gulfissueslogo
الخليج بعد مصر
قضايا الخليج

لم يعد سرّاً القول بأن الخليج مرشّح في أي لحظة لأن يكون المتلقي الأول لبشارة الثورة الشعبية في مصر، ببساطة لأن الخليج كان دائماً متفاعلاً مع موجات التغيير الثقافي والسياسي التي تنطلق من مصر، باعتبارها مركز الجاذبية في المشرق العربي. فحين انطلقت الحركة الاسلامية في العقد الثالث من القرن العشرين في مصر، كان يتنادى الخليجيون الى القاهرة للتعرّف على هوية القيادة الجديدة، وفكرها، وأهدافها، فنقلوا التجربة الحركية الاسلامية الى الخليج. وحين انتصرت حركة الضباط الأحرار في يوليو 1952، كان الخليجيون في طليعة المؤيّدين لتلك الحركة، وخرجوا في مظاهرات تندد بالأنظمة الرجعية التي تقف ضد حركة الثوّار في مصر.
اليوم، تنبّه المراقبون مبكّراً الى أن حركة الثورة الشعبية التي تغمر كل شوارع ومدن مصر لابد أن تلقي بظلالها على الواقع العربي عموماً والخليجي بوجه خاص، فبالرغم من حالة الترقّب التي تعيشها شعوب الخليج بانتظار ما ستسفر عنه الثورة في مصر، فإن بيانات ومواقف التأييد لها في الوسط الخليجي قد بدأت بما يبطن تطلّعاً لدى شعوب الخليج بأن تؤتي الثورة ثمارها ليس في الداخل المصري فحسب، بل وأن تجود، كما كل موجات التغيير التي كانت تشهدها مصر، على الشعوب العربية.
ثمة رسالة واضحة تبعث بها الثورة الشعبية في مصر الى الخليج، كما الى كل مكان في العالم، بأن قدر التغيير أصبح حتمياً، وأن لا قوة في العالم مهما بلغت قادرة على تعطيل إرادة الشعوب الطامحة نحو التغيير، وأن محاولات التأجيل المفتعلة لقرار الرحيل ليست سوى محاولات بائسة ويائسة، لأن سقوط (رمزية) و(هيبة) رأس النظام يعني زوال النظام نفسه، وهذا ما حدث في 25 يناير الماضي في مصر، حيث كانت مصر على موعد مع لحظة تحوّل تاريخي، كسر خلالها الشعب المصري حاجز (الخوف)، وتالياً تفتيت حواجز أخرى معنوية ورمزية أفضت الى إفراغ قيمة النظام القائم، ولم يعد يمتلك الرئيس وفريقه الحاكم من القوة المعنوية التي تجعله ممسكاً بسلطة قائمة على المشروعية الشعبية.
ما يقال عن النظام المصري المترنّح، ينسحب على كل الأنظمة العربية، بما فيها المشيخات الخليجية التي تحاول تحصين مراكز سلطتها عبر شراء الولاءات بهدف تشكيل قاعدة شعبية، وإن بصورة مؤقّتة، ولكن لا سبيل آخر أمام حكّام الخليج سوى إدخال إصلاحات جوهرية وعاجلة، لأن موجة التغييرات التي بدأت في مصر لن تستثني أحداً..  

copy_r