gulfissueslogo
مهنا الحبيل
حصون السعوديين مهددة من الداخل
مهنا الحبيل

لفت نظري تصريح الملك عبد الله الذي نشرته الصحف السعودية قبل أيام وأعلن فيه أنه يتولى ملف الإسكان بنفسه مع وجود وزارة جديدة ووزير لهذا الغرض. والإسكان ملف من أكثر الملفات حساسية لدى المواطن نظراً لصعود نسبة العاجزين عن تأمين مسكن في ظل ارتفاع العقارات وأسعار الأراضي التي مجرد شراء قطعة منها في حيٍ معقول بات يشابه الحلم لدى شريحة واسعة من أبناء الوطن وليس ممن يُصنفون بالفقر المدقع.
 
لكن الجانب المهم والمدخل الرئيسي لهذا المقال ليس أهمية هذا الملف إنما مؤشّره لقضية خطيرة جعلت الملك يعلن توليه الملف ..وهي سلسلة الإعاقات التي تتعرض لها قرارات الإصلاح الملكية وتثير استغراباً شديداً.  لماذا لا يستجيب المسؤولون التنفيذيون لهذا النداء، فيصبحون جسراً للإصلاح الحقيقي من خلال تبليغ رسالة الرأي العام  وما يقف عليه أي وزير للملك والتقدم باقتراحات لتجاوز هذه الإعاقات؟
 
وحتى يكون كلامي واضحاً دعونا نتحدث عن جملة من المشاريع صدرت بأوامر ملكية وأعيق تنفيذها أو تطبيقها تطبيقا شاملا وهي تعني مسارات مهمة للغاية في تحقيق الشفافية أو نسبة الإصلاح المحاصِر للفساد الذي يقتل المواطن. كان هناك تقاطع وتواصل مبكر بين خادم الحرمين وبين لغة المثقفين الإصلاحية والإنقاذية في مسارات تعتمد بالدرجة الأولى على أن تحقيق إعادة التأسيس الدستوري للنظام العام في المملكة من خلال أنظمة ومشاريع يبنى عليها صناعة القرار القريب من هم المواطن ورؤيته هو تجديد وقوة للدولة في تماسكها الوطني.
 
وانتقلت الدولة في مفهوم مركزي من خلل في التفسير كان يروّج له البعض مؤداه أنّ النظم القضائية والدستورية تتعارض مع تطبيق الشريعة الإسلامية وتفسير دستورنا الكتاب والسنة، ما يعني عدم صدور أنظمة لتحقيق العدالة وضمان الحقوق والمساواة. وقد سقط هذا المفهوم الخاطئ وتبين لشريحة كبرى جدا من القضاة والشرعيين فيما بعد بطلان هذا التصور وتبين أن التنظيمات التي تؤسّس لدولة الحقوق والقانون هي من صلب تطبيق الشريعة الإسلامية ومرجعية الكتاب والسنة لأنّ الوسيلة إنما تعتمد على تحقيق مناط ومقاصد أصل التشريع وهي لا تخالف النص القطعي الثبوت والدلالة، بل تلتزم في الغالب برؤية الجمهور..وبالفعل صدر نظام القضاء الذي يُعزز في مواده التنفيذية مساحة اكبر لاستقلال القضاء ونظام الإجراءات الجزائية الذي يعطي مساحة للمتهم ويُنظم حقوق الموقوف وإحالته للقضاء وطمأنة الأهالي والرأي العام عن أمانهم الشخصي والمعيشي حين تمارس قرارات الإيقاف بصيغة قانونية يُحاسب عليها المسئول والمواطن مع رغبة في تطويرها باتجاه أكثر تنفيذاً لحقوق المواطن .
 
ومع هذه التوجهات ولدت جمعية حقوق الإنسان لتراقب الوضع وتصدر تقريرها وقد جرى ذلك في التقرير الثاني الأبرز ثم توقف وانخفضت اللغة ...و أُعطيت الصحافة هامشاً من الحرية وبدأت بطرح قضايا المواطنين وهمومهم ...وهذه الكتلة من القرارات في تنظيم الحياة القانونية والقضائية والحقوقية هي مقدمة مهمة للغاية لتحقيق المطالب المعيشية ورفع قضايا البطالة و ضيق المستوى المعيشي والحق الإسكاني على طاولة التداول في ميدان الرأي العام للدولة والمجتمع لمعالجتها.
 
هنا سيبرز لنا أمر مهم للغاية وهو لو أنّ هذه المسارات نفذت والتزمت الجهات المعنية بها هل كان وضع الفساد والتأزم والمظالم التي عانى منها المواطن في ميادين شتى ستكون بذات القدر والمستوى أم أنها ستنخفض ..؟
 
وبالتالي يبدأ الوطن بالارتياح والمزيد من التفاعل خاصة حين يعتمد مرجعية تؤمّن حقوقه فيشعر أنها تسند ظهره فقط لممارسة مواطنته ..وكلنا يستذكر عدداً من الخطابات الملكية بشان كارثة جدة وقضايا الفقر ومنح الأراضي وأشهرها خطاب الملك في توبيخه للمسؤولين وأنه يعلم أن هناك من لا ينفذ تعاميمه وتحذيره لهم.
 
نحن تستغرب تعرقل مسارات الإصلاح والأنظمة الحقوقية والاستقلال القضائي رغم معرفتي الشخصية بثقافة وتجاوب عدد كبير من القضاة الفضلاء..وكذلك تعطيل الحقوق التنفيذية للموقوفين وانخفاض حيوية جمعية حقوق الإنسان، ثم توصيات اللجنة التي صاغها أعضاء في مجلس الشورى وخلطت بين حرية الصحافة الضرورية وبين إساءة التعبير مع الشخصيات العامة والتي لا يبررها أخطاء بعض الكتاب ...كل ذلك أعطى مؤشرات تتكرر بأن هذا التعطيل لمستوى الإصلاح الذي أعلن قديما ثم انخفض بصورة كبيرة يعمل وراءه مع الأسف الشديد كادر أو أفكار ..لا ندري هي تدرك أو لا تدرك بأنها تهدد الوطن وأن حصوننا بفعلهم أضحت مهددة من الداخل.
 

copy_r