gulfissueslogo
هل يبقى الخليج في منأى عن (هبّة) التغييرات؟
مركز قضايا الخليج

لا ريب أن ما يجري في أكثر من بلد عربي، وخصوصاً في تونس والجزائر ومصر واليمن، يحظى باهتمام الشعوب والحكومات العربية على  حد سواء. فمن جهة، تترجم الهبّات الشعبية تطلعاً جماعياً لدى الشعوب العربية بزوال رموز وعقد الديكتاتورية والطغيان التي جثمت على الواقع العربي لعقود طويلة، ولذلك كان الشعار الموحّد الذي رفعته الجماهير الغاضبة في تونس ومصر واليمن هو (رحيل الرئيس)، إذ لم يعد هناك مساحة ثقة في العلاقة المأزومة بين الحاكم والمحكوم. ومن جهة ثانية، فإن الحكّام العرب باتوا يتوجسّون خيفة من اندلاع هبّات شعبية في ظل اختناق سياسي، الأمر الذي يدفع بهم للجوء الى الخيار الوحيد والمفضّل وهو (القمع)..

في مصر واليمن كما كان في تونس، ثمة تحوّل اجتماعي عميق مرتبط بتحوّل ثقافي واتصالي، حيث سمحت تكنولوجيا الاتصال لجيل الشباب في أن يصوغ حلمه في الدولة المأمولة، من خلال ما تبادله من أفكار، وقيم، وتقنيات في التعبير عن رأيه  وتطلّعه في العالم الافتراضي مع شعوب العالم أجمع وخصوصاً الشعوب التي تعيش في بلدان ديمقراطية، متجاوزاً لغة التهويل ووسائل القمع التي لم تعد قادرة على إجهاض حركة الشباب الجديد، فمجتمع الإنترنت اليوم يتقاسم كونياً أفكار الحرية، ويشكّل خياراته الجديدة التي لا تتوافق مع الدولة السائدة.
ما يجري في أكثر من قطر عربي من تحرّكات شعبية لناحية تغيير معادلة الحكم، لم يعد استثناء عربياً، بل يمكن القول، وبقدر كبير من الثقة، أنه يمثل القاعدة، والإجماع الشعبي العربي من المحيط الى الخليج، وأن ما تخشاه الحكومات العربية، هو أن ما جرى في تونس يشكل بداية (لعبة الدومينو) في الشرق الأوسط.

شباب الخليج، شأن شاب العرب في كل الأقطار المحكومة بأنظمة شمولية، يتطلّعون كما أشقاؤهم العرب ونظراؤهم في العالم الى دولة ديمقراطية حرة وعادلة، يعبّرون فيها عن ذواتهم، ويختارون فيها شكل حكومتهم، وينتخبون ممثليهم في برلمانات ديمقراطية ومستقلة. بكلمة، إن لم تحثّ العوائل الحاكمة في الخليج الخطى لبدء إصلاح سياسي جوهري وفاعل بملء إراداتها فإن قدر (الهبّات) لا مفرّ منه.
 

copy_r