gulfissueslogo
دور شعوب الخليج
موقع قضايا الخليج

  الخليج ليس نفطاً ولا عوائل حاكمة فحسب، بل هو قبل ذلك وبعده شعوب تقطن بالقرب منه، وترتبط هويته، ومكانته الجيواستراتيجية، ودوره الحضاري بإنسان هذه المنطقة الذي تعالق برمل الخليج ومائه، كما ارتبط بلؤلؤه ومحاره، وأخيراً ارتبط بأمنه والخطر المحدق به.
 
شعوب الخليج باتت معنية اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يكون لها دور في كل الملّفات المطروحة في منطقة ينظر إليها الأجانب بكونها مجرد بئر نفط يجب الدفاع عنه، حتى لو هلك الناس جميعاً، كما ينظر إليها البعض بوصفها مزرعة لفئة تحكم وفق تقاليد قروسطية..كان ذلك ممكناً حين كان مستوى الوعي لدى الشعوب متدنياً بما يسمح لمثل هذه المقاربات النجاح، أما اليوم فإن لشعوب الخليج كلمة، ولا بد أن يكون لها ذلك، في كل الأخطار التي تواجه وجودها ومصيرها.
 
كان غياب الوعي السياسي لدى شعوب الخليج مسؤولاً عن عبور كثير من المشاريع المشبوهة التي نالت من استقلال دول المنطقة، ونهب ثرواتها، وتسلّط الأنظمة الشمولية على رقابها، ولكن لا عذر اليوم بعد أن تمزّقت حجب (التجهيل)، وبات العالم قرية كونية يعلم أهل شرق الأرض ما يجري في غربها، ويدرك أهل شمال الأرض ما يجري في جنوبها، فكل جهات كوكبنا باتت تحت دائرة الضوء، وليس ثمة ما يمكن إخفاءه من القضايا ذات الصلة بوعي الشعوب بحقوقها العامة.
 
المطلوب اليوم هو الإنتقال بالوعي السياسي لدى شعوب الخليج الى حيز التنفيذ، وتنظيم الجهود في إطار مؤسسات أهلية للضغط من أجل تحقيق مبدأ المشاركة الفاعلة في صنع القرارات السياسية والمصيرية التي تعني ليس الفئات الحاكمة فحسب، بل الأهم أنها ترتبط بمصير المنطقة برمّتها في ظل التدجيج العسكري المتواصل من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، وفي ظل إغفال مقصود لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، دون وصاية من أحد مهما كانت صفته، ويجب أن تكون مصالح شعوب المنطقة في قائمة أولويات صنّاع القرار الخليجي، بما يلغي الفكرة الإستعمارية القديمة التي تفرض على الحكومات الخليجية دور حراسة المصالح الإستراتيجية للغرب في مقابل ضمان حماية العرش.
 
يلزمنا العودة مجدداً الى النشأة الطبيعية للجماعات والدول، والإنطلاق من مبدأ الحق الطبيعي الذي يؤسس لتوافق جماعي على كل الملفات ذات الإهتمام المشترك: الأمن، شكل الحكم، الثروة، القانون، الحقوق والحريات، والعلاقة مع الآخر. فإذا استعادت شعوب الخليج حقها الطبيعي في صنع القرارات المصيرية تكون قد ترجمت وعيها الى أفعال..ولا يجب أن تسمح لوأد وعيها بقفّاز الوعود العقيمة من قبل أيٍ كان.
 
 
التحرير
 

copy_r