gulfissueslogo
د.توفيق السيف
د.السيف :السعودية قد تواجه انهيارا شاملا في حال التلكؤ في القيام بإصلاحات سياسية
د.توفيق السيف

قال المفكر السياسي الدكتور توفيق السيف ان دول الخليج ليست في منأى عن تأثير الثورات العربية وأن السعودية مضطرة لاجراء اصلاحات سياسية "كبيرة جدا ومؤلمة.. وإلا فقد تواجه انهيارا شاملا".
واشار في لقاء سابق على "قناة الحرة" ان دول الخليج ليست في منأى عن الربيع العربي "وقد تأثر الخليجيون جدا بهذا المناخ".
وشدد السيف خلال برنامج "حديث الخليج" الذي يعده ويقدمه سليمان الهتلان بأن منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي تغير بعد الثورة التونسية ولن يعود إلى سابق عهده.
نص اللقاء:
في مقال لك نشر في جريدة عكاظ عن اللبرالية وتوق الانسان للتحرر في 02/12/2010 في مقدمته لو أردنا ان نلخص تاريخ الانسان منذ بدايته وحتى اليوم في جملة واحدة لقلنا انه كفاح لاجل التحرر والانعتاق هل هذه الجملة كافية لتلخيص الثورات العربية المعاصرة؟


هي كافية لتلخيص تاريخ البشر كله اعتقد حقيقة الانسان منذ طفولته بشكل غريزي وطبيعي يسعى للتحرر من القيود التي تقيده، الفقر والجهل والمرض والطغيان السياسي كلها قيود تقيد حركة الانسان، اذا تعلم الانسان يتحرر اذا استغنى يتحرر اذا تخلص من الطغيان السياسي يتحرر، الانسان يسعى الى الانعتاق يسعى الى اخراج افضل ما فيه يسعى الى تجاوز قدراته حدوده الجسدية قدراته المادية الانسان بشكل دائم هو اكبر من حجمه الجسدي اكبر من حجمه المادي والانسان يسعى الى بلوغ ذلك الحجم الحقيقي الذي هو اكبر من الحجم المادي البشرية الكشوفات الاختراعات السفر التعلم التجارب اللغة الصراعات الحروب السعي الى المال كلها محاولات للخروج من الحدود الضيقة التي هو فيها الانعتاق والتحرر.


نعم ولكن اذا طبقنا هذه المقولة على ما شهده الشارع العربي في الاشهر الماضية هل هناك اسباب فكرية غير البعد الاقتصادي الذي نتحدث عنه الكثير كتحليل سياسي لما يحدث اليوم في الشارع ما هي في ظنك ابرز المسببات او التراكمات التي قادت ما نشهده اليوم من حراك؟
انقل عن استاذنا الدكتور توكيل حمد كلام خلاصته واظن ان اصله ذكره جنجاك كوسوه المفكر الفرنسي المعروف يقول ان الفقر بمفرده لا يفجر ثورة، هنالك الملاين من الفقراء لا يسعون للثورة ولكن الاحساس السياسي للفقر يعني شعور الانسان ان هذا الفقر هو جزء من بنية النظام وانه لا يمكن ان يتخلص من حالة الفقر مع وجود هذا التنظيم السياسي الذي يعيش في ظله، هذا هو الفقر الذي يفجر الثورة مجرد وجود الفقر لا يفجر ثورة لذلك اقول ان وجود الفقر في العالم العربي، انخفاض المستوى المعيشي لم يكن بمفرده كافيا لتفجير الثورة، شعور الناس انهم يستطيعون تغير حالهم وكون هذا النظام يمنعهم من تغير حالهم بانفسهم يعني بحسب تعبيرنا لا يرحم ولا يخلي رحمة الله تنزل عليك، هذا الذي يجعلهم يشعرون ان الفقر مشكلة سياسية وليست اقتصادية.


نعم لكن في بعدها كظاهرة وبعدها الفلسفي ان قلت لي الربيع العربي بعتبارها ظاهرة ماهي هذه الظاهرة وكيف نفسرها؟


