لا ترغب السلطات الأردنية لأسباب مفهومة بالتعليق على ما أعلنته صحيفة
'إندبيندنت' البريطانية حول إنهاء عقود 90 ضابطا أردنيا يعملون مع الحكومة
البحرينية بسبب ما تقول الحكومة البحرينية انها تجاوزات ارتكبوها ضد مواطنيها
الشيعة.
لكن الجانب الأردني الرسمي على الأقل يعتقد أن القرار البحريني بالاستغناء عن
الضباط الأردنيين قد يبدو محاولة 'لإبعاد شهود محتملين' عن مجريات محاكمات
وقضايا تشهدها المنامة حاليا وستشهد المزيد منها مستقبلا، وهي قضايا يرفعها
ضحايا القمع الرسمي البحريني ويطالبون فيها بتعويضات مالية. لكن في مربع القرار
الإستراتيجي في عمان ثمة مشاعر سلبية تشكلت لكنها مكبوتة لأسباب سياسية وخوفا
من أن يستغلها حراك الشارع الأردني الرافض عمليا لوجود قوات وخبرات أردنية في
دولة البحرين تشارك في قمع الشعب هناك.
وهذه الأوساط لا تخفي إحساسها بأن اتجاه الحكومة البحرينية الواضح بخصوص
المسألة مفعم بالانتهازية السياسية ويراكم وسط الشارع الأردني عمليا الموقف
السلبي من البحرين والتعاون الأمني معها، خصوصا في ظل القناعة بأن التسريب
البحريني للصحيفة البريطانية دخل في التصنيف في باب التكتيك السياسي.
ولا يخفي الأردنيون إحساسهم السياسي بأن الكشف البحريني عن تجاوزات مفترضة
لرجال أمن أردنيين ينطوي على أنانية سياسية ويؤدي لإحراج الحكومة الأردنية في
عمان ويدخل العلاقات الإيجابية جدا بين البلدين في زاوية حرجة، لانه ينطوي على
أحد أنواع التضليل السياسي لان مشكلة النظام البحريني لا تتعلق ولا يمكن أن
تكون متعلقة بـ 90 ضابطا أردنيا تلقوا الأوامر وعملوا مع السلطات في المنامة.
بطبيعة الحال لا يمكن التعبير علنا أو إعلاميا عن الموقف الرسمي الأردني، لكن
العلاقات مع دول خليجية أخرى دخلت هذا الأسبوع لأسباب متنوعة بمنحنيات حرجة
تحديدا مع الإعلام في الأردن، فلأول مرة تتجه نخبة من أبناء العشائر الأردنية
لتنظيم وقفات احتجاجية ضد المملكة العربية السعودية إثر تنفيذ حكم الإعدام بقطع
الرأس بالمواطن الأردني إبراهيم المحارمة بعد ساعات فقط من تسليم السفير
السعودي في عمان رسالة من أبناء عشائر أردنية يناشدون فيها 'أبو متعب' ملك
السعودية العفو عن ابنهم.
المحارمة الشاب الذي نفذ فيه الإعدام فعليا بالسيف ظهر الثلاثاء كان معتقلا منذ
عشر سنوات في سجون السعودية بتهمة تتعلق بالاتجار بالمخدرات وكان ملف الشاب
منسيا لكن على هامش حراك العشائر الأردنية المطالب بالإفراج عن أبنائها في كل
مكان وجهت مناشدات للقيادة السعودية.
الرد السعودي بتنفيذ الإعدام فعليا وتجاهل مشاعر ومناشدات أهالي المرحوم
وعشيرته والمتعاطفين معهم نزل كالصاعقة على الرأي العام الأردني الذي لاحظ قسوة
مبالغا فيها بالإجراء السعودي مع رسالة سلبية ستنعكس أثارها قريبا على وقفات
احتجاجية متتالية ضد السفارة السعودية، وفقا للنائب في البرلمان صلاح المحارمة
الذي تبنى المسألة ووجه المناشدة.
فورا وبعد تنفيذ الإعدام ظهرت تعبيرات في الإعلام الإلكتروني الأردني لم تظهر
في السابق إطلاقا، فصحيفة 'عمان بوست' الإلكترونية قالت وفي المانشيت العريض
'النظام الوهابي المتخلف يقطع رأس الأردني المحارمة' ولاحقا ستظهر موجات من
السخط على حكام السعودية.
على جبهة موازية يبدو أن العلاقات مع دولة الإمارات مرت أيضا بعاصفة مكبوتة
كانت من بين الأسباب التي أدت في عمان لعاصفة 'البنك المركزي' فالشيخ منصور بن
زايد وبعض أشقائه وجهوا عمليا لوزير الخارجية الأردني ناصر جودة ولمسؤولين
وسياسيين أردنيين تهمة خاصة لم يكشف النقاب عنها وهي 'التسبب بإدخال إف .بي .
آي إلى المؤسسات المالية الإماراتية'.
وعند الحفر في التفاصيل يتبين ان الغضب الإماراتي المكبوت عمليا بسبب حراجة
الموقف وحساسيته متعلق بقضية رجل الأعمال الأردني - الإماراتي مزدوج الجنسية
أحمد السميك الذي حول محافظ البنك المركزي الأردني المقال فارس شرف ملفه إلى
التحقيق تحت الاشتباه بقضية غسيل أموال.
لاحقا طار المحافظ شرف من منصبه في عمان لعدة أسباب كان من بينها قصة السميك،
ولاحقا وجه شيخ اماراتي ملاحظته القاسية للأردنيين ومضمونها حسب مصدر مطلع جدا
تحدث لـ'القدس العربي' أرسلناه لكم بمئة مليون دولار للمساعدة استثماريا
وأوراقه سليمة وحسب الأصول 100 بالمئة وفوجئنا بقراركم التحقيق معه بشبهة غسيل
الأموال ودفعتمونا لمواجهة تساؤلات إف بي آي الأمريكية وتصرفكم الإداري لم يكن
ينطوي على مشاعر أخوية.