gulfissueslogo
davidson
ويكيليكس وممالك الخليج : تسريبات للتأكيد
كريستوفر ديفيدسون

تاريخ النشر: 1 كانون الأول (ديسمبر) 2010
ترجمة: قضايا الخليج

 

مئات الكابلات للخدمة الخارجية الامريكية الخاصة التي تسرّبت الاسبوع الماضي بواسطة ويكيليكس قدمت الكثير من العلف لصناعة الصحف، مع لفتات تقريعية حول زعماء أوروبا والأمراء البريطانيين وغيرهم من كبار الشخصيات بما يثبت شعبية خاصة لدى المحررين والقراء على حد سواء. ولكن خارج الثرثرة الدبلوماسية، فإن في التسريبات شيء ما خطير يستحق أن يروى. وتؤكد ـ التسريبات ـ العديد من المعتقدات التي بقيت طي الكتمان لفترة طويلة حول سياسة الخليج الفارسي السريّة، وتلقي أيضاً الضوء على زوايا جديدة قليلة.

من الواضح أن حكام الخليج العربية يخشون من ايران على ما عداها. لكن أيا منهم ليس على استعداد لاتخاذ موقف علني ضد إيران ، وفضلوا بدلا من ذلك إلى شن حملة منخفضة الكثافة لإقناع المسؤولين الامريكيين بأن الحرب التقليدية عاجلاً وليس آجلا هو في مصلحة المنطقة. زعمت إمارة أبو ظبي بأن إيران تشكل تهديدا وجودياً، وتقارن أحمدي نجاد بهتلر، في حين أن العربية السعودية كانت بالمثل عدوانية. وعلى صلة بتهديد إيران، تؤكّد التسريبات بأن لدى معظم حكام الخليج قنوات اتصال مفتوحة ودافئة مع اسرائيل. إذا كان أي شيء، والحكام ينظرون الى اسرائيل كونها حليفاً طبيعياً ضد تهديد مشترك، بالرغم من سعيهم في الوقت نفسه الى اقناع مواطنيهم بأن كل الأشياء الاسرائيلية يجري مقاطعتها (وفقا لدساتيرها) وأن الدعم لفلسطين لا يزال أحد الاهداف الرئيسية للسياسة الخارجية.
على صلة بإيران والأمن الاقليمي أيضاً، تثبت التسريبات بأن مجلس التعاون الخليجي هو مزيف، على الأقل عندما يتعلق الأمر بتوفير الأمن الجماعي. الممالك الخليجية ليس لديها ثقة أو سوى ثقة ضئيلة في أنفسها أو في بعضها على الرغم من صفقات الأسلحة ذات التقنية العالية. وعلى الرغم من بلوغ  دول مجلس التعاون الخليجي قريباً العقد الرابع. بدلاً من ذلك، يعلّق الجميع مستقبله على العلاقات الخاصة والشخصية مع مصادر حماية خارجية، ولا سيما الولايات المتحدة. إنها بالفعل تبدو محفوفة بالمخاطر. قطر، على سبيل المثال تسمح للولايات المتحدة للعمل في قاعدتها الجوية (خور العديد) وفق مبدأ الايجار المجاني  (وكان ما يدعو للسعادة استخدام القاعدة كأحد التسهيلات في غزو العراق سنة 2003)، في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة تسمح للولايات المتحدة لإدارة مكتب الوجود الاقليمي المكلّف برماقبة نشاط ما في ايران على أراضيها المعروف بإسم (RPO, Regional Presence Office).

تقدّم التسريبات بضعة أفكار أخرى مثيرة للاهتمام. تكشف محادثات بين دبلوماسيين أمريكيين وحاكم دبي كيفي أن تلك الدولة الخليجية كانت تدير على الدوام سياسة خارجية مستقلة لإمارة أبوظبي (وبحكم الأمر الواقع الحكومة الاتحادية) ، على الأقل حتى خسارتها هيمنتها في أعقاب الأزمة المالية في عام 2009. على هذا النحو ، لم تكن الامارات العربية المتحدة دولة موحّدة على الإطلاق، ومن المؤكّد ليست إتحادية من الناحية الوظيفية، على الرغم من الصخب المتكرر في هذا الشأن. في نواح كثيرة  فإن حاكم يأتي كأحد الناجين البراغماتيين: يحاول تحقيق توازن بين التحالف الضروري مع الولايات المتحدة مع احتياجات شعبه من أصول إيرانية والعديد من المستثمرين الايرانيين في دبي. وإذ يضع في اعتباره اعتماد إمارته الكبير على التجارة مع ايران وروابط الاستثمار، قدم الكثير من الجهد لإقناع الولايات المتحدة أن تشديد العقوبات على ايران سيضر بشكل كبير في المنطقة. هذا يذكرني بحديث جرى مؤخراً بيني وبين قلة من الموظفين بشركة مموّلة من قبل الدولة الايرانية. بينما يجلس تحت صورة لآية الله في معرض بأحد أحياء لندن (قد يكون مدخلاً لمدوّنة مستقبلية)، وتحدثنا حول هذا وذاك من قبل، قبل أن يقدّم زعم بأن إيران "تستعد للأسوأ" ، وان "ايران يمكن أن تنتقل من دبي في غضون ستة أشهر اذا لزم الامر". وبعبارة أخرى ايران تعد نفسها لشطب الوصول إلى اقتصاد دبي في حال تشديد العقوبات والأنشطة التجارية الأخيرة التي ستأتي في إطار مزيد من التمحيص.

أما بالنسبة للسياسة الداخلية والديمقراطية، فإن التسريبات من دول الخليج عموما مخيبة للآمال. حاكم دبي، مع ذلك، قدّم مرة أخرى لوناً قليلاً من التميز بزعمه بأنه في حال أجريت الانتخابات غداً ، فإن جماعة الإخوان المسلمين ستفوز.  مثل هذه التصريحات التهويلية غالباً ما يصنّعها المسؤولون الخليجيون للدبلوماسيين الغربيين لناحية تعزيز الحاجة إلى الاستبداد وتبرير أعمال القمع المختلفة ضد المعارضين. الاسلاميون بلا شك نشطون في دبي، ولكن هناك كل ما يشير إلى أنهم يرغبون في المشاركة في ديمقراطية حديثة وفاعلة، ولا مؤشر على أنهم سيفوزون بالأغلبية أو خنق مرشحين آخرين. المشكلة هي أن أصواتهم (وأصوات كل المعارضين الآخرين) مقموعة في الوقت الراهن.
وبالمثل، قيل القليل عن حقوق الإنسان في تسريبات (ويكيليكس). ويحدوني الأمل في أن الأميركيين من دافعي الضرائب يفترضون بأن الدبلوماسيين الذين يعملون في الأنظمة الاستبدادية يثيرون بانتظام انتهاكات حقوق الإنسان أو مناقشة محنة السجناء السياسيين. لكن المحادثات المسرّبة تظهر أن الدبلوماسيين الأمريكيين في الخليج نادرا ما يثيرون مثل هذه الأمور، ويفضّلون التركيز على أمن هذه اأنظمة. في بعض المناسبات، يذكر بعض هذه الأمور، ولكنها تأتي بصورة عابرة، وليس هناك أي دليل على أن حكام الخليج قد تعرضت لضغوط في هذا الصدد.
 
 نقلا عن :

http://www.currentintelligence.net/gulfstream

 


 
 

copy_r