gulfissueslogo
بيان حسم
بيان جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية حول محاكمة الحامد والقحطاني
حسم

أصدرت جمعية الحقوق المدنية والسياسية "حسم" بيانًا عن وقائع الجلسة الخامسة للمحاكمة السياسية للمطالبين بشروط البيعة الشرعية "سلطة الأمة" وحقوق الإنسان، المتهم فيها كلاً من: الدكتور "عبدالله الحامد"، والدكتور "محمد بن فهد القحطاني"، وهما الأعضاء "حسم".
 
وقال البيان: "بدأت وقائع الجلسة الخامسة من المحاكمة السياسية للناشطين الحقوقيين (أبو بلال عبدالله الحامد) و(محمد بن فهد القحطاني)، من الأعضاء المؤسسين لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) السعودية، في قاعة 10 بمبنى محكمة الاستئناف المجاورة لمبنى المحكمة الجزائية بالرياض، وتم الإنتقال لهذه القاعة كونها تتسع لعدد كبير من الحضور بعد موافقة القاضي على علنية الجلسة رغم إصراره على السرية في الجلستين السابقتين، وقد أصرت قوة أمن المحكمة على منع دخول الجوالات والأجهزة الذكية لمنع الحضور من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنقل وقائع المحاكمة".
 
وحضر الجلسة عدد من الناشطين والمحامين والمهتمين بالشأن العام الذين اكتظت بهم القاعة، وتواجد بالقاعة وحولها عدد من رجال الأمن بالزي الرسمي والمدني، كما حضر عدد من صحفيي الإعلام الرسمي لأول مرة رغم أننا في الجلسات الأربع السابقة وجهنا دعوة عامة لحضور الجلسات، ولا نعلم هل حضور ممثلي الإعلام الرسمي هذه المرة بدعوة من المحكمة أو هيئة التحقيق والادعاء العام أو من وزارة الداخلية، كما حضر الجلسة الصحفية المستقلة إيمان القحطاني التي سبق أن حضرت الجلسة الثانية والتي كانت نصف علنية.
 
في تمام الساعة التاسعة صباح السبت 25 ذو الحجة 1433هـ، الموافق 10 نوفمبر 2012م، دخل ناظر القضية (القاضي حماد العمر) إلى القاعة واستأنفت الجلسة رسميا بعد عشر دقائق، وكان القاضي عند دخوله غاضبا وحصل جدل بصوت عال مع المتهمين ولكن سرعان ما عاد الحوار إلى الوضع الطبيعي مجددا، وبرر القاضي رفع صوته ليسمع الحضور، في البداية أعطى القاضي المدعي العام (فوزان بن محمد الفوزان) ليدلي بما لديه، وتلى مجددا لوائح الاتهام الأساسية ضد كل من د. أبو بلال عبدالله الحامد و د. محمد القحطاني، رغم أن اللوائح تليت في الجلسة الأولى ولكن يبدو أن الإعادة كي يطلع ممثلو الإعلام الرسمي على التهم الموجهه بحق الناشطين الحقوقيين بالرغم من أن الجمعية نشرت نصوص لوائح الاتهام، وهي مرفقه مع هذا البيان، ثم تلى المدعي العام نبذة مختصرة من ردوده على مذكرات قدمها الدفاع في جلسات سابقة (ستنشر مع الردود في حينه)، ثم طلب القاضي من المتهمين الرد، فقال الشيخ سليمان الرشودي وكيل المتهمين في البداية أود التنويه أنه يجب المساواة بين الخصوم في كل شئ، لماذا يميز المدعي العام بوضعه في مكانة أعلى من المتهمين ويخصص له مكتب وأوراق ليكتب ملاحظاته والمتهمين فقط توفر لهم الكراسي، فرد القاضي بأن المدعي العام يمثل جهة رسمية، فرد الرشودي ولو كان كذلك يجب المساواة بين الخصوم في كل شئ، وأجابه القاضي بأن النظام يملي عليه أن يخصص مكان للمدعي العام.
 
ثم احتج المتهمون بأن القاضي يقبل كل مذكرات المدعي العام بينما يرفض استلام بعض مذكراتهم ولا يقيدها في المحضر، فرد القاضي أنه يرى بأن بعض المذكرات لا ترد على صلب الدعوى وأنه يكتفي بتسجيل عناوينها فقط في المحضر، فأجاب المتهمون بأن من حقهم أن تقبل مذكراتهم وتسجل في المحضر وللقاضي بعد قراءتها الاقتناع بها أو رفضها أو رفض بعضها.
 
وأبلغ محامي المتهمين (عبدالعزيز الحصان) القاضي أن موكليه يخضعون مجددا للتحقيق من قبل هيئة التحقيق والإدعاء العام على نفس التهم، فإما أن تعلق المحاكمة حتى ينتهي التحقيق ويضيف المدعي العام ما لديه من تهم ثم تستأنف الجلسات، أو أن يوقف التحقيق معهم حتى تنتهي المحاكمة، كما طلب المحامي من القاضي أن يسأل المدعي العام عن الغاية من التحقيق في التهم مجددا، إلا أن القاضي تجاهل طلبه، وطلب المحامي مهلة من الوقت ليرد المتهمون على مذكرات المدعي العام.
 
