gulfissueslogo
عقلية المؤامرة في الخليج
مركز قضايا الخليج

يعتقد المرء أحياناً بأن مرض الإرتياب الذي يصيب مسؤولين كبار في دول مجلس التعاون الخيجي قد يكون بهدف تبرير أعمال أمنية أو سياسية معينة، ولكن في حقيقة الأمر أن ثمة معطيات عديدة تنمّي الإعتقاد بأن هذا المرض تطوّر لدى البعض الى مرحلة متقدّمة وأصبح أقرب الى الهوس (obsession) والهلوسة (hallucination)، حيث  يحل الخيال مكان الواقع، والأوهام مكان الحقائق. لا تتفاجىء ـ عزيزي القارىء ـ وأنت تستمع لمسؤول خليجي كبير، وهو يتحدث عن مؤامرة تحاك ضدَّ بلده، على طريقة أفلام الخيال العلمي (قاتل الله الإدمان على مشاهدة أفلام هوليود)..
وليد المعلم، وزير الخارجية السوري، تحدّث لوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، ذات لقاء عمّا نقله ملك السعودية عبد الله إليه من إنتقاد للحكومة السورية لسماحها بعبور ثلاثة ملايين إيراني الى العراق عن طريق الحدود السوريّة. بل سمع زيباري نفسه من الملك عبد الله إنتقاداً للحكومة العراقية لسماحها بوجود مليون جندي إيراني داخل العراق على حدود المملكة. وزير الداخلية الأمير نايف عبّر لمستشار الأمن الوطني العراقي ذات حديث خاص عن غضبه لوجود مليون إيراني في منطقة الزبير، جنوب العراق، وأن الجنود الإيرانيين يتبادلون الأحاديث عن طريق جهاز (ووكي توكي) باللغة الفارسية في البصرة..!
هذه العيّنة من المعطيات، من بين عشرات أخرى موازية في الأهمية وربما أشدّ، تكشف ليس عن جهل بالجغرافيا السياسية (تصوروا أن ثلاثة ملايين إيراني ينسون هم وحكومتهم أن العراق متاخم لحدودهم لينتقلوا الى سوريا من أجل العبور الى العراق، وتصوّروا تواجد مليون إيراني في منطقة صغيرة جداً مثل الزبير دون أن يدرك ذلك أحد، أو أن يتواجد مليون جندي إيراني على حدود المملكة من داخل العراق المحتل أميركياً، ما لم نصّدق هوساً آخر، كالذي ينتاب الطائفيين في المملكة وخارجها من أجل تبرير التماهي السعودي مع الأميركي والصهيوني).
رئيس وزراء البحرين، خليفة بن سلمان، الذي بات ممقوتاً من أهله ومن كل من قرأه عن اقترافاته البشعة، لا يقلّ هوساً وهلوسة عن نظيره وسنده نايف بن عبد العزيز. فقد خرج علينا في مقابلة مع صحيفة كويتية (لا نقول عنها إلا كما يقول الكويتيون أنفسهم: الحمد لله والشكر)، ليكشف عن مؤامرة يجري إعدادها منذ سنوات ويزمع تنفيذها سنة 2017 (يا الله السلامة)، وقد علّقت مشانق أربع للملك ولإبنه وله، أي رئيس الوزراء، وزوجة الملك. لا ريب أن خليفة يعلم بأن المشنقة قليلة في حقه، ولذلك أراد أن يستحضرها في قصة المؤامرة، ولكن هو عقل يرزح تحت وطأة ما ابتلي به من هوس وهلوسة، ولذلك لا غرابة أن تكون  دموية خليفة وبطشه، دون تبرئة الملك حمد بأي حال، هي ترجمة واقعية لمرضه، الذي أصبح مدمّراً وهذا بحد ذاته كافٍ لإدخاله مستشفى الأمراض النفسية، والعقلية..
 

copy_r