يعني نحن نحاول ان نصف ما يحدث لما هنا ويمكن في تفسيره ان نختلف مع اخرين لكن الحركات الاجتماعية والتحولات الاجتماعية هي عبارة بسيطة عن ظواهر تحل محل النسق العام الساكن يعني على سبيل المثال منذ 1974 الى 1979 كان لدينا الظاهرة الاسلامية الاسلام السياسي بداية بما سمية الصحوة الاسلامية الذي مع انصار الثورة الاسلامية في ايران سنة79 هذه الظاهرة استمرت ثم بدأت تنزل الى 1991 احتلال الكويت بدأت ظاهرة جديدة في بواكيرها صغيرة محصورة على النخبة وهي محاولة طرح اللبرالية كبديل الى الاسلام السياسي، طبعا ليس عن الاسلام كدين بل عن التصور السياسي للاسلام الذي كان مطروحا في الثورة الاسلامية في ايران وما جاء انعكاس لها بعد 2001 الهجوم على نيويورك 2003 بشكل محدد بدأت محاولة التخلص من اعباء الاسلام السياسي اذا صح التعبير كان لدينا بديل الذي هو اللبرالية التي تتمثل بشكل ملخص في الحريات المدنية والشخصية والمشاركة الشعبية والانتخاب كوسيلة لنيل المشروعية السياسية وكان لدينا شعور للحاجة الى الخلاص من عبء اسمه الطابع التي هي الاسلام السياسي اننا كلنا مجبورون ان نكون سياسيين اسلامين لانا مسلمين.


يعني ان هذا المشروع كان سيد المشهد في وقت من الاوقات وكانوا هم من يقود الحدث بهذا الخطاب..
المشكلة ان كل واحد بدا يشعر انه حتى يصبح متدين حقيقة او مسلم حقيقة يجب ان يؤمن بالمنظور السياسي الذي طرحه التيار الاسلامي وسمية بالاسلام السياسي من 2003 بدأ الناس يتخلصون من هذه الملازمة، يعني بدأ الناس يشهر انه قادر على ان يكون ومتدينا جدا ولبراليا جدا لا يشعر بالتناقض بينهما فأصبحنا نستطيع ان نتحدث عن الحرية بعتبارها قيمة مستقلة عن الديموقراطية بعتباره مبدأ مستقل لا يتناقص مع الاسلام ولا نشعر لنحتاج الى تبربر عدم تعارضه للاسلام، اما الربيع العربي فهو ظاهرة جديدة متصلة بحد كبير بما قبلها.


هذا السؤال الذي كنت اريد ان اطرحه كان البعض مثلا من التيار ما سمي بالصحوة الاسلامية ربما يريد ان يزعم انما حدث هو من تراكمات خطابه السياسي والاسلام السياسي هيأ لها في المقابل ايضا دعاة الديموقراطية واللبرالية في المنطقة يقولون هذا حصادنا بينما ربما مراقب اخر يقول الربيع العربي ورواد الربيع العربي وبداياته وانطلاقاته ورموزه ربما انه خارج عن هاذين الحراكين بمعنا انه بين قوسين الشارع العربي خرج ليعبر بتلقائه عن رغبته للتحرر من قيود الفقر والاستبداد.... الخ اليست انتهازية من بعض التيارات انها تزعم انها كانت المسبب لربيع العربي؟


اظن انهما سؤالان مختلفان السؤال هل كان الربيع العربي حركة شعبية نعم هي بالطبع حركة شعبية متأثرة بمجموع التنظيمات السياسية والاعمال السياسية اليسارية واللبرالية والاسلامية، لابد انها كانت متأثرة هل هذه التنظيمات هي التي حركت الشارع العربي انا اظن لا ليست هي التي حركت الشارع العربي ولو كانت هي التي لستطاعت بأن تتنبأ انه سيحدث لكننا نعلم ان احدا لم يتنبأ، واحد اصدقائي كان في سبتمبر او في نوفمبر 2010يعني قبل انتفاضة تونس بشهرين على اكثر التقادير لا اذكر التاريخ بالضبط، التقى هنالك الشيخ راشد الغنوشي الاستاذ المعروف والزعيم الاسلامي التونسي فكان محبطا جدا يعني يشعر ان الوضع في تونس لا امل فيه يعني قبل شهرين من الثورة لم يكن يتوقع ثورة لا بل ويعتقد ان الثورة مستحيلة ففي الحقيقة هذا مثال والاستاذ الغنوشي هو من الصادقين بالمناسبة.


