لم يعد خافيا اليوم ان الثورة المضادة خليجية بامتياز، فالمال
والتحرّك الدبلوماسي والاعلام أسلحة فعالة في هذه الثورة التي تقودها السعودية،
والى حد ما قطر والإمارات..
بالأمس عبّرت جماهير الثورتين المصرية واليمنية عن رفضها التدخل السعودي
والخليجي عموماً في شؤونها، وعارضت أي مبادرة خليجية تستهدف مصادرة المنجزات
الثورية التي تحققت بدماء الشهداء وجهود ومعاناة الثوار وصمود الشعبين..
المقالات المتوالية التي تصدر عن كبريات الصحف الأميركية والأوروبية حول
الأدوار التخريبية التي تضطلع بها دول خليجية مثل السعودية وقطر والامارات تلفت
بشدة الى حالة نبذ للتغيير في أي جزء من منطقة الشرق الأوسط من أجل منع
عدوى الثورات من أن تنتقل الى داخل بلدانها..
يتحدّث التونسيون والمصريون في المنتديات الخاصة والعامة عن محاولات مستمرة
لإجهاض الثورات بأموال سعودية وتخطيط أميركي، وما يجري اليوم في ليبيا واليمن
والبحرين من تواطؤ أميركي خليجي (وخصوصاً سعودي وقطري وإماراتي) يشي بفقدان هذه
الدول للحد الأدنى من أخلاقيات التعامل باحترام مع الشعوب العربية وقرارها في
اختيار نظام الحكم الذي ترتضيه.
تشوّهت الثورة الليبية حين قررت دول الخليج التدخّل فيها بتمويل حرب الناتو
على نظامها فأفقدت الثورة تعاطف وتأييد الشعوب العربية، ودفعت الحركة
الاحتجاجية السلمية في البحرين الى ما يشبه حرب تطهير طائفية بعد دخول قوات درع
الجزيرة في 15 آذار (مارس) الماضي، حتى بات شائعاً أن سياسة التطهير التي يجري
تنفيذها في البحرين على مدار الساعة هي سعودية بامتياز، وأن تنسيقاً عالياً بين
رئيس وزراء البحرين خليفة بن سلمان ووزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد
العزيز، دون تبرئة الملك حمد والملك عبد الله، فهما ضالعان في جريمة التطهير..
ولليمن نصيب الأسد في التنسيق أو بالأحرى التواطؤ السعودي الأميركي، فبينما
بلغت الثورة الشعبية في اليمن نقطة النصر بصورة سلمية دفعت السعودية حلفاءها
سواء في السلطة أو خارجها من القبائل المتحالفة مع آل سعود كيما تضفى لوناً
دامياً على الثورة اليمنية.
في نهاية المطاف، ما تقوم به السعودية ودول خليجية أخرى يعبّر عن هلع من وصول
موج الثورة الى الخليج، ولكن أثر الدومينو لن يتوقف كما يقول منظّرو الثورات،
وإن تأجل موعدها قليلاً.