ثم قال القاضي للمتهمين هل تستلمون رد المدعي العام فأجابو بالموافقه وأخذ كل متهم نسخته.
 
وقال د. عبدالله الحامد للقاضي: لم تخبرنا أن هذه الجلسة علنية لكي نطلب حضور بعض الاعلاميين المستقلين بما أنكم دعوتم الإعلام الرسمي، فقال القاضي ألستم تطلبون العلنية ها قد حضر الإعلام، فرد الحامد أنت تعلم أن الإعلام الرسمي غير مستقل وغير محايد، ماذا يمكن أن تكتب جريدة كجريدة الرياض عن هذه المحاكمة وهل يمكن أن تنشر فقط مذكرة واحدة من دفوعنا، ثم إن الجلسة أصبحت علنية لأننا رفضنا المحاكمات السرية ولم نعترف بها، ولا يمكنك الاستمرار في السرية إن زمن الغرف المظلمة انتهى، ألم تكن مستاء من نشر مداولات ووقائع الجلسة في الإنترنت، فرد القاضي بأني طلبت منك ذلك ولم تلتزم، فرد الحامد مقاطعا ولن ألتزم فهذا جزء من العلنية، فقال القاضي انكم لن تستثيراني تريد دخول السجن ولن أدخلكم السجن إلا بحكم شرعي ثم إن العلنية بقناعة شخصية مني وليست بفضل أحد، فرد الحامد بأن العلنية حق من حقوقنا ومن معايير العدالة وليست منة من أحد وإن كنت تشكر لإقرارك بالحق.
 
ثم دار خلال الجلسة نقاش طويل حول مواضيع متعدده أبرزها:
 
· وقد ذكر الدكتور أبو بلال عبدالله الحامد أنه ألقى عدة محاضرات عن هيئة كبار العلماء وأن د. محمد القحطاني ألقى محاضرة عن تعطيل التنمية، فقاطعه القاضي حماد العمر، أن الأقراص المدمجة للمحاضرات المذكورة قد وصلت له، فقال له د. القحطاني كيف وصلت لك الأقراص المدمجة والأسئلة التي طرحتها، فامتنع القاضي عن الإجابة.
 
· عند استرسال د. أبو بلال عبدالله الحامد عن أوضاع معتقلات المباحث وما يحدث فيها من انتهاكات وأن هناك ما يقدر 30000 سجين فيها، قاطعه القاضي قائلا أثبت أن عددهم ثلاثين ألف، فرد د. محمد القحطاني مستعدون أن نثبت الرقم ولكن دع وزير الداخلية يفتح لنا سجون المباحث ثم أن وزير الداخلية محمد بن نايف خصمنا نطلب حضوره للمحكمة أم أنه فوق القضاء، فرد القاضي غاضبا أنه لا أحد فوق القضاء وأن بعض أبناء الملك عبدالعزيز مثلو أمام القضاء، فرد القحطاني أحضر محمد بن نايف للمحكمة إذن.
 
· عند حديث القاضي عن مرجعية الشريعة في السعودية سأله القحطاني هل من الشرع أن يسجن الناس دون محاكمات، وأردف الشيخ سليمان الرشودي هل يجوز أن يسجن الإنسان عشر سنوات دون محاكمة، وكان جواب القاضي: نعم إذا رأى ولي الأمر ذلك.
 
· وقال د. محمد القحطاني لا يوجد في النظام ما يجرم التظاهر، فإذا كانت الحكومة لا تريد التظاهر لماذا لا تصدر قانونا يجرم التظاهر، هي لا تستطيع فعل ذلك لأنها وقعت على معاهدات ومواثيق دولية، لذلك لجأت لهيئة كبار العلماء لإصدار فتوى تحرم التظاهر ، فرد القاضي بأن مرجعية الحكومة والشعب هي هيئة كبار العلماء، فقال القحطاني لماذا إذن تخالف الحكومة فتاوى الهيئة وتطالب الشعب بالإلتزام بها، فقاطعه القاضي قائلا مثل ماذا، فأجاب القحطاني مثل الربا الهيئة تفتي بحرمة الربا والدولة تعمل به، فقال القاضي حتى الحكومة تحرم الربا، فرد القحطاني وماذا تعمل البنوك إذن، ثم وقف عن المحامي أحمد الراشد من بين الحضور سائلا ماذا عن القنوات الإباحية؟ وهل سمح ولي الأمر بها، فأخرجه القاضي من قاعة المحكمة.
 