اذا كان الغنوشي من قبل شهرين لم يتوقع لكن الا تعذر امثال راشد الغنوشي الاسلام السياسي حتى التيار اللبرالي لانه هذه انتهازية سياسية لقطف ثمار جهد الشباب الذين ضحو بدمائهم في الشارع؟


هذا السؤال الثاني حينما تحدث ثورة شعبية او حين يظهر مركز استقطاب او نقطة استقطاب والثورات الشعبية من نقاط الاستقطاب الهائلة الكبيرة جدا كل الناس يتجهون الى هذا القطب يتجهون اليه لانهم يريدون تغير المسار الذي اعتادوا عليه يعني اعتقد ان الاخوان المسلمين في مصر مثلتا اليوم مختلفين عن الاخوان المسلمين قبل الثورة سياسية وثقافية، ربما اشخاصهم وتنظيماتهم هو نفسه ولكن توجهاتهم وسياساتهم ستكون بالقطع مختلفة كذلك حركة النهضة في تونس ستكون مختلفة تماما عن تلك التي سادت في المشهد قبل الثورة لان الثورة كنقطة استقطاب تجبر الانسان على ان يتخذ موقفا جديدا واذا اتخذ الانسان موقف جديدا فسيشعر هو للحاجة الى تبريره ثقافية سيغير ثقافته تبعا لها، اريد فقط الى ان اشير الى نقطة عكسية نتحدث عنها نحن نظن او بعض الناس تظن ان الانسان يغير افكاره ثم يغير مواقفه ثم ينتهي الى جهة او يبتعد عن جهة، المسألة بالعكس حينما توجد نقطة استقطاب تجبر الناس على تغير مواقفهم فإذا غيروا مواقفهم يشعرون للحاجة الى تبرير ثقافي فيغيرون ثقافتهم، العاقل هو الذي يغير المواقف وليس العكس هذا ما يحدث في السياسة في الاغلب.


البعض بما اننا نتحدث عن الظاهر ينتقد هذه الظاهرة ويشكك في الربيع العربي بإعتبار انه لا توجد قيادات شعبية لهذا الحراك ماذا تقول انت؟


اقول ان احيانا نحتاج الى قائد واحيانا نحتاج الى فكرة قائدة، الفكرة القائدة تفرز لنا قادة يمكن ان يكون بعضهم جيد وبعضهم غير جيد بعضهم يواصلون وبعضهم يسقطون ولكن الافكار القائدة تنتج قادة ولا شك ان في مصر اليوم ستنتج عشرات من القادة الذين لم نعرفهم ابدا من قبل شهرين او ثلاثة اشهر ربما لا يزال الوقت مبكرا لإكتشافهم جميعا واحدا واحدا ولكن نذكر مثلا قادة الثورة الاسلامية في ايران 1979 من كان يعرفهم لا احد يعرفهم، قادة العراق قبل 2003 من كان يعرفهم؟ الثورات الافكار القائدة تنتج قادة ولكن اعطيهم وقت قليل وستعرف الكثير منهم.


ما هو مقياس نجاح الثورة؟


في تحقيق اهدافها الاساسية الهدف الاساسي بالنسبة الى ثورة مثل ثورة مصر وتونس هو جعل الشعب سيد الموقف اذا اصبح الشعب هو الحاكم يعني اصبحت الحكومة ممثلا حقيقيا للشعب عند اذن ستكون قد نجحت.


لكن لابد للثورة ان تنجح؟


لا بعض الثورات لا تنجح ولكن الثورة تحدث فرقا يعني حتى الثورات التي فشلت مثل ثورة طلاب 1968 في فرنسا لم تستطع تغير النظام السياسي لكنها غيرت فرنسا كلها، غيرت ثقافة الفرنسيين غيرت النظام الاجتماعي....... ساعدت على خروج فرنسا من وضعها كدولة استعمارية، على سبيل المثال الثورات تغير، ثورة يان ينج في الصين غيرت كثيرا داخل الصين لكن بقي الحزب الشيوعي الحاكم.
نعم وهذا يقود الى سؤال هنالك البعض في الاعلام العربي على الاقل من يريد ان ان يختزن الثورة او الربيع العربي في بعض الفوضى التي نشهدها في الشوارع العربية في بعض المظاهر التي لم تكتم وكأن الثورة لابد ان تحقق نظام ديمقراطي بين ليلة وضحاها وبالتالي نتخلص من ارث اربيعن خمسين سنة من الاستبداد؟


الذي اراه انا هنالك صراع على الرموز، في مصر مثلا يريدون ان يحاكم حسني مبارك لان وجود حسني مبارك يمثل الوجود الرمزي لنظام عمره ستون عاما، وجود الجيش في السياسة وجود قادة الجيش كحكام على هذا الشعب هم يريدون ان يحاكموا هذا الرمز هذه الفكرة هذا الزمن الذي هو يختفي وراء هذا الرمز.. اليمن مثلا يريدون خروج علي صالح مع انهم سيقبلون بالتأكيد اشخاص كثيرين من معاوني علي صالح لانهم يريدون ضرب الرمز يريدون التخلص من مشروعية لا تنتمي الى الحاضر مشروعية قديمة، ما حصل في تونس من الرغبة في محاكمة بن علي او طرد بن علي وعائلته، كذلك هي محاولة لتصفية رموز.. هنالك الان ما يمكن ان نصفه بالحرب على الرموز لان الناس فعلا تريد ان تشعر بالخلاص تريد ان تشعر انها استراحت من الماضي في الحاضر.


