gulfissueslogo
اجتماع لمجلس التعاون
قرار توسيع مجلس التعاون الخليجي يهدف لحماية الانظمة ومواجهة مد الانتفاضات العربية

يهدف قرار مجلس التعاون الخليجي المفاجئ بفتح الباب امام عضوية الاردن والمغرب والتحول لناد للملكيات العربية، الى مواجهة مد الانتفاضات العربية والخطر الايراني بحسب المحللين، الا انه يثير تساؤلات ومخاوف كثيرة ويبدو بعيدا عن نبض الشارع الخليجي.
واحدث المجلس الذي يضم السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين، صدمة عندما اعلن في العاشر من ايار/مايو موافقته على انضمام الاردن اليه ودعوة المغرب الواقع في الطرف الآخر من العالم العربي وضمن منطقة مختلفة تماما جيوسياسيا، الى البدء بمفاوضات الانضمام.
وقال المحلل السياسي من مركز بروكينغز في الدوحة ابراهيم شرقية لوكالة فرانس برس ان 'التغييرات التي تعصف بالعالم العربي وقد تطال منطقة الخليج هي العامل الرئيسي وراء القرار المفاجئ'.
وبحسب شرقية، فان مجلس التعاون الذي اسس في 1981 وظل ناديا مغلقا منذ تأسيسه 'يعتزم اقامة تنسيق بين الملكيات العربية الثمانية للوقوف في جبهة واحدة امام الثورات التي اقتصرت الى الان على جمهوريات'.
واعتبر شرقية ان 'مثل هذا التنسيق معقول وشرعي' لكنه شدد على انه 'لا بد ان ننتظر حتى نرى الى اين سيسير هذا التنسيق، اما باتجاه تعزيز الانظمة وقمع اية محاولة للتغيير بمساعدة المغرب والاردن اللذين لهما خبرة كبيرة في المجالين الامني والعسكري او باتجاه ادخال اصلاحات تتناسب مع تطلعات الشعوب اعتمادا على التجربة السياسية للبلدين'.
وتشعر دول المجلس بالقلق ازاء الانتفاضة الشعبية في اليمن، جارها الفقير في جنوب غرب الجزيرة العربية الذي يطمح منذ سنوات للانضمام للمجلس، لكن دون اي تقدم. كما ان مخاوف دول الخليج ازاء ايران تصاعدت بشكل كبير في الاشهر الاخيرة على خلفية الحركة الاحتجاجية التي قادها الشيعة في البحرين. وقال المحلل السياسي الكويتي عايد المناع لفرانس برس ' ينظر الى ايران على كونها تمثل تهديدا لامن الخليج، ودول مجلس التعاون يمكن ان تعول على خبرة جيشي المغرب والاردن في مواجهة اي خطر خارجي'، مع العلم ان المغرب والاردن هما بلدان سنيان. كما تنظر دول الخليج بعين الريبة لدعم واشنطن، حليفتها الاساسية، للثورات العربية وخصوصا في مصر وتونس.
الا ان قرار توسيع المجلس اثار صدمة لانه اتى من دون تحضير مسبق بالنسبة للكثير من المراقبين والمواطنين الخليجيين، كما ان العقبات الاقتصادية للانضمام كثيرة وابرزها كون الاردن والمغرب بلدين فقيرين نسبيا، فاجمالي الناتج الداخلي للبلدين، 92 مليار دولار للمغرب و27 مليار دولار للاردن، يشكل 9' فقط من اجمالي الناتج الداخلي لدول مجلس التعاون بحسب رئيس مركز الخليج للابحاث عبدالعزيز الصقر.
ودخول 32 مليون مغربي و6,5 مليون اردني الى المجلس سيضاعف عدد سكانه، الى جانب الفوارق الثقافية والتاريخية الكبيرة بين الخليجيين الذين تجمعهم عادات وتقاليد واحدة والمغربيين البعيدين جغرافيا.
وقال شرقية في هذا السياق 'هذا المشروع سيفاقم بدون شك مشكلة البطالة خاصة في المملكة العربية السعودية حيث تصل البطالة لنسبة 30 الى 40 بالمئة بين الشباب'. فالمغرب والاردن يعانيان من البطالة وستكون قواهما العاملة تواقة للعمل في دول الخليج الغنية بالنفط والمعتمدة بقوة على اليد العاملة الاسيوية حاليا. واكد كتاب خليجيون على دهشتهم ودهشة المواطنين ازاء القرار المفاجئ و'الملتبس' الذي صدر عن مجلس التعاون.
وقال الكاتب السعودي المعروف داوود الشريان في مقالة في جريدة الحياة 'لا شك ان قرار مجلس التعاون بقبول الاردن ودعوة المغرب للانضمام قوبل بقلق شعبي واسع'. واضاف 'هذه الخطوة لم تجد ترحيبا شعبيا ورفضها بعض النخب بحجة ان توسيع مجلس التعاون في ظل تعثر التعاون الاقتصادي بين دوله الست سيكرس مسالة تفاوت الفهم بين الاعضاء'.
واشار الكاتب الى انه 'حتى الآن لم تعلن دول المجلس اسباب هذه الخطوة وتوقيتها وهل سيكون انضمام البلدين بشكل تدريجي او سيأخذ صيغة اخرى' الا انه قال ان 'الاكيد هو ان اعلان الخطوة الخليجية الاخيرة من دون طرحها للاستفتاء كان مفاجئا لشعوب دول الخليج'.
