2011-08-04
قالت منظمة حقوق الانسان الدولية 'هيومن رايتس ووتش' في رسالة وجهتها إلى الملك
عبد الله، ملك السعودية، إن عليه سحب مشروع قانون مكافحة الإرهاب من النظر في
مجلس الوزراء لأنه ييسر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ودعت 'هيومن رايتس ووتش' الحكومة إلى التشاور مع الخبراء الدوليين لحقوق
الإنسان من أجل صياغة مشروع قانون مكافحة إرهاب جديد من شأنه حماية الحقوق
الأساسية، لا المساس بها.
وقال كريستوف ويلكى، باحث أول معني بالشرق الأوسط في 'هيومن رايتس ووتش':
'مشروع قانون مكافحة الإرهاب يحاول إضفاء الصفة القانونية على ممارسات وزارة
الداخلية غير القانونية. إنه يجمع المعارضة السياسية السلمية بمرتكبي أعمال
العنف في صف واحد ويضمن عدم حصول المتهمين على محاكمة عادلة'. وتلقت هيومن
رايتس ووتش نسخة من مشروع القانون، مشروع النظام الجزائي لجرائم الإرهاب
وتمويله، في 22 يوليو/تموز 2011 من مصدر ذكر أن مشروع القانون 'في مراحل النقاش
الأخيرة'.
وأصدرت اللجنة الأمنية لمجلس الشورى، البرلمان السعودي المشكل بالتعيين، والذي
يمارس مهام المجالس المنتخبة، نسخة معدلة تعديلاً طفيفاً من مشروع القانون في
26 حزيران (يونيو). تغييرات مجلس الشورى غير ملزمة لمجلس الوزراء، الذي يصيغ
ويُفعّل ويطبق القوانين.
ومشروع القانون يقوض كثيراً من تدابير حماية حقوق الإنسان في أربع مجالات
أساسية، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
فهو يضم تعريفا فضفاضا ومبهما ومعمما للغاية للإرهاب، ويفرض قيوداً لا لزوم لها
على الحق في حرية التعبير والتجمع ويمنح سلطات إضافية للشرطة دون إشراف قضائي،
ويمس حقوق إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادلة.
تعريف مشروع القانون للإرهاب لم يرد فيه ذكر للعناصر المعترف بها دولياً لهذه
الجريمة، وهي بالاساس الأعمال العنيفة أو الأعمال الأخرى المقصود بها بث
الترويع في السكان لإجبار الدولة على التصرف بشكل معين. بل يشير التعريف إلى
أفكار مبهمة وفضفاضة عن 'زعزعة أمن المجتمع أو استقرار الدولة' و'المساس بمصالح
المملكة'.
هناك عدة مواد بمشروع القانون تقيد بلا ضرورة من الحق في حرية التعبير والحق في
التجمع، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
مشروع القانون يضم من جرائم الإرهاب 'وصف الملك أو ولي العهد بالكفر، أو شكك في
نزاهته أو قدح في ذمته أو نقض البيعة أو حرض على ذلك'.
ينص مشروع القانون على سلطات موسعة لوزير الداخلية، من شأنها أن تقوض من حقوق
إجراءات التقاضي السليمة المكفولة للمتهمين.
يمكن مشروع القانون أيضاً وزير الداخلية من الأمر بعمليات توقيف واحتجاز إداري
بعد انتهاء حُكم السجن الصادر في القضية، وهو ما يُفرض الآن في أحيان كثيرة وإن
كان ضد القانون، كما يمنح مشروع القانون لوزير الداخلية سلطة الاطلاع على
المعلومات البنكية والاتصالية الخاصة، وكل هذا دون إشراف قضائي.
الشخص الذي يدعي بتعرضه لتوقيف خاطئ أو احتجاز متعسف او ادعاء خاطئ، عليه الطعن
أمام وزارة الداخلية، وليس المحاكم.
مشروع القانون يقيد من حق المشتبه به في مقابلة المحامي إلا في 'الوقت المناسب'
غير المحدد والذي يراه ويحدده وزير الداخلية، وليس أثناء الاستجواب كما ورد
صراحة في أحكام القوانين السعودية.
كما يرفع مشروع القانون مدة الاحتجاز القانوني السابقة على المحاكمة من 6 أشهر
إلى 12 شهراً، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي من 60 يوماً إلى 120 يوماً.
ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومات ذات العلاقات القوية في مجال التعاون على مسار
مكافحة الإرهاب مع المملكة العربية السعودية، وبينها الولايات المتحدة، لأن
تدعو الملك لصياغة قانون جديد يتفق مع حقوق الإنسان وإلا يتم تقليص حجم تعاونها
مع سلطات المملكة إلى حد بعيد. وقال كريستوف ويلكى 'مشروع قانون مكافحة الإرهاب
السعودي بالغ التعسف في روحه وفي نص كلماته، وهناك كل الأسباب الممكنة لخشية أن
تستخدمه السلطات بسهولة ولهفة ضد المعارضين السلميين'.
وتابع: 'من الصعب أن تتعاون أي حكومة أجنبية بشكل صريح مع مسؤولي مكافحة
الإرهاب السعوديين إذا أصبحوا يعملون بموجب قانون كهذا'.
الى ذلك اعتقلت السلطات السعودية مساء الأربعاء رجل الدين البارز في الأحساء
شرق المملكى العربية السعودية الشيخ توفيق العامر.
وذكرت مصادر حقوقية أن جهة أمنية غير معروفة اعتقلت الشيخ العامر أثناء عودته
لمنزله بعد أداء صلاة المغرب في جامع أئمة البقيع بمدينة الهفوف.
ولايزال الغموض يكتنف ظروف اعتقال الشيخ العامر الذي اقتيد من سيارته التي وجدت
على جانب الطريق.
وافاد حقوقيون أن السلطات الأمنية في الأحساء لاتزال تتكتم على ظروف ومكان
احتجاز العامر حتى بعد مراجعة أفراد من عائلته لعدة جهات أمنية. وذكرت مصادر
مقربة أن الشيخ المعتقل تلقى يوم الاثنين الماضي طلبا رسميا للمثول أمام هيئة
الإدعاء العام غير أنه لم يتمكن من ذلك نظرا لظروفه الصحية.
ولم تتضح دواعي وأسباب طلب السلطات مثول الشيخ أمام هيئة الإدعاء.
وسبق للسلطات أن اعتقلت العامر عدة مرات خلال السنوات الأخيرة كان آخرها
احتجازه أواخر شهر فبراير اثر دعوته إلى قيام ملكية دستورية ورفع التمييز
الطائفي في المملكة. ودفع اعتقال العامر ذلك الحين إلى مشاركة أكثر من 100 من
رجال الدين في الأحساء في عريضة طالبت بالافراج عنه، كما دعت منظمة هيومن رايتس
واتش إلى اطلاقه فورا.
وأفرج عن العامر لاحقا في الثامن من مارس اثر خروج تظاهرة سلمية شارك بها بضعة
آلاف طالبوا باطلاقه.
ويعد العامر أحد أبرز دعاة الحقوق والحريات المدنية في المملكة.
واشتهر الشيخ بآراءه الإصلاحية الجريئة على صعيد المطالبة بقيام ملكية دستورية
في السعودية واطلاق الحريات الدينية ووقف التمييز الطائفي واحترام حقوق
الإنسان.