· دار نقاش بين القاضي ود. عبدالله الحامد حول مصطلح ولي الأمر في الإسلام، فالحامد يرى أن الحاكم وكيل عن الأمة لا عليها وأنه خاضع لإرادتها، وسأل القاضي حماد العمر الحامد هل ترى وجوب الإلتزام بقرارات ولي الأمر، فرد الحامد نعم لأن ولي الأمر هو الشعب، وسأله عن موقفه من بيعة الملك عبدالله ووصل النقاش إلى وزير الداخلية الراحل (نايف بن عبدالعزيز)، وسأل القاضي الحامد، هل يعتبر الدعوى شخصية من وزير الداخلية نايف ومن بعده ابنه محمد، فأجاب الحامد أن الدعوى كيدية من وزير الداخلية، وأنه هو المسؤول الأول عن انتهاكات حقوق الإنسان في البلد، وقال الحامد أن الإصلاحيين أصدرو بيان ينادي ببطلان بيعة نايف وهو حي لأنه فاسق، فرد القاضي أنه يجوز تولية الفاسق لو افترضنا أن الأمير نايف فاسق، واستشهد بأقوال وأفعال بعض السلف.
 
· تقمص القاضي دور المدعي العام متعللا بأن النظام يتيح له بأن لا يتقيد بالوصف الجرمي الذي وضعه المدعي العام، وبدأ يحقق ويجادل في أفكار المتهمين وسألهم عن المظاهرات فسأل الحامد هل تراها من النصيحة أم أداة سلمية للتغيير، وماذا تقصد بقولك أنها جهاد سلمي وضد من، ونقاش حول مفهوم ولي الأمر والنصيحة العلنية، أحس خلالها المتهمون أنهم أمام محاكم تفتيش وأنهم يحاكمون بسبب آرائهم وأفكارهم وليس لجناية ارتكبوها. وسأل القاضي كلا المتهمين عدد من الأسئلة سنذكرها مع الدفوع حين نشرها.
 
ثم طبع المحضر ووقع عليه المتهمين ونقلو أسئلة القاضي من المحضر على ورقة خارجية ليردو عليها لاحقا في الدفوع بعد أن رفض القاضي أن يعطيهم نسخة من المحضر، وأقفلت الجلسة وحددت الجلسة القادمة يوم السبت 10 محرم 1433هـ، الموافق 24 نوفمبر 2012م، الساعة التاسعة صباحا.
 
ولوحظ أن المدعي العام والإعلام الرسمي، يحاول صرف النظر عن لب القضية، وهي انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب الذي ترتكبه وزارة الداخلية وأجهزتها المختلفة، وفشل السلطة القضائية بإيقاف هذه الانتهاكات وإنصاف الضحايا، مما أدى إلى تمادي وزارة الداخلية في اغلاق منافذ التعبير السلمي، حرمان الشعب من حقوقه السياسية والمدنية، فهم يحاولون جوهر القضية بأن دعاة حقوق الإنسان دعاة فوضى، وكأن دعاة حقوق الإنسان ينتقدون هيئة كبار العلماء، مع أن الهيئة لم تذكر وتنتقد إلا عرضا، احتجاجا على اصدارها فتاوى تحرم التظاهر وسكوتها على انتهاكات حقوق الإنسان، كما أن لب التحقيقات والدعوى القضائية المرفوعة ضدهم لإشغالهم عن نشاطهم السياسي وهو المطالبة بالملكية الدستورية (الحكم الشوري) والمشاركة السياسية.
 
ونود أن نشير إلى مسألتين تؤثران في هذه المحاكمة ونتيجتها:
 
1. أن القاضي حماد العمر في جلسة سابقة قال أن القاضي نائب عن ولي الأمر، ومفهوم ولي الأمر في القضاء السعودي يشمل الملك والأمراء الكبار في الوزارات السيادية وربما بعض القضاة يعتقد أن جميع أفراد الأسرة الحاكمة يسمى "ولي أمر"، ونحن هنا خصمنا وزير الداخلية (ولي الأمر)، فكيف يكون نائب خصمنا هو القاضي!!
 
2. أن القاضي في الجلسة الخامسة عندما سأل هل من الشرع أن يسجن الناس بدون محاكمة، أجاب بأنه نعم إذا رأى ولي الأمر ذلك، وقال أيضا إنه يجوز تولية الفاسق (الظالم)، إذا القاضي يرى أن لولي الأمر صلاحيات مطلقه وله تجاوز القانون والتعدي على الحقوق، فما جدوى القضاء وما جدوى الشرع والقانون إذن، إذا كان الخصم هو "ولي الأمر"، فالنتيجة محسومة سلفا، فمن يعترض على تعطيل نظام الإجراءات الجزائية مثلا، هو محل إدانة رغم أنه على حق، فقط لأن وزير الداخلية الذي هو "ولي الأمر" قد رأى ذلك، ودعاة حقوق الإنسان يرون أن علاقة المواطن بالحاكم يحكمها الشرع والقانون، وهي ليست علاقة عبد بسيد، وإنما هي علاقة تعاقدية ينص عليها في العقد الإجتماعي (الدستور) بين الشعب والحاكم، وأن الشرع والقانون والقضاء المستقل المنبثق من سلطة الأمة يحكم الجميع من مواطنين ومسؤولين.
 
وفي الختام نشكر جميع من حضر المحاكمة وساند دعاة حقوق الإنسان والإصلاح السياسي، وكل من نشر مجريات الجلسة عبر وسائل الإعلام الجديد.

copy_r