وافق عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى على اصلاحات برلمانية يوم الخميس بعد
قمع احتجاجات مؤيدة للديمقراطية ومنح مزيدا من الصلاحيات لمجلس النواب المنتخب
لكنه ابقى على هيمنة مجلس الشورى الذي تعينه النخبة الملكية.
وكان الملك حمد بن عيسى يتحدث لهيئة عينتها الحكومة تسمى الحوار الوطني - شكلت
لمعالجة الشكاوى العامة بعد انهاء العمل بالاحكام العرفية في مايو ايار- بعدما
قدمت الهيئة مقترحاتها النهائية بشأن الاصلاحات.
وجاءت المقترحات اقل كثيرا مما طالبت به جماعات المعارضة والمحتجون في فبراير
شباط ومارس اذار حين قمعت الاحتجاجات.
وانسحبت جمعية الوفاق وهي اكبر جماعة معارضة شيعية من الحوار الاسبوع الماضي
ووصفته بأنه "مسرحية".
وقال العاهل البحريني في كلمة بثها التلفزيون "وفي سبيل أن تأخذ مرئيات التوافق
الوطني طريقها نحو التفعيل عن طريق المؤسسات الدستورية فقد أمرنا السلطتين
التنفيذية والتشريعية باتخاذ ما يلزم."
وأمر ايضا بزيادة في "رواتب موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين والمتقاعدين" وهو
اجراء يعيد للاذهان اجراء اتخذته السعودية في وقت سابق هذا العام بصرف توزيعات
نقدية كبيرة لقطاعات اساسية من المجتمع في محاولة لمنع تمرد شعبي مثل
الانتفاضات التي هزت دولا عربية أخرى هذا العام.
واستدعى الحكام السنة قوات من السعودية ودول خليجية اخرى في مارس اذار للمساعدة
في قمع الاحتجاجات التي قادتها الاغلبية الشيعية التي تشكو من التمييز. وقالت
الحكومة ان الاضطرابات طائفية ومدعومة من ايران الشيعية وهو ما نفاه شيعة
البحرين.
وتضمن ملخص لمقترحات الحوار الوطني نشر يوم الخميس دورا رقابيا اكبر لمجلس
النواب المنتخب ولكن لم يتحقق تقدم بشأن النزاع الاساسي بخصوص توازن القوى بين
مجلسي البرلمان.
وقال ملخص باللغة الانجليزية ارسلته هيئة الحوار الوطني الى رويترز "لم يتفقوا
بشأن ما اذا كان مجلس الشورى يجب ان يمنح نفس السلطات مثل مجلس النواب وما اذا
كانت مسؤولية التشريع والرقابة يجب ان تقصر على المجلس المنتخب."
واضاف "لم يتوصل المندوبون الى اجماع بشأن عدد من الاقتراحات الاخرى مثل تقييد
فترة عمل الوزراء ورئيس الحكومة او حصة محددة للنساء في البرلمان."
ويضم مجلس الشورى المعين نفس عدد المقاعد مثل المجلس المنتخب ويهيمن على
العملية التشريعية.
وقال المتحدث باسم جمعية الوفاق خليل المرزوق ان المقترحات النهائية تثبت صحة
قرار الجمعية بالمقاطعة. ولم تشارك الجمعية في الحفل الذي حضره الملك.
واضاف المتحدث "هذا هو سبب انسحابنا. مفروض مجلس الشورى موجود فقط من اجل
الاستشارة." وانتقد الضجة في وسائل الاعلام الحكومية بشأن الاصلاحات وقال انها
لم تتطرق لشريحة كبيرة من البحرينيين.
وحاولت البحرين التصدي للانتقاد الدولي بما في ذلك الانتقاد الامريكي للاجراءات
الامنية الصارمة التي اعقبت فض الاحتجاجات وشملت عمليات احتجاز ومحاكمات عسكرية
وحالات فصل من العمل وبعض الوفيات اثناء الاحتجاز.
وقال الملخص "أقر المشاركون بأهمية حل الامور المتعلقة بالاستغناءات اثناء
الاضطرابات الاخيرة." واضاف انهم "اوصوا بالنظر في افضل الاجراءات الدولية
للتوصل لحلول للتغلب على الانقسامات الطائفية ودعم عملية التعافي بعد الازمة
الاخيرة."
وتعتبر البحرين وبها مقر الاسطول الخامس الامريكي نقطة احتكاك في التوترات بين
ايران والسعودية.
واصدرت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات تقريرا قاتما يوم الخميس قال ان تجدد
الاضطراب الاهلي محتمل في اي وقت في البحرين اذ يستعد المتشددون بين السنة
والشيعة والنخبة الحاكمة لاي صراع جديد.
وقال التقرير "يوجد سبب للخوف من ان تتجه البحرين الى جمود سياسي طويل يعززه
وجود امني كثيف بدعم من القوات الاجنبية وتتخلله احتجاجات حين تسمح الظروف."
ويقول بعض زعماء السنة انهم يعتبرون عائلة ال خليفة الحاكمة حصنا ضد سيطرة
الشيعة ويخشون رفع السيطرة الملكية على البرلمان.
