منذ دخول قوات درع الجزيرة الى البحرين في 15 آذار (مارس) الماضي، بدأ الخليج يشهد مرحلة بالغة الجدة، هي أقرب الى وضع حال الطوارىء والأحكام العرفية. فقد تمّ  تعطيل الدولة بكل حمولتها، في سياق إعادة انتشار للقبيلة الحاكمة، التي شعرت بأن موجة الثورات العربية تقترب من عبائتها، وقد تقتلع الخيام ـ الدول التي أريد أن تحكم بعقل شيخ القبيلة..
العوائل الحاكمة في الخليج خلعت رداء الإصلاح، حتى في إطاره الشكلي، وقررت العودة الى سياسة التنكيل والقمع بشعوبها..ما يثير السخرية أن دولاً خليجية شرعت في تنفيذ برنامج إصلاحي جنيني، ولكن فجأة قررت أن تقلب الطاولة رأساً على عقب، وأن تعيد الأمور الى نقطة الصفر..
في جرد عاجل لتدابير الدولة القمعية الخليجية: تقديم عدد من المتظاهرين في سلطنة عمان للمحاكمة، واعتقال ناشطين حقوقيين، وفصل وظيفي لاخرين من نقابة المعلمين كرد فعل على المطالبة بالديمقراطية، وخنق أصوات الإصلاحيين في قطر، وتطهير طائفي ساحق ومخزي في البحرين، وإعادة تكريس ثنائية الأمن والدين في بنية الدولة السعودية، وصولاً الى الجمود السياسي في الكويت..
ما يظهر حتى الآن، أن ثمة خروجاً مدويّاً عن التاريخ، تقوده (الشقيقة الكبرى)، حيث تتوقف الحياة السياسية، وتتسع الفجوة بين المجتمع والسلطة في الخليج، وتتعطل القوانين، بالرغم من الحاجة الضاغطة لإصلاحها واستبدالها..باختصار، الخليج ينفصل عن حركة التاريخ الآني والآتي، وينقطع عن المسار الموضوعي للتغيير الاجتماعي والسياسي، بل ما يجري يؤسس الى صدام حتمي بين الشعوب والحكومات