ولكن في المقابل هنالك من يخشى ان تقوم فكرة الثورة في انتقامات شخصية فردية، بمعني انه ماذا نتعلم كمجتمع من الثورة كيف يمكن ان تؤثر على قناعاتنا على تفكيرنا على رؤيتنا على مفاهيمنا. المفروض ان الثورة تدعمها ديمقراطيا هل الشعور العربية اليوم في ظنك وقراءتك يعني ما الذي يمكن ان نستفيده كجماعات من ما نسميه اليوم بالربيع العربي؟


اذا اردنا ان نفكر بشكل مثالي اذا حتى المجرمين السابقين هم جزء من الشعب ويجب ان يتمتعوا بنفس الحقوق التي يتمتع بها باقي الشعب لكن من الناحية الواقعية هم لا يقبلون بهذا الشيء هم لا يقبلون ان يكونوا من هذا الشعب يريدون دوما ان يكونوا سادة وفوق القانون، لذلك قد يشعر الانسان بتعاطف انا شخصيا اشعر بتعاطف مع من يريدون تصفية النظام القديم بكل رموزه واشخاصه مع انه على المستوى النظري هم جزء من الشعب ولهم حقوق كما للثوار حقوق.


ايضا هو ليس بتبرير لكن اليسوا هم من نتاج ثقافة اجتماعية وسياسية وفكرية سادت في العالم العربي على مدة مئة سنة؟


على أي حال هم جزء من الشعب والشعب يستمد حقه في المشاركة من كونه مالكا لهذه الارض ليس لانه جيد او سيء حتى الشعب السيء هو يملك الارض لذلك هو له الحق في اتخاذ القرارات والمشاركة بالقرارات اللتي تتعلق بأرضه حتى لو كان سيء حتى لو كان عميلا حتى لو كان لصا، حقوق الناس في المشاركة السياسية مستمدة من كونهم مالكين لارضهم وليس من كونهم جيدين او سيئين، الذين حكموا هذه السنوات وكانو سيئين هم جزء من الشعب الذين يملكون ارضه ولهم نفس الحقوق هذا في التصور المثالي.


لكن المؤكد ان اليوم العالم العربي تغير ليس ما كان قبل خمسة سبعة اشهر؟


يعني ما بعد ديسمبر 2010 لن يكون كما قبل ديسمبر 2010 هذا شيء قطعي بلا جدال ليس فقط العالم العربي بل الشرق الاوسط ككل.
الدكتور توفيق السيف في 2 مارس 2009 القيت محاضرة عن الديمقراطية في الاسلام في منتدى سيهات الثقافي لديك ايضا كتاب اسمه الديمقراطية في بلد مسلم السؤال لمذا ننشد الديمقراطية في الدول الاسلامية، يعود الى سؤال قديم هو الاسلام والديمقراطية؟
التراث السياسي في الاسلام فقير جدا حين ما تقرأ في كتب التراث الاسلامي بما فيها الكتب التي كتبت في السنوات الاخيرة تجد ان تصورها للسياسة تصور بسيط جدا هم يلخصون الدولة في الحاكم دائما يتكلمون عن صفات الحاكم عادات الحاكم كيفية انتخاب الحاكم، لا يفكرون في الدولة كمؤسسة ولا يفكرون في البلد في المجتمع السياسي كمنظومة. في الوقت الراهن نحن لا نفكر في الحاكم ولا يهمنا الحاكم نحن نتحدث عن نظام سياسي نتحدث عن فلسفة سياسية فلسة يعمل عليها النظام السياسي نتحدث عن مؤسسة عاملة وليس كاشخاص، هذه المسألة فكرة ان الدولة هي مؤسسة غير موجود كليا في التراث السياسي الاسلامي لذالك عندما يتكلموا عن الديمقراطيا دائما يجدوها غريبة لان الديمقراطية عبارة عن مبدأ قابل للتطبيق عن مؤسسة في منظومة اجتماعية كبيرة اسمها المجتمع السياسي الديمقراطي، لا فائدة من الجدل هل الاسلام يقبل الديمقراطية هذا جدل لا طائل منه لاننا نتحدث عن منظومتين مختلفتين الان هل نحن كمسلمين هل نستطيع ان نصنع مؤسسة سياسية جديدة تنتمي الينا كمسلمين تنتمي الى افكارنا وتطلعاتنا؟ الجواب نعم نحن نستطيع ذلك وسيكون اسلاميا سيكون مقبولا في الاسلام عند ذاك هل نستطيع ان نختار مبدأ ديمقراطية مبدا الحرية نعم نستطيع اختيارهما.


