19-09-2011
'مجلس التعاون الخليجي' كما ينظر إليه الخليجيون الواقعون ' قسراً' خارج
جاذبية الإستفادة ( أو التمصلح ) من وجوده، و الذين - حسبما يُلاحظ - يشكلون
السواد الأعظم من شعوب ( الخليج العربي ) أو ما يمكن أن يُطلقَ عليهم ' بخليجيي
الهامش ' على أنه تعاون بــــين الحكـــام و في الأغلب الأعم يتصور الكثيرون من
' خليجيي الهامــــش ' مثل هذا التعاون أحياناً فيما بينهم على الشعوب و ليس
تعاونا بينهم لصالح الشعوب. ولذلك تجد كثيراً من الخليجيين يتهكمون همساً
وجهراً على المجلس نتيجة كما يبدو لخيبة أملهم فيه وإحباطهم من تصرفاته بنعته
مثلاً 'بمجلس التهاون' والمقصود التهاون في حق الشعوب.
ولهذا السبب بالذات كما يبدو للمتابع فإن الهاجس الأمني والتعاون بصدده كان وما
يزال هوالطاغي على اجتماعات المجلس واهتماماته، وقلَّما تم رصد هاجس أو اهتمام
حقيقي واقعي أبداهُ المجلس بشأن من شؤون شعوب المنطقة، وإنْ تم ذلك فهو في إطار
خدمة الهاجس الأمني نفسه، وإن كنا لا ندَّعي أن الشعوب لا تستفيد من اهتمام
المجلس بتوفير البيئة الأمنية والتي ينتج عنها الأمان الضروري للعيش المستقر
غير أنها تصب أولا وأخيراً كما يستنتج الكثير من ' خليحيي الهامش ' في خدمة أمن
الحكومات.
وليس من ريب أو من شك ( باعتبار أن الشك جزء من الريب ) في أن - بالمقارنة -
فإن الخليجيين في معظم أقطار ( الخليج العربي ) يعيشون في أمن وأمان وفي عيش
كريم وإن كان مشروطا بدرجات متفاوتة - بأنْ لا يُقلقوا البحيرة السياسة بإلقاء
حجارة فيها ينجم عنها نشوء فقاعات ونتوءات على سطحها.ولعل الأسوأ ربما من ذلك
من وجهة نظر ' خليجيي الهامش ' أن القيمين عليه ( أو الوكلاء ) ما يفتأونَ -
برغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على إنشائه ( أو فرْضه ) - باقون على اقتناعهم أو
قناعتهم بأن شعوب المنطقة أو ' خليجيو الهامش ' ما يزالون قُصّراً ولمَّا
يبلغوا بعدُ سنَّ الرشد السياسي، الذي يمكن أن يؤهلهم للإفتاء حول أو التصويت
على سياسات المجلس وبالأخص تلك المتعلقة بأرزاقهم ومستقبل أجيالهم، والذي يمكن
إنْ تحقق أن يكون رافدا شعبيا إستراتيجيا مهما للمجلس بإكسابه سمعة عالمية
وصدقية ولاسيما عند التكتلات الكبرى كالإتحاد الأوروبي، الذي عادة ما يطرح
مقترحاته للإستفتاء الشعبي العام ولا تمر تلك المقترحات ولا تعتبر سياساته أو
قراراته نافذة ولا يمكن لها أن تعبر إلا من خلال موافقة الشعوب.إن الكثيرين حول
العالم يدركون جيداً مدى الوعي السياسي الذي يتمتع به الكثير من ' خليجيي
الهامش ' وفيهم خبرات عالمية ملفتة للنظر وهو على النقيض تماماً من رأي بعض
حكام المجلس في من فرضوا عليهم أن يكونوا ' خليجيي الهامش'.
ونظرة بعض حكومات المجلس القاصرة نفسها والمغرضة إزاء المواطنين الخليجيين
الواعين سياسيا وثقافيا من بين ' خليجيي الهامش ' تدين بعض تلك الحكومات تماماً
وتعريها أمام الملأ. إذ أنهم ووزراؤهم بمناسبة أو من غير مناسبة يصرحون أن
سياساتهم التعليمية مستنيرة وأن أعداد الخريجين الجامعيين في تزايد و أنهم
ينفقون ميزانيات ضخمة على التعليم وما إلى ذلك من كلام لا نزعم أن كله غير
دقيق.
وإن كان المستهدف منه هو الخارج لأغلاض (البروباغاندا ) ومع ذلك فإن هؤلاء
وأولئك المتعلمين المستنيرين مهمشون ومُقصوْنَ عن المشاركة في اتخاذ القرار، أو
على أقل تقدير إستمزاج آرائهم حول مشاريع المجلس السياسية، من خلال آلية
محـــددة كوسائل الإعلام مثلاً، لقياس درجة ' الرأي العام ' وبالمناسبة فإن '
الرأي العام ' مفهوم غير موجود أو منفي كلياًّ من قاموس مصطلاحات المجلس.
