gulfissueslogo
الطائفية والإستبداد..وجهان لقبح واحد
مركز قضايا الخليج
27-03-2011

لم يكن مفاجئاً أن يشهر النظامان السعودي والخليفي سلاح الطائفية في وجه المتظاهرين بصورة سلمية سواء في شوارع البحرين أو شوارع المنطقة الشرقية، وعلى وجه الخصوص الإحساء والقطيف، لأن الطائفية أصبحت الأداة الغرائزية الأمثل للتعبئة المضادة، وتعزيز الإنقسام الداخلي الكفيل بوحدة السلطة المستبدّة وديمومتها..
ولم يكن مفاجئاً أيضاً، أن يستنفر ثالوث الإستبداد: علماء البلاط، وسدنة التضليل من كتّاب وصحافيين، ورعاع السلطة (البلطجية)، مستعيناً بأدبيات طائفية، عكف النظام السعودي على الترويج لها في الثمانينات من القرن الماضي لمواجهة (تصدير الثورة) الإيرانية، فإذا بقاموس البذاءة يشمئزٌ من الكلمات التي صاغها هذا الثالوث، وصارت جزءاً من خطابه اليومي، في ما يشبه (عقلية شوارعية)، كالتي عكسها تلفزيون البحرين الرسمي.
نقول ليس مفاجئاً، لأن طغاة العرب الآخرين مثل بن علي تونس ومبارك مصر وقذافي ليبيا وصالح اليمن لجأوا أيضاً الى أساليب ملتوية في تشويه صورة الثورات التي اندلعت في بلدانهم، تارة بأنها مدفوعة بأجندات خارجية، وأخرى كون من ورائها هم مجموعة من مدمني حبوب الهلوسة والمخدّرات، وثالثة بأن شباب الثورة هم أصحاب أغراض دنيئة وحاقدة، وأن نتائجها ستؤدي الى الفوضى، وصعود الإسلاميين المتطرّفين..وطاغية البحرين ليس استثناءً، فقد لجأ الى الخطاب الطائفي لأنه المحرّض الغرائزي الأقوى، وقد بشّر ولي العهد البحريني ونجل الملك بذلك منذ الأيام الأولى حين وصف الحركة الاحتجاجية الشعبية السلمية بأنها شكل من أشكال الصراع الطائفي، في وقت كانت فيه مجموعات سنيّة وازنة تشارك في الحركة وتعتصم في دوار اللؤلؤة..
كل الذين يتّهمون التحرّك الشعبي السلمي في البحرين بالطائفية لا يملكون دليلاً واحداً لإثبات ذلك، فشعارات التحرّك واضحة لا لبس فيها ومنها (إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه)، و(لا سنيّة لا شيعية وحدة وحدة بحرينية)، وحتى الأغاني الثورية التي انتشرت بعد بدء التحرّك الشعبي، كانت تشدّد على بعده الوطني ونبذ محاولات إضفاء طابع مذهبي عليه، وصولاً الى الخطابات الجماهيرية التي كان القادة السياسيون يلقونها في دوار اللؤلؤة أو خارجه، فلم تشتمل على نفس طائفي فضلاً عن أهداف طائفية..ولكنّه النظام الإستبدادي الذي حين عجز عن مواجهة المطالب المشروعة للمتظاهرين، لجأ الى الخطاب الطائفي، ما يستبطن إجابة واضحة مفادها أن النظام الخليفي يرفض مطلب التغيير، ويتمسّك بخياره الإستبدادي، وهذا يلخّص المأزق الذي وصل إليه هذا النظام، وكل حديث عن أجندة خارجية، وأغراض طائفية، مجرد (كلام فارغ).
ما تكشّف اليوم بصورة لافتة مايلي: أن الطائفية هي التظهير الإجتماعي والديني والثقافي للإستبداد السياسي، فإذا ما علت النبرة الطائفية لدى الثالوث سالف الذكر، يكون الإستبداد هو من أصدر أمر عمليات لإجهاض التحرّكات الشعبية الديمقراطية..فهما وجهان لقبح واحد.

copy_r