير في السن الذي تحمل مسؤوليات مماثلة في وزارة الدفاع القديمة.
إن ترقية الأمير سلمان سوف تثبِّت سمعته كعاهل مستقبلي مرجح بعد الملك عبد الله
(البالغ من العمر ثمانية وثمانين عاما) وولي العهد الأمير نايف (ثمانية وسبعون
عاما). لكن سلمان نفسه هو في الخامسة والسبعين من عمره وصحته غير مستقرة. ورغم
العلاج الطبيعي إلا أن أحد ذراعيه ما يزال غير قابل للحركة بشكل كبير بعد تعرضه
لسكتة دماغية.
ومن المرجح أن يكون تعيين سلمان محل ترحيب في جميع أنحاء العالم، من قِبل أجيال
من السفراء الأجانب الذين خدموا في الرياض والذين رأوه بشكل عام أسهل من حيث
التعامل وذو نظرة مستقبلية أكثر حداثة من كبار الأمراء الآخرين. لكن هذه
"الحداثة" نسبية. فعندما وصل السفير الأمريكي روبرت جوردن إلى المملكة في تشرين
الأول/أكتوبر 2001 أكد له سلمان أن هجمات 11 أيلول/سبتمبر كانت "من تدبير
الصهاينة." وكان على السفير أن يطلب زيارة مقدمي التقارير من "وكالة المخابرات
المركزية" الأمريكية إلى السعودية لإقناع أفراد العائلة المالكة، بمن فيهم ولي
العهد في ذلك الحين الأمير عبد الله والأمير نايف بأن الواقع هو عكس ذلك (وقد
روى جوردون هذه القصة أثناء منتدى سياسي في معهد واشنطن في عام 2009
وفيما يتعلق بالسياسة الأمريكية يصبح سلمان الآن الرجل الرئيسي في المفاوضات
التفصيلية حول عقد الدفاع بقيمة 60 مليار دولار الذي تم التوصل إليه بين واشنطن
والرياض في العام الماضي. ويهدف الاتفاق إلى تعزيز الدفاعات التقليدية للمملكة
ضد شبح التهديد النووي الإيراني. وعلى الرغم من أنه من المقرر أن يتوجه جزءاً
كبيراً من المعدات، بما في ذلك مروحيات هجومية، إلى "الحرس الوطني السعودي" --
الذي يسيطر عليه نجل الملك عبد الله، الأمير مِتعب -- إلا أن سلمان سيكون
مسؤولاً عن استيعاب المواد الجديدة المنتظرة لصالح الجيش وسلاح الجو.
وحول سياسات العائلة المالكة التي غالباً ما تكون غير شفافة فإن تعيين سلمان
يكسر الاحتكار الذي احتفظ به سلطان وأقرب أقربائه لوزارة الدفاع مع الاحتفاظ
بها في ذات الوقت إقطاعية لمن يسمون بالأمراء السديريين (حيث كان سلمان شقيقاً
لسلطان). لكن التعيينات الأخيرة للصف الثاني من العائلة المالكة تُظهر أن
المنافسة لشغل المناصب العليا تحتدم بين أحفاد مؤسس المملكة الراحل ابن سعود.
فابنا الملك عبد الله متعب وعبد العزيز هما قائد الحرس الوطني السعودي ونائب
وزير الخارجية على التوالي. ونجلا الملك عبدالله، متعب وعبد العزيز هما قائد
"الحرس الوطني السعودي" ونائب وزير الخاردية على التوالي. وابنا نايف، محمد
وسعود هما نائب وزير الداخلية للأمن الداخلي ورئيس ديوان ولي العهد على
التوالي. وبالتأكيد سوف يسعى نجلا سلمان للحصول على ترقية. لكن الآن حيث توفي
والده ربما أصبح الأمير خالد مُهمَّشاً وهو المصير المعتاد للأبناء الآخرين
للملوك أو كبار الأمراء المتوفين.