gulfissueslogo
علي الشرياوي
بين لجنة التمزيق في حدث العوامية ولجنة التحقيق في أحداث ماسبيرو
علي الشرياوي

11-10-2011
" بعد هجوم الأقباط واشتباكهم مع الأمن المصري ، ننتظر بيان الداخلية المصرية لمعرفة لمن ولاء أقباط مصر؟؟؟؟ ، وننتظر خطبة شيخ الأزهر في مهاجمة عقائدهم ورموزهم الدينية وإخراجهم من الإنسانية والتنكيل بهم بل والمطالبة بإبادتهم أو إخراجهم من الأراضي المصرية" . هذا نص رسالة استلمتها من أخ يقارن أحداث ماسبيرو (القاهرة) وخطورتها وجسامتها، و يلمز لأحداث العوامية ومحدوديتها وما تجلى عنها من تبعات لا يمكن حصرها ذلك أن الراعي الرسمي لم يعلن بعد عن نواياه صريحة، ففي مصر سقط ما لا يقل عن 24 قتيلاً و أكثر من 320 جريح وخسائر مادية كبيرة .وتم على إثر الأحداث المأساوية تشكيل لجنة تحقيق لها سلطة عليا على الجميع يتم من خلالها تظهير الحقيقة وتحديد المسؤولية في اشتعالها والتي نتج عنها ما نتج ، وطالب البعض برحيل حكومة د. عصام شرف مع تحميلها المسؤولية في تلك الأحداث .
لم تشن الصحافة المصرية حربا على الأقباط ولا اعتبرتهم مسؤولين عن الأحداث ولا طلب من قياداتهم إثبات ولائهم ووطنيتهم ولم يتعرضوا للتهديد بالطرد من بلادهم ولم تتحرك الأجهزة الإعلامية في شن حرب على عقائدهم ورموزهم ولم يشارك الأزهر كمؤسسة دينية في النيل من الأقباط ويعبِئ الرأي العام ضدهم في خطبة الجمعة ولا قام مفتي الديار المصرية بدور تحريضي ، في حين على خلفية ما جرى في العوامية تشكل لجنة تقطيع للوطن تقوم على التعبئة الطائفية وبث الكراهية والقطيعة مع طيف كبير من المواطنين تقود تلك اللجنة المكينة الإعلامية عمادها بيان وزارة الداخلية الصادر ليلة الحدث مستعينة بالمؤسسة الدينية الرسمية التي كررت بيان الداخلية بصياغة دينية تفوح منها رائحة طائفية وتوجها الحذيفي بخطبته العصماء عن الخطر الرافضي ، في حين أكد المفتي " إن الإسلام ما نُكب طوال تاريخه إلا من خلالهم، فهم أصحاب المنطق السيئ والعداء لدين الله " مشــيراً إلى حقدهم وأهدافهم الخبيثة ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه لقنوات الفتنة الطائفية الفضائية التي وجدت ضالتها في الحدث لتصطاد في ماء عكرة مستفيدة من الشحن الطائفي ضد مواطنو المنطقة، فعلى مدى أسبوع أتحفتنا الصحافة السعودية بعدد يستعصي على الحصر من المقالات والتحقيقات عن أخطار وعواقب حدث العوامية ، والذي شكك في الرواية الرسمية الكثير من المطلعين على تراتبية الأحداث في ذلك اليوم . تلك التغطية الصحفية المتميزة تثير الكثير من علامات الاستفهام من مهنية الإعلام السعودي وعن مصادر المعلومات التي ارتكزت عليها المقالات والتحقيقات خاصة فيما يتعلق بـ " أن خلفها دولة خارجية " وأن من شاركوا في حدث العوامية عملاء لتلك الدولة ، فمتى وكيف تحقق كل أولئك من المعلومات التي تثبت ولاء "مثيري الفتنة" على حد وصفهم ؟؟
أليس في كيل التهم دون أدلة وبراهين مما يعاقب عليه الشرع الحنيف ؟؟
غير أن المؤكد أنهم استلهموا بيان وزارة الداخلية كنص لا يرقى له الشك واعتمدوه في نصوصهم والتي يمكن أن يعاقب عليها في الدول التي لصحافتها مصداقية ، وإن كال أحدهم تهمة دون دليل كان عرضة للمساءلة ، إضافة كون الداخلية طرف في الحادث ، ويمكن أن أنقض بيان الداخلية بعبارة في صحيفة الحياة السعودية نصها " تقول التجارب إن الحديث عن مؤامرة خارجية هو الحل الأسهل الذي يعفي أي سلطة من مواجهة الحقيقة. وإن أنظمة كثيرة عاشت على هذه اللعبة واستخدمتها لتبرير القهر والاستبداد. وجعلت من مطالبة أي مواطن بالكرامة أو الحقوق ضلوعاً في المؤامرة الخارجية" غسان شربل - أوطاننا المريضة - الثلاثاء, 11 أكتوبر 2011 .
فكل ما كان يرجى بعد حادثة العوامية بدل التجييش الإعلامي أن تشكل لجنة تحقيق في الحادث رغم أن الكثير من المواطنين يعتريه الشك في مصداقيتها بسبب استقلالية اللجنة من عدمها ولكنها بمشاركة جمعية حقوق الإنسان وعضوية أعضاء من مجلس الشورى ممن يثق بهم المواطن قد تجد لها موطئ قدم وقبول من جميع الأطراف،فما وصلنا  إليه من تخوين وتبعية وتشكيك في وطنية طائفة بأكملها وعقائدهم وما تبعها من حرب استقطاب إذ من ليس معنا فهو ضدنا جميع ذلك وأكثر لا يصب في مصلحة لا الوطن ولا المواطن .
يا عقلاء الوطن إن إحداث القطيعة وبث الكراهية لا تحتاج إلى جهد كبير لكنها بالتأكيد تستطيع أن تهدم الكثير من مكونات الوطن .
 

copy_r