ويقول الملخص ان رئيس الوزراء الذي يعينه الملك حمد بن عيسى سيكون عليه الحصول
على موافقة البرلمان على اعضاء حكومته.
ويعتبر رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان الذي يشغل المنصب من 40 عاما من بين
من يتخذون موقفا متشددا في العائلة الحاكمة ويعارضون تقديم تنازلات للمعارضة.
وقال الملخص "اذا رفض اعضاء البرلمان فيمكنهم التصويت لرفض كل الحكومة. وسيكون
للبرلمان ايضا سلطة رفض خطة عمل الحكومة التي تمتد اربع سنوات."
وتابع "تضمن هذه الاصلاحات ان تعكس تشكيلة الحكومة وخطة عملها ارادة الشعب."
وقال ايضا ان وزراء الحكومة سيكون عليهم حضور بعض جلسات البرلمان ومواجهة
الاستجواب في قاعة المجلس وليس امام اللجان.
واضاف "بصورة عامة تعزز هذه القرارات سلطات البرلمان في الرقابة على انشطة
الحكومة."
ولم يتم التوصل لاتفاق بشأن السماح لجماعات المعارضة بوصف نفسها بأنها احزاب
سياسية. وتعتبر السلطات كلمة "حزب" مصطلحا من نظام يمكن فيه للجماعات المنتخبة
ان تشكل الحكومات.
الدعوة لمسيرات جماهيرية تأكيدا للمطالب الشعبية
من جانب آخر تنطلق اليوم الجمعة في البحرين مسيرات حاشدة للتأكيد على
المطالب الشعبية بتغيير نظام الحكم القائم. فقد دعت جمعية الوفاق الشعب إلى
المشاركة في مهرجان "الشعب مصدر السلطات" الذي ينطلق من دوار سار باتجاه قرية
الدراز.
فيما دعا ائتلاف شباب الرابع عشر من فبراير إلى الاعتصام أمام السفارة
الأمريكية في الماحوز تحت عنوان «حق تقرير المصير 5»، في إشارة إلى الفعالية
الخامسة التي تنظمها في هذا الإطار.
وتوقعت مصادر في المعارضة البحرينية أن تقوم السلطات الأمنية بقمع مسيرات
ائتلاف شباب الرابع عشر من فبراير.
ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن مصادر من الائتلاف أن «الشباب لا يعترفون
بقانون الحكومة، ويرون النظام غير شرعي واستعان بجيش أجنبي»، إضافة إلى أن حق
التظاهر يجب أن يكون مكفولاً لجميع المواطنين. لذلك «لا حاجة إلى إخطار السلطة
بالمسيرة». وأضافت أن «الحكومة تتحجج بأنّ المسيرة غير مرخصة لتقمعها وتفرقها».
من جهة ثانية، رجّحت مصادر مقرّبة من ائتلاف شباب 14 فبراير لـ«الأخبار» قمع
التظاهرة «بطلب أميركي». وأضافت «على ما يبدو ان السفارة الأميركية أمرت سلطات
المنامة بقمع مسيرة «حق تقرير المصير»». وأوضحت أن واشنطن لطالما تعاملت مع
حركة «14 فبراير» والحركات الممانعة بصفتها أصوات ناشزة ومضرّة بمصالحها، لذلك
فهي تعمل من أجل قمع تحركاتها كما فعلت إبّان الانتفاضة.
الوفاق تطالب بحوار يحقق مطالب الشعب
حذر النائب المستقيل عن كتلة الوفاق البحرينية خليل المرزوق، من تسطيح الحلول
للازمة السياسية التي تمر بها البلاد.
وقال المرزوق خلال مؤتمر صحافي لقادة الجمعية، ان مطالب الشعب واضحة وان اي
التفاف عليها سيكرس الأزمة.
وأكد رئيس كتلة الوفاق النيابية المستقيلة عبد الجليل خليل، ان الانتهاكات التي
ارتكبت في البحرين خلال الأشهر الماضية كانت تتم بصورة ممنهجة لضرب الشعب
واستئصال هويته.
واعتبرت خليل المرزوق التوصيات دليلا على صحة قرار جمعية الوفاق بالانسحاب من
الحوار الذي وصفته سابقا بالمسرحية.
وأضاف المرزوق "على الملك أن يصحح الوضع الآن قبل أن يتأخر الوقت"، ونصحه
بـ"الاستماع إلى شعبه وإطلاق حوار جاد يبحث المشاكل السياسية".
وأكد المرزوق «إننا متبرئون من مخرجات هذا الحوار تبرؤاً كاملاً، وهذا الحوار
لا يعبر عن إرادة شعب البحرين الذي خرج بمئات الآلاف للمطالبة بحكومة منتخبة
ومجلس نيابي منتخب كامل الصلاحيات وقضاء مستقل وامن يشترك فيه الجميع، ومن
الإجحاف ألا يستجاب لمئات الآلاف الذين خرجوا في الشوارع، وهي جريمة بحق الشعب
إذا تم رفع نتائج الحوار بهذه الطريقة».
