ردت الاسر الحاكمة لدول الخليج العربية على الانتفاضات التي تجتاح العالم
العربي بدعوة مملكتي الاردن والمغرب للانضمام لعضوية مجلس التعاون الخليجي في
اطار بحثها عن سبل لمكافحة الاضطرابات في الداخل وما تعتبره تهديدا ايرانيا.
وجاء اعلان قادة دول مجلس التعاون الخليجي يوم الثلاثاء الذي رحبوا خلاله
بالاردن والمغرب كعضوين محتملين في هذا التكتل المنتج للنفط ليفاجيء كثيرين في
عمان والرباط واللذين لا يعتبران أنفسهما على قدم المساواة مع اقتصادات الخليج
الاكثر ثراء.
ويقول محللون ان الدافع لتحالف أوثق ازداد قوة بعد الاحتجاجات الحاشدة التي
تجتاح العالم العربي التي أقلقت نخب الحكم الشمولي من اجتياح العدوى لمنطقتها
خاصة بعد أن أسقطت الاحتجاجات الشعبية رئيسي مصر وتونس.
ويشعر حكام دول الخليج بالقلق من أن يتخلى عنهم حلفاؤهم الغربيون ويساندوا
الاصلاح اذا انتشرت الاحتجاجات على نطاق واسع كما حدث مع حليفيهم لفترة طويلة
حسني مبارك وزين العابدين بن علي.
ومنذ زمن طويل يدعم الاردن الترتيبات الامنية بالخليج التي تدعمها الولايات
المتحدة والتي تعززها المخاوف التي تقودها السعودية من النشاط السياسي الشيعي
كرافد للنفوذ الايراني.
وقال نواف التل مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة الاردن انه لا شك أن
الدافع الرئيسي هو ما يحدث في العالم العربي وتداعياته وأضاف أن هذا مؤشر على
أن أمن واستقرار الاردن ليس مثار اهتمام محلي فحسب مشيرا الى أن هذه ايضا رسالة
تضامن.
وقال علي انوزلا رئيس تحرير موقع (لكم) الاخباري المغربي على الانترنت ان هذا
سيكون فيما يبدو تحالفا ضد الجغرافيا والمنطق الاستراتيجي السليم.
وأضاف أن من يطالبون بالتغيير في المغرب كشفوا عما يلهمهم فهم يحملون دائما
علمي مصر وتونس.
ومضى يقول ان المطالبين بالتغيير في المغرب يريدون ملكية برلمانية لا دستورية
لضمان الفصل بين السلطات.
وقال وزير الاعلام الاردني طاهر العدوان لرويترز ان عمان تؤيد السياسة الخارجية
لمجلس التعاون الخليجي ومعارضته لتدخل ايران في المنطقة.
وأضاف أن الاردن له موقف واضح وهو رفض اي تدخل ايراني في شؤون البحرين.
وقال ناصر البلوشي سفير البحرين في فرنسا ان اقتصادي المغرب والاردن رأسماليان
وبالتالي فهما مكملان لمجلس التعاون الخليجي مضيفا أن علاقاتهما القوية مع
الولايات المتحدة وفرنسا ستفيد اكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم.
وتتزايد قيمة الموقع الجغرافي للاردن الذي له حدود مع اسرائيل وسوريا والعراق
والسعودية كمنطقة عازلة هامة يمثل استقراره أهمية كبيرة لامن الخليج بينما تهز
الثورة الديمقراطية التي تجتاح العالم العربي سيطرة الحكام الذين يتولون السلطة
منذ سنوات طويلة.
وتأسس مجلس التعاون الخليجي الذي يضم السعودية والكويت والبحرين والامارات وقطر
وسلطنة عمان عام 1981 بعد قيام الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 . ويرتبط
أعضاؤه بعلاقات اقتصادية وعسكرية وتجارية.
وفي حين تعثرت محاولاته للاندماج الاقتصادي واصدار عملة موحدة بسبب المنافسة
السياسية والخلافات فان المجلس سارع الى حماية أعضائه من الانتفاضات التي تجتاج
المنطقة فأرسل قوات الى البحرين لمساعدة أسرة ال خليفة السنية الحاكمة في اخماد
احتجاجات شعبية قادها الشيعة وهم اغلبية.
ومن خلال الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي يأمل المسؤولون الاردنيون الحصول
على مساعدة لاقتصاد بلادهم الذي يواجه صعوبات من خلال خطة انقاذ كتلك التي تعهد
فيها المجلس بتقديم 20 مليار دولار لمساعدة كل من سلطنة عمان والبحرين اللتين
شهدتا اضطرابات.
وفي حين أن الاردن قد يتوقع تحقيق فوائد مالية فإن التفاوت بين اقتصاده المتعثر
واقتصادات تلك الدول الغنية المصدرة للنفط قد يمثل عائقا اخر لجهود تحقيق
التناغم بينهم.
وتوقفت خطط انشاء اتحاد نقدي خليجي بالفعل بسبب الخلافات السياسية ومن غير
المرجح أن تتقدم لسنوات.
وكان ارتفاع أسعار النفط سببا رئيسيا في العجز المتزايد بميزانية الاردن ويأمل
مسؤولون أن يساعد التقارب بين مجلس التعاون الخليجي والاردن الذي أنفق على
استيراد الطاقة 1.4 مليار دولار العام الماضي في حصول عمان على تخفيضات على
أسعار النفط.
لكن محللين يرون أن قدرة الاردن على تقديم الدعم الامني لمساعدة الاسر السنية
الحاكمة في الخليج مع ظهور اضطرابات داخلية او خلال اي مواجهة اقليمية تلعب
دورا.
وللاردن سجل من الاستقرار على الرغم من توقيعه اتفاقا للسلام مع اسرائيل عام
1994 لا يحظى بشعبية وبه أحد أفضل الجيوش وقوات الامن بالمنطقة.
ولعب الاردن بالفعل دورا رئيسيا في تعزيز قوات الامن في عدة دول خليجية مثل
عمان والبحرين وقطر والامارات. وهناك المئات من خبراء الامن معارون لبعض القوات
الخليجية.
وتقول مصادر أمنية انه تم ارسال ضباط سابقين بالجيش الاردني الى البحرين التي
شهدت احتجاجات على نطاق واسع في مارس اذار قادها الشيعة الذين يطالبون بمزيد من
الحريات السياسية واقامة ملكية دستورية وانهاء التمييز الطائفي.
ويشارك الجيش الاردني بواحدة من اكبر الفرق في قوات حفظ السلام التابعة للامم
المتحدة في حين ربما يكون جهاز المخابرات الاردني اكثر شريك تثق به وكالة
المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) بالعالم العربي.
وبفضل تمويل أمريكي سخي دربت المملكة الافا من ضباط الشرطة من الاراضي
الفلسطينية والعراق وحتى أفغانستان والتي له بها قوة اكبر من قوات اي دولة
عربية أخرى هناك.
وقال التل من جامعة الاردن ان الاردن يستطيع لعب دور كبير في استقرار منطقة
الخليج فقد لعب بالفعل دورا بطريقة او أخرى لكن عمان الان ستصبح جزءا من أمن
الخليج بشكل اكثر رسمية.
من سليمان الخالدي