دعني اسألك عن كتابك رجل السياسية دليل في الحكم الرشيد تقول ان الانتقال الى الحداثة يتجسد على نحو ملموس من خلال تغير انماط الحياة على صعيد العلاقات الاجتماعية واللغة والسلوكيات الشخصية، مازال الخطاب الديني التكفيري موجود بيننا كيف نتكلم عن الحداثة هل نسبق الزمن بتحدثنا عن الحداثة ام ان مجتمعاتنا ربما الربيع العربي قفز بنا فكريا قفزة فكريا حتى نستطيع جدا ان نتحدث عن هذه المفاهيم؟
انا اظن اننا في الخليج بشكل خاص وربما في السعودية بشكل اخص نبالغ في تقدير القوى المضادة للحداثة هم يعادون فكرة عمل المرأة، حقوق المراة، حرية الراي، تعدد الطوائف والمذاهب، تعدد الثقافات، ونظن ان معاداتهم لذلك هي التي تعيق التحرك. انا اظن انا تؤثر بصورة من الصور ولكن ما يعيق التغير الى الحداثة ليس التيار الديني اذا اعتبرناه كذالك فنح نبالغ في اهمية مواقفه.


من يؤثر اكثر، القرار السياسي؟


نعم انا اعتقد ان السياسة هي التي تعيق فعليا لكن هنالك حراك على مسارين متوازين حراك على المستوى المجتمعي سريع، المجتمع السعودي والخليجي يتطور سريعا بإتجاه الحداثة ويحدث نفسه واحيانا يحقق مطالبه بيده والحراك على المستوى الرسمي بطيء جدا. انا كنت آتي بامثلة مجتمع يطالب بحرية التعبير على سبيل المثال، الدولة لا تعطي رخص الى جرايد جديد وقنوات ومع ذلك لدينا الان ما لا يقل عن خمسة واربيعن قناة مستقلة غير القنوات التي هي جزء من مجموعات تجارية كبيرة، من هذه الخمس والااربيعن قناة هنالك على الاقل خمسىة عشر تبث من داخل الاراضي السعودية وكلها ليس لديها تراخيص، هي ممنوعه حسب القانون لكن لم يأتي احد واقفل مكاتبها ولم ياتي احد ويعطيها تراخيص فهي في المنطقة الرمادية لاهي قانونية ولا هي غير قانونية.


اقول لان المجتمع يسعى الى نيل حقوقه المجتمع يتطور بإتجاه الحداثة، التنظيمات السياسية والمهنية ليست مسموحة ولكن لدينا 200 منظمة حرفية بين سياسية بين ثقافية.. الخ هذا يدل على ان المجتمع يتطور على سياق مستقل لذلك قد نبالغ بقولنا ان التيار الديني قد اوقف او قد اعاق الحداثة الحداثة متقدما.


الربيع العربي هل يمكن ان يعزز الخطاب المدني هل يمكن ان نشهد خطاب جديد على ضوء الثورات العربية؟


هو فعل ذلك فعلا يعني الثورة الشعبية التي سادت العالم العربي غيرت اللغة السياسية الشعبية لعلي ذكرت لك هذا المثال عبارة الثورة الشعبية فتش في جميع ادبيات التيار الديني السلفي قبل 2010 لن تجد مفردة الثورة الشعبية في أي مكان، الان كلهم يتحدثون عن الثورة الشعبية، فكرة المشاركة الشعبية فكرة الحريات العامة فكرة سيادة القانون فكرة ان يكون الناس حكام لانفسهم ان يأتي الحكم ممثلا لشعب وليس ممثلا للنخبة، يعني هذه المبادىء الكبرى التي كانت مستنكرة في وسط التيار الديني السابق او كانت على اقل التقادير مغفلة او مهملة الان اصبحت متن واساس الكلام السياسي في العالم العربي كله.


هو جيد وان كان البعض ربما كما ذكرنا في بعض الاسئلة السابقة يقول بأن لابد وان تمشي مع التيار سمه يعني انتهازيا..
هذا ليس انتهازيا، هذا لأن نقاط الاستقطاب تجبر الناس على تغيير مواقفهم.