اما الكاتب عبدالله عمران فقد كتب في صحيفة الخليج الاماراتية الثلاثاء 'يخطئ الحساب من يعتقد ان القفز بحركات سريعة ومفاجئة نحو المحيط الأطلسي واخرى نحو الشمال لتوسيع عضوية المجلس الخليجي بعد ان ظل ناديا مغلقا لنحو ثلاثين عاما هو وصفة ناجعة لمواجهة المتغيرات والتحولات، هنا وهناك، بما فيها ملفات وهواجس ما يسمى بالخطر الاقليمي والدولي'.
وتساءل 'هل هذه الخطوة المفاجئة والعديمة الشفافية والملبدة بالالتباس هي البديل من تقوية وتعميق الأسس والقواعد داخل منظومة المجلس؟ هل هي لتدعيم واصلاح العلاقات العربية العربية، أم أنه سيترتب عليها المزيد من التعقيد والاستقطاب، خاصة في ظل حركة الهزات الزلزالية الجارية والمنتشرة في ليبيا واليمن والعراق وسورية ودخول مصر في مسار التحولات، على المستويين الداخلي والخارجي؟'.
وخلص الى القول بان 'الحكمة الخليجية هذه المرة ملتبسة، بقدر ما هي مفاجئة' مشددا على ان 'العودة الى الحكمة الخليجية تقتضي ان نبقي على دول مجلس التعاون الخليجي وأن تعزز مسيرته وان تحقق أهدافه وان تدعم الجامعة العربية من خلال التنسيق مع الأشقاء العرب'. اما عايد المناع فاعرب عن خشيته من فشل مشروع التوسيع. وقال 'أخشى ان يكون مصير المجلس الموسع نفس المصير الذي واجهه اعلان دمشق' الذي تم بموجبه ضم سورية ومصر الى مجلس التعاون لفترة وجيزة بعيد تحرير الكويت ومشاركة سورية ومصر في الحرب الى جانب الحلفاء.
من جانبهم حذر الإسلاميون في الأردن امس الثلاثاء مما اسموه صراعات إقليمية لمصلحة قوى كبرى تسعى لحماية مصالحها في المنطقة جراء انضمام الأردن منظومة مجلس التعاون الخليجي.
وحذر حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، في بيان صدر امس، من الالتفاف على مشروع الإصلاح الذي ينشده الشعب الأردني والعربي تحت أية ذريعة من الذرائع أو مشروع من المشاريع. كما رفض 'العمل الاسلامي' في بيانه أن يكون ثمن التخفيف من المشاكل الاقتصادية وتوفير فرص عمل للمواطنين التضحية بالمبادئ وبحياة المواطنين، مؤكدا على حق العرب التمتع بالخيرات التي أنعم الله بها على بعضهم كونهم أمة واحدة.
وأضاف البيان إن الوحدة العربية كمقدمة للوحدة الإسلامية هدف استراتيجي باعتبارها فريضة شرعية، وضرورة على المستويين القطري والعربي، 'ولكن الوحدة التي نتطلع إليها وحدة تتوفر لها أسباب النجاح والديمومة بعد التجارب الفاشلة التي منيت بها مشاريع الوحدة أو الاتحاد'.
وتابع 'سعينا للوحدة، وترحيبنا بالتنسيق، لا يمنعنا من التحذير من أهداف لا تحقق المصالح العليا للأمة'، محذراً من أن تكون الموافقة على قاعدة العودة الى سياسة المحاور التي عرفت في ستينيات القرن الماضي.
كما نوه 'الحزب' إلى إن 'العدو الصهيوني' الذي 'أكمل احتلال فلسطين وأجزاء عربية أخرى' يسعى الى تحقيق اختراقات اقتصادية وثقافية وأمنية، ولاسيما عبر الأقطار التي نجح في عقد اتفاقيات معها، الأمر الذي يستدعي 'تفعيل المقاطعة والتصدي للسياسات التطبيعية'.
ودعا الحزب في بيانه إلى وحدة عربية و'لو على غرار الاتحاد الأوروبي وصولاً الى تحقيق سيادة الأمة وإمساكها بزمام الأمور'، مستذكرا أن عوامل الوحدة بين الأقطار العربية تفوق كثيراً مثيلاتها في أوروبا كما دعا إلى أنشاء سوق عربي مشترك.
وقال الحزب انه 'فوجئ بموافقة دول الخليج على انضمام الأردن لمنظومة مجلس التعاون وان المفاجأة تأتي من أن الموافقة جاءت بعد خمس عشرة سنة من طلب الانضمام، وأنها لم تسبق بمباحثات أو تجديد طلب العضوية، وبالقفز الى المغرب الأقصى، متجاوزة اليمن ومصر وأقطاراً عربية عديدة آسيوية وافريقية أكثر قرباً'.
وقال الحزب انه 'وفي ضوء التحولات الكبرى التي يشهدها وطننا العربي ابتداء من تونس ومصر ومروراً بأقطار عربية أخرى، وصولاً الى تحقيق سيادة الأمة وإمساكها بزمام الأمور فإننا نتطلع الى وحدة عربية ولو على غرار الاتحاد الأوروبي، مستذكرين أن عوامل الوحدة بين الأقطار العربية تفوق كثيراً مثيلاتها في أوروبا'.
وكانت قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الرياض الاسبوع الماضي رحبت بانضمام الاردن والمغرب لعضوية المجلس. ويأمل الاردن الاستفادة من المزايا السياسية والاقتصادية التي يوفرها انضمامه للمنظومة الخليجية.

copy_r