06-02-2012
ما الخطأ في أن تمتلك إيران القنبلة النووية خلال عام كما قال مؤخراً وزير
الدفاع الأمريكي؟ أو حتى لو أنها تمتلكها الآن وما الخطأ في أن تواصل تخصيب
اليورانيوم وأن تطور أسلحة دفاعية بالليزر وإنْ كان الكلام فيه تهويل وتحريض
متزايد للعرب ولأهل الخليج وحكوماتهم على كراهية إيران والإيرانيين، وهو ما دأب
عليه الغربيون جميعاً من حق إيران أن تتقدم تكنوتقنيا إلى أبعد حدود التقدم
التكنوتقني وأن تمتلك السلاح النووي كما تمتلكه (إسرائيل) وكما تتفوق (إسرائيل)
علميا وتكنولوجيا.
إن القانون الدولي الذي يجرِّم إحتلال (إسرائيل) لفلسطين ولا سيما أراضي سبعة
وستين وبناء المستوطنات غير الشرعية لم يجرِّم قطُّ أن تطور إيران أو أي دولة
في الشرق الأوسط أو غيره أسلحتها أو أن تتقدم علميا وتكنولوجيا، فهذا حق سيادي
يجب عدم التنازل عنه. الأمريكيون والغربيون كافة مدفوعون بضغوطات هائلة لا
يستطيع أن يتصورها إلا من هو على دراية بها من قِبَلِ مجموعات النفوذ وقوى
الضغط على حافتي الأطلنطي، يحاولون بشق الأنفس أن يجعلوننا في الخليج تحديداً
أن نتشرَّب لا أن نقتنع فحسب كون إيران هي العدو الإقليمي الأوحد لنا وليست
(إسرائيل)، ويدفعوننا ليل نهار في السر والعلن في اتجاه حرب ضروس طاحنة أخرى في
الخليج ترجح التوقعات أنها إنْ وقعت فستكلف الخليجيين وحدهم ضعف ما كلفته الحرب
العراقية والإيرانية وحرب الخليج الأولى أو ما سُمي بحرب 'تحرير الكويت' وحرب
الخليج الثانية والأخيرة إن شاء الله.
وأهل الخليج وحكوماتهم وإنْ أبدت ميْلاً سياسيا أو دبلوماسيا في الظاهر
للغربيين وفق بروتوكولات العلاقات الدولية والتوازنات ليسوا مقتنعين في داخلهم
بأن إيران عدو.قد نختلف أحيانا مع أطراف غير مسؤولة في إيران في مذهبتِها
للمطالب الشعبية المشروعة في كل من البحرين والسعودية، ونستنكر بقوة تدخلها في
النسيج الإجتماعي الخليجي غير أن ذلك لا يجعلها عدوا على الإطلاق. فإيران جار
أصيل وليس متطفلا أو دخيلا أو غازيا في إقليمنا الخليجي بل هي حقيقة جغرافية
وتاريخية وبيولوجية وما شاكَل. بينما (إسرائيل) هي عدوتنا التاريخية والجغرافية
والبيولوجية. (فإسرائيل) عدوتنا بشكل مضاعَف لأنها أولاً منذ أكثر من ستين عاما
تحتل أرضنا فلسطين وهي أرض فلسطينية عربية مسلمة وتنكل بأهلها وبالعرب
المجاورين لها بأسلحة الغرب المحرمة دوليا والتقليدية وهي هدايا تهديها دول
الغرب لها لتقتل بدم بارد أطفال فلسطين ونساءها وشيوخها وتهدم بيوتهم وتدكها
على رؤوسهم على مرأىً من 'المجتمع الدولي' الذي يشكل لها الغطاء القانوني ويصف
ما تقوم به بأنه 'دفاع مشروع عن النفس'.
وهي عدوتنا ثانيا لأنها غازية ومحتلة ومستأْصِلة وإحلالية ومتطفلة على عكس
إيران تماما وكلياًّ. وحتى اليهود المعادون للصهيونية ولكل أشكال العنصرية
يدركون ذلك ويشجبونه، ولعلنا نتذكر مثلاً مناظرات البروفسور الراحل أسال الله
أن يرحمه إدوارد سعيد خلال سنوات الثمانينات مع البروفسور أطال الله في عمره
المديد نعومي تشومسكي حول صهيونية (إسرائيل) المتجردة من أي معنىً إنساني
عن القدس العربي