كيف نتأكد من هذا دكتور؟


هذا لا يحتاج للتأكد، رجال الدين، الحركات الدينية، الزعمآء السابقين، كلهم جزء من هذا الشعب.
انا اقصد ان نحن لا نتحدث عن القيادات في الخطاب الديني او في الاسلام السياسي قيادات جديدة متأثره جدا بالفكر الجديد هي تقريبا الى حد كبير جدا رموز من التيار السلفي السابق الذي ايضا بعضهم يميل الى التكفير يميل الى رفض يعني الحداثة الخوف من التغريب، الى اخره هنآك وجاهه لمثل هذا القلق ان لا تكون هذه المسأله ليست سوى ركوب الموجه..


لنفترض انهم ركبو الموجه، انا لا افترض هذا الشيء لكن لنذهب معك ونفترض انهم ركبو الموجة، الثورة الشعبية تعيد هيكلة توازن القوة، تغير توازنات القوة وتمنح جزء كبير من القوة للشعب في الشارع. اذا قلنا بأن الشعب الذي في الشارع اصبح قوي واصبح مؤثرا وهو الذي يقود او هو الذي يقرر ماذا يفعل، لماذا نخشى اذا رجل دين او زعيم سياسي اصبح معه؟ اذا هل نظن ان هذا الشعب لا زال مجموعه جهل يأثر عليهم أي راكب؟


لا ولكن رجل الدين يأتي بشيء مآ من القدسيه في خطابه وفي مجتمعات متدينه بطبيعتها!


هذا قبل الثوره، بعد الثوره الناس يغيرون ثقافتهم الناس ينضجون يعني الان في مصر مثلا لماذا لم يستطع رجال الدين ركوب الموجه على سبيل المثال كم عدد رجال الدين الذين اصبحو قادة الثورة في مصر أو في تونس كم عددهم من القياس الى المجموع القادر ليس كثيرين، لان الناس اصبحو انضج، الثورة تنضج العالم تنضج الناس وحينما ينضج الانسان ينضج عقله وفكره يصبح اقدر على الاختيار.


بمقابل الدولة المدنية دكتور توفيق هناك من يدعو الى دولة دينية مازالت الدعوه موجوده والحديث عن الدولة الدينية.. هل تتناقض الدولة المدنية مع الدولة الدينية في رأيك؟


الدولة الدينية هي دولة مدنية بمعنى ان الدولة تصدر في اوامرها عن رأي الحاكم وليس عن رأي الله، وتذكر احاديث في هذا المجال لا اريد الاستطراد فيها ولكن احدها يقول اذا نزلت على قوم، يعني اخضعتهم، فأنزلهم على حكمك ولا تنزلهم على حكم الله، هذا حديث نبوي لأنك لا تدري أ تصيب حكم الله ام تخطي، الحاكم والقائد ينزل الناس على حكمه هو على رأيه هو وليس على حكم الله عز وجل لأنه لا يعلم بحكم الله، يخطئ ويصيب.


هل هناك دولة دينيه هل حدث ان عشنا دولة دينيه في التاريخ؟


لا اعلم حقيقة ولا أرى ان هذا مهم، الذي اقول ان الدولة الدينية هي دولة مدنية يعني اذا اردنا دولة تتمتع بالمشروعية الدينية يرضى عنها الله عز وجل فهي الدولة المدنية التي تحكم بالعدل تشرك الناس تعطي كل شيء للجمهور، الجمهور هو صاحب الثورة.
وفقا لدساتير لقوانين لأنظمة واضحه حتى لا يستغل الدين لتبرير الاستبدال.
الدولة الصالحة هي دولة تعاقدية.


في محاضرة لك بمنتدى الدكتور راشد المبارك بالرياض 2 يناير 2011 ذكرت ان مفهوم الوطن الجديد يتألف من ثلاثة عناصر اساسية: «ارض وعقد ومشاركه نشطه». ما المقصود هنا بالعقد بالتعاقد، هذا المفهوم بعد بداية الربيع العربي هل سيتأثر هل سيتغير مصطلحات مثل ولي الامر والتبريرات الدينية، مفهوم التعاقد هل سيتأثر بما يحدث اليوم؟


ببساطه الناس يملكون الحق في المشاركة في القرار لأنهم يملكون الارض التي يسكنونها، ملكية التراب الوطني هي التي تجعل لكل فرد من افراد الشعب الحق في المشاركة في القرار السياسي، هذا الذي يسمى بالمشاركة الشعبية. تنظيم هذه العملية يجري في اطار ما يسمى بالعقد الاجتماعي، العقد الاجتماعي هو عقد ذو بعدين بين الناس انفسهم حول كيف علاقتهم مع بعضهم، ادارة امورهم المشتركة، تقرير مستقبلهم المشترك، الى اخره، هذا ماينتج بالمسمى الاجماع الوطني البعد الثاني او الجزء الثاني من العقد، عقد مجموع الناس مع الهيئه التي تدير العدد التي تدير البلد بمعنى الحكومة.


