gulfissueslogo
الدولة في الخليج..عقاراً
مركز قضايا الخليج

في مشيخات الخليج، غير مسموح لأحد أن يطالب بحق وهبه له الله سبحانه، وصدّقه رسله عليهم جميعاً سلام الله عزّ وجل، وأقرّته شرائع الدنيا، لأن الدولة ليست شأناً عاماً، ولا ملكاً مشاعاً يتقاسمه القاطنون داخل حدود الدولة، وإنما هي إمتياز خاص لعوائل حاكمة تعتقد بأنها تملك مافوق الأرض وما تحتها بقوة السيف. لم تعد عبارة (ملكناها بالسيف) تقتصر على أمراء آل سعود، والتي لطالما أسمعوها زائريهم والمتظلّمين من سرقاتهم لأموال وعقارات الناس، فقد ردّدها هذه الأيام حكّام البحرين، والإمارات، وليس بعيداً أن نقرأ بيان صادر عن قمة مجلس التعاون الخليجي يبلغ الناس ما يجب عليهم معرفته، وقد يتضمن عقوبات بالنفي لكل من ينادي بالمشاركة السياسية، وتقاسم السلطة والثروة..
في ظل حركة الإحتجاجات الشعبية في الشرق الأوسط، لم يستجب حكّام الخليج لنداءات الشعوب المطالبة بالتغيير الديمقراطي فحسب، بل (قلبوا عاليها سافلها)، في سياق إظهار القوة المفتعلة، وتطبيق غبي لقاعدة (أفضل الدفاع الهجوم)، مستفيدين من صمت المجتمع الدولي الذي تديره الولايات المتحدة وعدد من حلفائها التابعين في أوروبا. في حقيقة الأمر، أن النكوص إلى ظروف ما قبل الدولة، والتوسّل بأدوات تعود إلى تاريخ القبائل المتصارعة، قد وضع نهاية مأساوية للدولة الحديثة، فنحن اليوم أمام ظاهرة جديدة تتجسّد اليوم بأبشع صورها في البحرين، حيث تتفجّر الغرائز البدائية عبر إشعال خطابات ما قبل الدولة: الطائفية، والقبلية. أحد الأمراء السعوديين حذّر من إنتقامات لحوادث جرت ما قبل أكثر من قرن، وآخر يتحدّث عن مقايضات بين دول وحدّدها (البحرين مقابل سوريا)، و(اليمن مقابل العراق)، في سياق إستعمال كل الأسلحة الفتّاكة ضد الشعوب الطامحة للحرية والتداول السلمي للسلطة.
جنّدت أنظمة الإستبداد في الخليج عشرات من المرتزقة الذي يعملون في وظيفة تحريك الغرائز البدائية (الطائفية والقبلية والمناطقية) لناحية إدامة أسس التسلّط، وأطلقت العنان لخطابات عبثية كيما تغمر الفضاء الإعلامي، فيحجم الناس عن المطالبة بحقوق مشروعة. ومن فجائع الإستبداد إستحضار المعركة مع إيران من أجل إجهاض حركة الشعوب المطالبة بالديمقراطية، وتصوير الحركة المطلبية بوصفها فعلاً خارجياً. وفيما تعيث قوات درع الجزيرة فساداً وقمعاً وتنكيلاً بالأبرياء في البحرين، لمجرد أنّهم طالبوا بإصلاحات سياسية حقيقية، وليس تجميلية كما جرى خلال عقد من العجز الديمقراطي، تصبح الذريعة البلهاء هو التدخل الإيراني في شؤون الخليج. وعجباً هذا الهراء حين يراد منه كتم الأنفاس، حتى لا يقال بأن حكّام الخليج ليسوا سوى طغمة فاسدة وطغاة كغيرهم من حكّام العرب.

copy_r