gulfissueslogo
انتصار مصر..من القادم؟
مركز قضايا الخليج

ثمة فرحة عارمة تغمر شعوب الخليج بانتصار الثورة المصرية، التي يُنظَرُ إليها على أنها ثورة العرب جميعاً، لأن مصر تستعيد الآن هويتها القومية ودورها التاريخي باعتبارها أم العرب قبل أن تكون أم الدنيا..
في المقابل، ثمة حزن عميق مشوب بالخوف يغمر حكّام الخليج، خصوصاً بعد شحنة المقالات التي انتشرت في الإعلام الدولي في غضون الأيام الخالدة لثورة الشعب المصري من أن دولاً خليجية وأبرزها السعودية ستكون الهدف القادم لحركة الاحتجاجات الشعبية، والسبب في ذلك وجود مشتركات من حيث نسبة الشباب (52 بالمئة)، ونسبة الفساد المالي والإداري الذي يصل الى معدّلات قياسية، والأهم هو الفقر الديمقراطي الذي وضع السعودية في مرتبة 160 من أصل 168 دولة مصنّفة عالمياً، بما يجعلها الأسوأ عربياً.
وسواء كانت السعودية هي المحطة القادمة لثورة الشعوب العربية أم لم تكن، فإن الدول الخليجية عموماً مرشّحة لأن تكون محطة لثورة شعبية لأن شروط الثورة متحقّقة، وليس في ذلك مبالغة، وعلى الذين يعتقدون خلاف ذلك قراءة التقارير الحقوقية والبيانات الصادرة عن مؤسسات متخصّصة في مستويات الفساد، والشفافية، والأداء السياسي، والمستويات المعيشية، والحريات العامة التي تكشف بوضوح ماذا يعني أن تكون كل دولة خليجية هي مرشّحة لثورة شعبية..
ومن أجل توفير الجهد والوقت على حكّام الخليج والموظفين الموكلين بقراءة ارتدادات الثورة المصرية على المجتمعات الخليجية، لابد من تجنيد كائنات خارقة كيما تقرأ ما لايُرى في الشارع، تماماً كما عجزت وكالات الاستخبارات الأميركية والاسرائيلية والأوروبية عن التنبوء بلحظة انفجار الثورة المصرية..
ما يختمر في قلوب وأذهان الخليجيين لا يمكن قياسه،  ولذلك يخطىء من يراهن على صمت الشعوب أو تزييف مطالبها عبر تقديم هبّة (ألف دينار) من أجل امتصاص غضبها. لم يعد الأمر متعلّقاً برغيف الخبز مالم يكن مصحوباً بكرامة، وقد تجاوز الحكّام حدود التسلّط والاستعباد في زمن لم يعد يكترث فيه الشباب لأساليب التهويل البالية، فقد ابتكرت الفئات الحديثة وسائل لمقاومة ثقافة الخوف التي نشرها الحكّام، وباتت الحرية وحدها السبيل الذي يسلكه الشباب من أجل تحقيق مبادىء العدل والحرية والكرامة والمساواة..
مصر عادت الى العرب، ولا ريب أن العرب سيجدون في مصر الثورة مصدر إلهام لابد أن يتعمم، وإن محاولات وأد الثورة أو احتوائها أو التآمر عليها هي من إرث الماضي، فالأنظمة الخليجية دخلت مرحلة الشيخوخة ولن يمنحها عمرٌاً إضافياً إلإ الإصلاح السياسي الشامل أو يتولى الشباب إصلاحها عبر الثورة.

copy_r