تتحدث عن الدستور الان؟


نعم وهو الدستور، الحكومة في الحقيقة هي الممثل، هي وكيل عن الشعب وليست جهة مستقلة فإذا مجموعة من الناس عملو في الحكم كجهة مستقله بكيفهم، يعني بغض النظر عن رأي الناس بغض النظر عن قرار الناس هذه يكونو حرآميه يكونو بغو على موكليهم بغو على المالك الاصلي وهم مجرد موظفين والموظف يجب ان يعمل لصالح رب العمل، رب العمل ماله يكون هو الشعب هو المجتمع.


وهذا ما عشناه في المنطقة العربية ان عندك دساتير وبرلمانات ومسائل شكلية يعني في الاخير ان لم تطبق هذه النظريه كما تقول انت فتكون هذه من العوآمل التي تقود الى الثورة؟


الانفصال بين المجتمع والدولة يؤدي الى سقوط مشروعية الدولة وسعي الشعب الى تغييرها هذه هي الثوره، الثوره هي سعي الشعب لتغيير حكومة فقدت مشروعيتها.


نعيدك الى مفهوم الدولة الدينية والدولة المدنية، يقف اللبرآليون خاصة في منطقتنا ضد حتى المصطلح انشاء مفهوم الدولة الدينية فيما الاسلاميين ضد فكرة الدولة المدنية يعني على الورق جميل جدا ولكن ممكن احد يسأل ماهي المرجعية الدينية التي من خلالها نقرر القوانين والدساتير والانظمة؟


مافي مرجعية دينية، في مرجعية شعبية لان الدولة هي نتاج لعقد اجتماعي.
اذا لنتحدث عن دولة مدنية الان..
هذا هو الذي اقوله اقول ان الاسلام يسعى لدولة مدنية بمعنى دولة يحكم الناس فيها بأعتبارهم بشر وليس كأنصاف الهة، يحكمون فيها بأعتبارهم ممثلين لهذا الشعب وليس ممثلين لله عز وجل، تفويضهم جاء من المجتمع وليس من الله فهي دولة مدنية، القاضي حينما يطبق حكما شرعيا هل يطبقه بالاقناع ولا بالجبر، الذي يطيع حكم القاضي او الذي يطيع حكم الدولة يطيعه خوفا من العقاب وليس رغبة في رضى الله هذا هو تطبيق القانون وهذا هو الذي يريده الاسلام، الاسلام يريد على المستوى السياسي وعلى مستوى الدولة، دولة فيها قانون وفيها اشخاص يحكمون نيابة عن الجمهور على المستوى الشخصي والفردي، الاسلام يريدني ان اتقي الله عز وجل وان اتورى عن محارمه وان أؤدي عباداتي وبقية ما امرني به، بعبارة اخرى القانون الاسلامي او النظام الاسلامي هو النظام الذي يحقق اهداف الشريعة الإسلامية وابرزها العدل اما في الكيفيه فلا توجد كيفية خاصة.


جميل، اذا لنعيدك لدراسة لك منشوره في مجلة الكلمة في 13 يونيو 2011 بعنوان نموذج الدولة الدينية عند الاصلاحيين المعاصرين في ايران، تقول يدعو الاصلاحيون الى نموذج للحكم يقارب الى حد كبير النموذج الليبرالي فهو يرى ان الدولة تعاقدية وممثله لمصالح متنوعه لمواطنيها وليست ممثله للسماء وهم يدركون تماما ان مفهوما كهذا لا يسهل تأسيسه على ارضية النموذج الديني الموروث، هل معنى ذلك ان الاصلاحيين اليوم هم ضد ولاية الفقيه التي يفترض انها لاتتناسب مع الدولة المدنية؟


ولاية الفقيه هي احدى النظريات، نظرية تستهدف تفسير المشروعية الدينية للدولة واعتقد انها أدت غرضها فعلا، يعني في وقت من الاوقات كانت مفيدة وضرورية لكن أدت غرضها واظن انه حان الوقت لتجاوزها الى نظريات ارقى، يعني لعلا ابرز الاشكالات فيها انها لا تعطي مساحات كبيرة للمجتمع «الشعب» حان الوقت لكي يصبح المجتمع حاكما لنفسه وهذا ايضا مقبول على اساس القيم الإسلامية.