وانعكاسا لكل ذلك وأكثر منه فقد تنادت حكومتا دولة قطر وسلطنة عمان أكثر من مرة
لإحداث إصلاحات في مسار المجلس للتخفيف من الإحتقان الشعبي الخليجي تجاه
المجلس، بَيْدَ أن تلك المناداةَ جابهت كما تنبىء تسريبات من أروقة المجلس
عقباتٍ كأداءَ من دول أعضاء يروق لها كما يبدو ديمومة واستمرارية الصورة
الأوتوقراطية للمجلس. صحيح أن ' المجلس الخليجي ' ليس ديمقراطيا، وهذه المعلومة
ليست سراً يُنشر لأول مرة فهو لم يتم إنتخابه أو التصويت على إنشائه من قِبَلِ
شعوب منطقة الخليج العربي كونُهُ إفرازا طبيعيا لبلدانها الأعضاء و مؤسساتها أو
أنظمتها الأوتقراطية غير المنتخبة ديمقراطيا، و افتراض أن المجلس أوعز إنشاؤه
لحكومات المنطقة في بداية حقبة الثمانينات من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية
و بريطانيا على وجه خاص هو افتراض له أرضية من الواقع بل و يذهب الإفتراض ذاته
إلى أن ' اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة' (الإيباك) أوعزت
بدورها لحكومتي واشنطن و لندن بالتنسيق مع الردهة أو اللوبي اليهودي الإسرائيلي
الصهيوني في بريطانيا باقتراح ( وهنا يعني الإملاء ) بتأسيس مجلس أطلق عليه عام
واحد و ثمانين وتسعمائة و ألف إسم ' مجلس التعاون الخليجي' و الهدف منه كان عزل
أغنى بقعة في العالم بالنفط و أكثرها إستراتيجية للأمن الإسرائيلي و للمصالح
الغربية و لا سيما الأمريكية و البريطانية عن الحرب الضروس الطاحنة بين العراق-
صدام حسين وإيران الخميني و التي هي من الأساس من تدبير ' إسرائيل' بالتنسيق و
التعاون مع (الإيباك) و دول الغرب و خاصة الولايات المتحدة الأمريكية و
بريطانيا كما كشفت بعد ذلك بسنوات كتب و تقارير كثيرة منها على سبيل المثال لا
الحصر ما كتبه (جون ميرشيمار و ستيفن وُلت) في كتابهما الرائد ' اللوبي
الإسرائيلي والسياسة الأمريكية الخارجية'.
و كان الهدف طبعا هو إضعاف كلا الدولتين الإقليميتين لصالح الأمن
الإسرائيلي.إذن كل ذلك يبدو صحيحا بدرجة أو بأخرى و لكنْ....أن يستمر المجلس في
الإمعان في تهميش و إقصاء 'خليجيي الهامش' و بالتحديد من خلال خطوته الأخيرة
باقتراح ضم مملكتي الأردن و المغرب إلى ممالك الخليج العربي و إمهال المملكتين
خمس سنوات يقوم المجلس بدعمهما إقتصاديا من غير أن يُطرح أمر جلل كهذا على '
خليجيي الهامش ' للإستفتاء العام ككل بلدان ' الأوادم' المتحضرة و التكتلات
الإقتصادية العالمية خاصة أن فيه مسًّا مباشرا بأرزاقهم و حياتهم و مستقبل
أبنائهم و أجيالهم المقبلة. الكثير من ' خليجيي الهامــــش ' يجادلون أن فشل
البرامج الإقتصادية الأردنية و المغربية سببها المباشر هو إخفاق حكومتي البلدين
و ليست حكومات المجلس مسؤولة عن ذلك الإخفاق و ليس ' خليجيو الهامش ' فلماذا
إذن، سيتم إقتطاع المليارات من الدولارات على مدى السنوات الخمـــس المقبــلة
من أرزاق و معيشة ' خليجيي الهامش ' لشعبي البلدين و من سيضمن أن ذلك الدعم
سيذهب للأشـــقاء من نظرائهم ' أردنيي و مغاربة الهامش ' و هو أمر مرحَّب به
لكرم أهل الخليــــج و حبــــهم لأشقائهم العرب و المسلمين و أنه لن يذهب
لجيــــوب مسؤولي البلدين في وقت تتزايد الأخبار و التقارير من ' ويكيليكس' و
غيرها عن الفساد الإداري و المالي في الأردن و المغرب. و هذا تخوف مشروع و شرعي
من ' خليجيي الهامــش ' تجاه أشقائهم في الأردن و المغرب.