2011-04-25
بدأ السيد عصام شرف رئيس الوزراء المصري جولة في الدول الخليجية بدأها بالمملكة
العربية السعودية، لبحث تنسيق المواقف في قضايا اقليمية وبحث امكانية جذب
استثمارات لمساعدة الاقتصاد المصري في النهوض من متاعبه المتفاقمة بسبب عملية
التغيير الراهنة وتداعياتها.
جولة رئيس الوزراء المصري تتزامن مع أنباء نشرتها صحف ووسائل اعلام مصرية تشير
الى ممارسة المملكة العربية السعودية ضغوطا مكثفة على المجلس العسكري المصري
الحاكم لمنع محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وهي انباء نفاها السيد
شرف ربما لانجاح جولته هذه وعدم تعكير اجوائها مسبقا.
الاقتصاد المصري يحتاج الى 12 مليار دولار على شكل قروض واستثمارات لسد العجز
وتنشيط الاسواق المالية، واعادة الثقة اليها مجددا، بعد سجن العديد من رجال
الاعمال الكبار من رموز العهد السابق بتهم متعددة، ابرزها الفساد والتربح ونهب
المال العام.
الدول الخليجية الاربع التي سيزورها السيد شرف، والمملكة العربية السعودية على
وجه الخصوص، ساندت النظام المصري السابق، ودخلت معه في تحالفات استراتيجية تحت
مسمى دول محور الاعتدال، لمواجهة ايران وطموحاتها النووية والتوسعية وتهديدها
المباشر لأمن الخليج، على حد قولهم.
النظام المصري الجديد الذي انبثق من ثورة الشباب في ميدان التحرير في القاهرة
فتح حوارا جريئا مع طهران، واستقبل مسؤولين ايرانيين كبارا، وسمح لأول مرة في
تاريخ العلاقات المصرية الايرانية في زمن ثورة الامام الخميني بمرور سفن حربية
ايرانية عبر قناة السويس كانت في طريقها الى ميناء اللاذقية السوري.
من الواضح ان مصر الجديدة لا تتبنى الطروحات الخليجية جميعا حول التهديد
الايراني، بل تتطلع الى علاقة طبيعية مع النظام الايراني، وان كان السيد شرف
أكد ان أمن الخليج خط أحمر، وان أي علاقات تنشأ مع ايران لن تكون على حساب دول
الخليج.
من الصعب اصدار احكام مسبقة على الجولة الحالية للسيد شرف، ولكن ما يمكن قوله
ان أولويات مصر تغيرت منذ زوال حكم الرئيس مبارك، فقد كانت أول زيارة يقوم بها
رئيس الوزراء المصري الجديد الى السودان، ليعطي اشارة واضحة بأن أولويات مصر
تنحصر في عمقها الافريقي العربي، لأن مياه النيل أهم بالنسبة اليها من أموال
النفط العربي أو هكذا يعتقد الكثير من المراقبين ونحن منهم.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو حول طبيعة الاستقبال الذي سيحظى به السيد شرف في
الرياض والدوحة وأبوظبي ومسقط، وهو الرجل الذي يمثل ثورة شباب التحرير التي
ناصبتها بعض هذه الدول، او معظمها العداء، لدرجة ان العاهل السعودي الملك
عبدالله بن عبدالعزيز ناصب الرئيس الامريكي باراك اوباما العداء لأنه لم يتدخل
بالشكل المأمول لانقاذ نظام مبارك من السقوط.
نتائج هذه الزيارة ستحدد في رأينا هوية السياسة العربية للنظام المصري الجديد
وطبيعة علاقاته المستقبلية ليس فقط مع دول الخليج وانما ايضا مع ايران
والولايات المتحدة الامريكية، الشيء شبه المؤكد بالنسبة الينا ان مصر الثورة
خرجت من محور دول الاعتدال ولا نعتقد انها ستعود اليه، وان عادت فليس بالصورة
القديمة، وتحت الهيمنة السعودية الامريكية.