منذ أن أعلنت المعارضة البحرينية قبل عشرة أيام من أنها سوف تقوم باعتصام
يبدأ من يوم الرابع عشر من فبراير وأنا أتوجس خيفة من أن يتم تصوير مطالب الشعب
البحريني الوطنية التي تنادي بالإصلاح السياسي وتحقيق العدالة الاجتماعية
ومحاربة الفساد أن يتم تصويرها على أنها مطالب طائفية. وبالفعل حصل ما تخوفت
منه، فبعد هجوم الجيش البحريني على المعتصمين في دوار اللؤلؤة في المنامة ونزول
الدبابات والمدرعات إلى الشوارع تصاعدت نغمة أن التحرك الشعبي في البحرين تحرك
طائفي بإيعاز من الخارج ويًقصد به إيران بالتأكيد، وهذا أمر نفاه وزير الخارجية
البحريني نفسه عندما ذكر في المؤتمر الصحفي "أننا لا نشك في ولاء البحرينين
دولة، فولائهم للبحرين"، فلا ينبغي أن يصبح البعض ملكيين أكثر من الملك. اتهام
التحرك الشعبي في البحرين بأنه يعبر عن قلة قليلة وأن لديه أجندة خارجية وأن
المعتصمين لديهم أسلحة اتهامات تكررت في التجربتين التونسية والمصرية وتبين
زيفها، ولكن الاتهام المختلف في التجربة البحرينية هو اتهام التحرك الشعبي
بالطائفية، وهو اتهام يراد به إثارة الحساسية بين الشيعة والسنة حتى تتعقد
الأمور رغبة في تحويل الحركة الشعبية إلى فتنة طائفية.
ليس خافياً على أحد أن الغالبية العظمى من المعتصمين في البحرين هم من
المواطنين الشيعة، وهو أمر متوقع لكون الشيعة يمثلون أغلبية في البحرين وأيضاً
لأنهم الفئة الأكثر حرماناً ومعاناة، وفي كل الأحوال هؤلاء مواطنون بحرينيون من
حقهم أن يطالبوا بما يعتقدونه حقوقاً لهم. لذا فإن ما كان يحق للشعبين المصري
والتونسي يجب أن يكون حقاً للشعب البحريني أيضاً، لأن القاعدة تقول أن "حكم
الأشياء فيما يجوز أو لا يجوز واحد". علينا أن نتحلى بالإنصاف ونتجرد من
العصبية والطائفية لنرى أن مطالب المواطن البحريني لا تختلف عن مطالب المواطن
المصري أو التونسي، وأن إدانة استخدام العنف مع المعتصمين والتعاطف مع الأبرياء
الذين سقطوا شهداء وجرحى في تونس ومصر يجب أن ينسحب على الضحايا الأبرياء الذين
سقطوا في دوار اللؤلؤة بالبحرين، وأن نتمثل قوله تعالى "ولا يجرمنكم شنئان قوم
على أن لا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى".
الفزعة الخليجية المتمثلة في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية وتأكيد التضامن
مع السلطة لن يجدي نفعاً وقد ظهر ذلك جلياً في الحالة المصرية والتونسية،
فالشعوب إذا أرادت شيئاً لن يقف في وجهها أحد. ولذا فإن المطلوب الاستفادة من
التجربة المصرية والتونسية وأخذ العبر والدروس وعدم تكرار الأخطاء نفسها.
الحكمة تقتضي الاستجابة سريعاً لمطالب الشعب، ولنا في تونس ومصر خير عبرة وعظة،
فالسعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه.