يتحدث المراقبون عن عودة الأزمة في البحرين إلى المربع الأول بعد الإعلان عن
مقتل فتى في 14 من عمره أثناء مشاركته في تظاهرة مناوئة للنظام في أول أيام
العيد. اللافت أن هذه التظاهرات قد أعقبت خطابا للعاهل البحريني وصف بالمتسامح
والساعي إلى طي صفحة الأزمة والبدء بالمشروع الإصلاحي.
ما يثير الاستغراب في تطورات الوضع البحريني هو عودة العشرات من البحرينيين إلى
الشارع للتظاهر غداة الخطاب الذي ألقاه العاهل البحريني عشية عيد الفطر.
فالخطاب تضمن عفوا طال كل من أساء للذات الملكية وكل الذين فصلوا من أعمالهم
بسبب مشاركتهم في الحركة الاحتجاجية. إلى أن هذا التحرك لم ينجح على ما يبدو في
امتصاص غضب الشارع، مما دفع العديدين إلى التساؤل عن أسباب وجود حالة من
الاستياء وعدم الرضا بالرغم من الخطوات الإيجابية التي اتخذها ملك البلاد.كما
يقول الكاتب والمحلل السياسي الدكتور علي فخرو الذي يعتبر أن "الجميع يقدر
الإشارات التي يرسلها جلالة الملك، ولكن هناك إشكالية. هناك ملفات لم يُحسَم
أمرها حسماً تاماً. الملف الأول يتعلق بالسجناء، هل سيحاكَمون محاكمة مدنية، أم
أنّ ما صدر عن المحاكم العسكرية بشأنهم هو نهائي. الملف الثاني هو المتعلق
بالمفصولين من أعمالهم: هناك حوالي ثلاثة آلاف مفصول، وحتى الآن لا يوجد حل
واضح وصريح بالنسبة لوضعهم، بالرغم من أنّ جلالة الملك أمر بذلك. هناك بعض
الجهات التنفيذية التي لا تتجاوب بالسرعة المطلوبة من أجل تخفيف الاحتقان في
المجتمع ". سادت حالة الاستياء أيضا صفوف السياسيين من المعارضة. استياء
المعارضة البحرينية لم يكن نابعا فقط بسبب فشل جلسات الحوار الوطني برأيهم بل
سببه يكمن أيضا في إقدام الحكومة على تنظيم انتخابات نيابية تكميلية أواخر
الشهر الحالي لشغل الفراغ الذي خلفته في البرلمان كتلة الوفاق المستقيلة وصاحبة
أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الأخيرة . ستقاطع الكتلة هذه الانتخابات
والأسباب يشرحها الأمين العام الشيخ علي سلمان الذي يقول:" إن هذه الانتخابات
صورية وهي تكرس الواقع غير الديمقراطي في بلادنا، مما أنتج أزمات مستعصية طوال
العشر سنوات الماضية وما قبل من تهميش للإرادة الشعبية. لذلك تأتي المشاركة
كنوع من تكريس واقعٍ ديكتاتوري يجب التخلص منه لصالح واقع ديمقراطي. والمقاطعة
تصب في هذه الحركة الشعبية المطالِبة بالإصلاح والديمقراطية. الموقف الموجود في
البحرين هو عبارة عن أزمة سياسية، وموضوع العفو أو ما شابه ذلك لا يتعلق
بالأزمة السياسية التي كان من المفترض معالجتها منذ سنوات عديدة، وهذا ما يجب
أن نتصدى له". الخلاصة كما يرى المراقبون تكمن في أن تصعيد الوضع في البحرين
نابع من مواقف الطرفين الحكومة والمعارضة وتلك المواقف تعكس أن البحرين لن
تتخلص في القريب العاجل من هذه الأزمة التي ولدت بدورها شرخا لا يمكن تجاوزه
بين مكونات الشعب البحريني .