gulfissueslogo
ديمقراطية (اللؤلؤة) برائحة الدم
مركز قضايا الخليج

في تمام الساعة الثالثة من فجر السابع عشر من شباط (فبراير)، كان (الإصلاح) في البحرين على محك الجدارة في دوّار اللؤلؤة. ولأول مرة يخضع مشروع ملك البحرين حمد بن عيسى للإمتحان الحقيقي، بعد أن كانت تساق الذرائع لأكثر من عقد من الزمن بأن ثمة تبايناً داخل العائلة الخليفية بين من هم مع الإصلاح ومن هم ضدّه، وتبيّن في نهاية المطاف أن الجميع في مواجهة إرادة الشعب. ونقول الشعب، لأن ثمة من جرى دمجه عنوة في بنيته عبر مشروع (التجنيس السياسي) الذي بدأ، للمفارقة، في اللحظة التي أعلن فيها الملك عن بدء مشروعه الإصلاحي..
في دوّار اللؤلؤة، كان للديمقراطية على طريقة ملك البحرين طعمٌ آخر، ولكن برائحة الدم، في مواجهة غير متكافئة بين الدبابة والكمبيوتر اليدوي الذي كان لدى المعتصمين في الميدان..مواجهة بين الرشاش الآلي و(الشيشه) التي كان يتسلى بها الشباب المعتصم إعتقاداً منهم بأن حق التظاهر مكفول للجميع، تماماً كما هي حرية التعبير التي جاء على ذكرها الدستور البحريني..

أوهم ملك البحرين الشعب بأن عهد الإصلاح قد بدأ فعلاً، وأن زمن (أمن الدولة) ولّى ولا رجعة له، وتصرّف الناس على ما ورد في مواد الدستور وفي باب الحقوق والحريات، رغم الإعتلالات الخطيرة في هذا الدستور، وخصوصاً تخويل الملك صلاحيات مطلّقة بما يجعله حاكماً مطلقاً. وتبيّن في فجر السابع عشر من شباط (فبراير) أن (الإصلاح) قدّرٌ مشروط، يقضيه الملك دون سواه، فإذا ما تعارض الإصلاح ومصلحة الملك، فإن البديل ليس المزيد من الإصلاح، كما يطمح الشعب، ولكنّ الإرتداد إلى (التوحّش) والقمع الهستيري، في تعبير عن زيف المدعى الإصلاحي.

لقد تبخّر وهم الإصلاح في دوّار اللؤلؤة، وشهد الناس والعالم بأسره أن ثمة إرهاب دولة يكمن وراء المزاعم الإصلاحية. وإذ لا يمكن تخيّل سلوك آدمي بهذا القدر من الشراسة والدموية، حيث يقدّم جيش من المرتزقة في ساعة متأخرة على اقتراف مجزرة بشعة في حق المعتصمين، وأغلبهم نيام، فإن من اقتحموا الدوّار يعلمون علم اليقين بأن هناك نساءً وأطفالاً، وأن الجيش قد ارتكتب المجزرة عن سابق حقد وتعمّد.
قدّمت وحشية النظام البحريني في دوّار اللؤلؤ نموذجاً قبيحاً لأي إصلاحات وهمية يقودها النظام الحاكم..أراد آل خليفة أن يقدّموا نموذجاً مختلفاً بأنهم أول نظام يكسر ثورة شعبه، كيما ينعم باقي طغاة دول مجلس التعاون الخليجي بنجاح ديكتاتورية الدولة القمعية، وهم واهمون في ذلك، لأن ما جرى في البحرين أفقد ما تبقى من أمل في الحكومات بأن تكون قابلة للإصلاح..ولا سبيل إلا خيار الشعوب!

copy_r