gulfissueslogo
موت الإصلاح في الخليج
مركز قضايا الخليج

المشهد الخليجي ليس قاتماً فحسب، بل كل شيء فيه ينبىء عن عودة جماعية، على مستوى الحكومات، الى نقطة الصفر، حيث العوائل المالكة والحاكمة تعيد إنتاج النظام التسلّطي في شكله البدائي، والعمل وفق تقاليد ما قبل الدولة، أي نموذج القبيلة الحاكمة.
ثمة أشكال ردّة جماعية، على مستوى الحكومات.. فبينما اقتلعت البحرين كل جذور الإصلاح منذ اجتياح قوات درع الجزيرة بقيادة السعودية في 15 آذار (مارس) الماضي، فرضت الإمارات إجراءات قمعية ضد الناشطين الحقوقيين والإصلاحيين، وليس الحال بأفضل منه في السلطنة وقطر، فالأولى مازالت متردّدة في وضع أجندة إصلاح حقيقية، تقوم على المحاسبة، والثانية تتوارى خلف (الجزيرة) لتخفي مساوئها في الاستبداد والتسلّط. أما السعودية فهي تقود اليوم حركة الردّة ليس على المستوى الخليجي بل والعربي، وتسعى لوأد مفاعيل الثورات العربية بكل ما تملك من قدرات مالية وأيديولوجية.
دول مجلس التعاون الخليجي قاطبة تسير هذه الأيام في طريق واحد، وهو الذهاب الى أقصى ما يمكن أن تصل إليه سياسة الصدام والتحطيم وتتجاهل عن سابق إصرار طريق العودة. في حقيقة الأمر، يريد قادة هذه الدول إعادة تذكير الشعوب بمقولة (أخذناها بالسيف)، وأن ما تحت أيديهم ليس سوى ملك خاص، يتصرّفون فيه كما يشاؤون ولا يسئلون عما كانوا يفعلون.
ليس من حديث، هذه الأيام، عن الإصلاح في أي دولة خليجية، وكأنما هناك حالة طوارىء غير معلنة. في البحرين، المثال الأسوأ خليجياً، ثمة اجتثاث للبنية التحتية للإصلاح، وأن العشر سنوات الماضية من الإصلاحات الشكلية تبدّدت بطريقة استئصالية دونما اكتراث لأي ردود فعل داخلية واقليمية ودولية. الطريقة التي تم فيها تدمير المساجد، واقتحام البيوت والمدارس، وعسكرة المستشفيات والجامعات، والحضور الأمني والعسكري الكثيف، أثبتت أمراً واحداً: (لم تعد هناك دولة في البحرين).
توقفت لغة الإصلاحات في الخليج ولا تسمع مسؤولاً كبيراً أو صغيراً من عمان الى الكويت من يعد بإدخال برنامج إصلاحي، بل على العكس ما نشهده اليوم هو تزريق النظام الديكتاتوري في الخليج بمضادات حيوية لدرء آثار الثورات العربية، وأن أشكال التحصين التي تتّبعها حكومات الخليجية تتأسس على قطيعة مع الشعوب، التي ترنو الى مشاركة فاعلة في صنع القرارات، وإطلاق الحريات العامة، وفصل السلطات، وتشريع مبدأ المحاسبة على أداء الوزراء والمراقبة للمال العام، أي باختصار إرساء أسس الملكية الدستورية في السعودية والبحرين، ودولة العدل والحرية في باقي دول المجلس..
مات الإصلاح ليس لأنه كان على قيد الحياة قبل ذلك، ولكن وعود القادة وآمال الشعوب جعلت من الإصلاح إمكانية قائمة، ولكن عودة العوائل المالكة والحاكمة الى المربع الأول، كشف زيف المدعى الإصلاحي، وما يظهر اليوم هو الطبيعة العارية ـ أي الشمولية ـ لهذه الأنظمة.
 

copy_r