نصيحتنا ان لا تتكرر تجربة دستور 2002
وأضاف «نقدم نصيحتنا بألا تكرر تجربة دستور 2002، فإذا لم يحظ الإصلاح على قبول
الشعب فستستمر الأزمة في البحرين، وهذا في غير صالح جميع الأطراف في البلاد،
لذلك مازلنا نطالب بحوار جاد بين مكونات الشعب وممثل عن جلالة الملك، ينتهي إلى
نصوص دستورية واضحة، يذهب إلى مجلس تأسيسي جديد، يؤكد على شرعية السلطة، ويكون
هناك توافق على إدارة البلد، وبهذا نحقق الاستقرار إلى شعب البحرين».
وأكمل «المجتمع الدولي وليس شعب البحرين فقط طالب بحوار جاد وإصلاح حقيقي، ومن
هنا نقول للمجتمع الدولي إن هذا الحوار ليس جادا وما طالبتم به من تهيئة
الأجواء بالإفراج عن المعتقلين وإرجاع المفصولين وإعادة البعثات وفتح مستشفى
السلمانية للجرحى لم يتحقق، وحتى لجنة بسيوني لم تستطع أن تضع حدا للانتهاكات
التي تتم بشكل يومي».
وأردف «نقول إلى المجتمع الدولي إن السلطة لا تهتم بلجانكم وتصريحاتكم، فكيف
ستهتم بشعب اعزل، ولذلك نحن نؤمن انه من غير إصلاحات تجعل الشعب البحريني مصدرا
لكل السلطات لن يكون هناك حل، سيفقد البلد الاستقرار، والسلطة تلعب بالنار عبر
تأزيم الوضع الطائفي في البحرين».
وأشار المرزوق إلى أن الحوار الوطني الذي تم تسويقه لم تتوافر فيه أركان
الحوار، فلم يكن هناك تمثيل للسلطة، ولم يكن هناك من يمتلك صلاحيات القرار، ولم
يتم التركيز على أن الشعب مصدر السلطات، ولم تكن هناك آلية واضحة للحوار، فكانت
كل جهة تعطى 3 دقائق، ولم ينتنه الحوار إلى مبادئ واضحة».
مشكلة البحرين غياب المساواة بين المواطنين
ومن جانبه، أوضح القيادي الوفاقي عبد الجليل خليل أن «لب المشكلة في البحرين
تكمن في غياب المساواة بين المواطنين والتمييز بينهم على أساس طائفي أو عرقي،
وفي ذلك مخالفة صريحة للمادة 18 من الدستور التي تؤكد أن المواطنين متساوون في
الحقوق والواجبات أمام القانون».
وأضاف «قوى المعارضة رفعت رسالة في 3 مارس/ آذار 2011، ولي العهد حددت فيها
مطالبتها بشراكة حقيقية، وفي 13 مارس ظهرت المبادئ السبعة لولي العهد، وهذا شبه
اعتراف أن هناك مطالب تستحق المناقشة مع شعب البحرين».
وتساءل خليل «هل وصل صوت الشارع البحريني إلى صانعي القرار في البحرين؟ وهل
وصلت المطالب إلى صانع القرار في البحرين أم لم تصل؟». وواصل «المطالب كانت
واضحة منذ أول حركة انطلقت، أول حركة وطنية في 1923 و1938 و1954 وكانت جميعها
مكونة من سنة وشيعة».
وأردف «أول مطلب لحركة الهيئة الوطنية التي تكونت من السنة والشيعة في
الخمسينيات أن يكون هناك مجلس منتخب له كامل الصلاحيات، وهذا المطلب لم يكن
يمثل طائفة دون أخرى، وكان مطلب الجميع المشاركة في صنع القرار ضمن مجلس كامل
الصلاحيات».
وأضاف «في العام 2001 صدر ميثاق العمل الوطني، وكان أهم وثيقة تصدر بعد دستور
73، التي عكست الرؤية الحقيقية لشعب البحرين، بينما صدر دستور 2002 بإرادة
منفردة».
وتابع خليل «اليوم جرى حوار، لكن الميثاق يؤكد أن هناك اتفاقا من السنة والشيعة
وتم التصويت على مجلس منتخب كامل الصلاحيات، وهذا نداء ارفعه إلى جلالة الملك».
وأكمل «في 14 فبراير، حدثت حركة شعبية تلقائية ولا احد يستطيع ان يدعي انه كان
يمثلها لوحده، إذ إنها استلهمت الربيع العربي، وكان مطلبها مجلساً منتخباً له
كامل الصلاحيات، غير أن ما حدث في البحرين كان بمثابة الزلزال الكبير، منذ 15
مارس/ آذار وحتى 1 يونيو/ حزيران 2011».
وواصل «ما حدث بعد 15 مارس انه تم استهداف المواطنين على الهوية، والوفاق حددت
55 نوعا من الانتهاكات يندرج تحتها آلاف الحالات، والسؤال هل هناك احد من
المخلصين يريد أن يرى هذه الأحداث مرة أخرى، لنكن واضحين، هناك من أراد قمع
الشارع، لكن هذا القمع فشل في تحقيق أهدافه، ولذلك لابد من حلول جذرية لمعالجة
أزمات هذه البلاد».