ما الذي يعيق قيام ثورة شبابية بمفاهيم سياسيه جديدة في ايران، اذا اخذنا مثال الثوره الايرانية فرضت مفهوم اقرب مايكون الى الدولة الدينية؟
الحقيقة في 2009 بعد الانتخابات الرئآسيه حدثت مثل هذه الثورة او لنقول انتفاضة لكنها قمعت وكان في ذاك الوقت ماكانت المتابعة الاعلامية قوية وقادره على جعلنا نتصل ونتعرف او نعيش الحدث.


الاعلام الجديد تحديدا لعب دور اعطاء الناس المجتمعات العربية ادوات جديده لتمكين المجتمع للتواصل مع بعضه لترتيب اموره..
لان القوة المتحركة في الثورة هي في الاساس الجيل الجديد الطبقة الوسطى. الشاب، الطبقه الوسطى هي طبقه مكنها الاعلام الجديد من خرق الحدود القديمة والحجب القديمة ولا سيما موضوع الرقابة.


هل هذا يقلل من شأن الثورات التي اعتمدت على تقنيات عالمية جديدة عكس الثورات التي نشأت، يعني في ثورات كثيرة لم يكن هناك اعلام اصلا على مدى طويل ولكن نجحت في الاخير؟


الثورات التي تنشأ في جو مثل هذا سيكون عدد المشاركين فيها اكبر سيكون تأثيرها اوسع.
اذا لنسألك عن اقتراح فلسفي او مثل احد المصطلحات تقول في دراسة منشورة في مجلة الكلمة الفصلية ايضا 13 يونيو 2011 استعمال يعني انت استعملت فكرة التعبير استقلال السياسة عن الدين بدلا عن فصل السياسة عن الدين، مالفارق بين التعبيرين؟
احيانا نقول ان الدين لا يجب ان يتدخل في السياسة اصلا، احيانا نقول لا بأس بتدخل الدين في السياسة، يجب على السياسة ان تستهدف تثبيت وترسيخ القيم الدينية العليا مثل قيمة العدل لكن بدون إلزام ان يكون رجل الدين هو رجل السياسة، بدون إلزام ان تكون المؤسسة الدينية هي الحاكمه. انا ادعو الى الفصل التام بين المؤسسة السياسية والمؤسسة الدينية بمعنى تجريد الدولة من سلطة الامر بأسم الله او استعمال الدين في اوامرها، وتجريد المؤسسة الدينية من قوة الدولة، من مال الدولة من سلاح الدولة من الامر ووضع القوانين بأسم الدولة الفصل بين المؤسسه الدينية والمؤسسه السياسيه ينتج دولة متعادله ولا يضر بمبدأ يعني تلازم السياسي مع الديني هو ليس فصل بين الدين والسياسة وليس تلبيس للدين في السياسة
فتصبح مؤسسة اهلية، الناس يتعاملون معها كمؤسسة اهلية بدون خوف منها وبدون طمع فيها.


في ظل كل هذا الحديث ونحن في حديث الخليج، اين نحن في الخليج من كل هذه الظواهر بأمانة وبحياد قدر ماتستطيع هل دول الخليج في منأ عن هذه الظاهرة؟


لا لسنا في منأ وقد تأثرنا بشكل عميق جدا واظن ان بعضنا في الطريق، لكننا نحتاج الى معالجة بعض الاشكالات التي قد تتفجر في ظل هذا الحدث وماغيره، واحد منها نحتاج الى تكوين كتلة اصلاحيه على المستوى الخليجي، كتلة تدعو الى اعتماد «مبادئ الحريه وحقوق الانسان نبذ الفئويه والطائفيه والمناطقيه وتفضيل الناس بناء على سماتهم الموروثه»، كتلة تدعو الى تغيير سلمي لتنافي احتمالات الانزلاق الى العنف وهذا محتمل في بعض المناطق. انا ادعو حقيقة الى تشكيل كتلة اصلاحيه خليجية تتعاون مع الحكومات تتعاون مع النخب تتعاون مع رجال الدين تتعاون مع قطاع الاعمال تتعاون مع الشباب من اجل تفصيح وتوضيح طريق مناسب للاصلاح التدريجي الذي سنضطر اليه والا سنواجه الكارثه.


للننقل الموضوع من الخليج بشكل عام الى السعودية بشكل خاص كونك جاي من السعودية؟
اعتقد ان هذا ينطبق على المملكة، ان المملكة مضطرة الى اصلاحات سياسية كبيرة جدا ومؤلمة ايضا، مضطرة الى ذلك لانها تضر بمصالح الكثير من النخبة الحاكمة، وكثير من النخبة النافذة ايضا وقد تضر بمصالح قطاع من الجمهور يجب ان نقدم على اصلاحات عميقة والا قد نواجه انهيار شاملا وهذا مالا نريد الوصول اليه

copy_r