رفضت الولايات المتحدة وبشكل متكرر ادعاءات الحكومة البحرينية بوجود دعم من
إيران للاضطرابات التي تشهدها هذه الدولة الخليجية من قبل المسلمين الشيعة. وقد
أظهرت تسريبات ويكيليكس عن الدبلوماسية الأمريكية أن التهمة التي صاغتها حكومة
المنامة -وهي تواجه تظاهرات مطالبة بالإصلاح السياسي من المعارضة وبتأثير من
الانتفاضتين التونسية والمصرية- لاتملك حجة دامغة.
وفي إرسالية سرية في أغسطس 2008، تذكر السفارة الأمريكية بأنها في كل مرة تثار
فيها هذه التهم كنا نطلب من حكومة البحرين مشاركتنا الأدلة التي تملكها، وحتى
الآن لم نرى دليلاً مقنعاً على وجود أموال أو أسلحة إيرانية ، على الأقل منذ
منتصف التسعينيات، ولو كانت الحكومة البحرينية تملك دليلاً مستجداً على التخريب
الإيراني فمن المرجح أنها ستطلعنا عليه.
تبدو البحرين التي تستضيف الأسطول الأمريكي الخامس فريدة من نوعها في منطقة
الخليج حيث يقطن فيها أغلبية شيعية تتراوح نسبتهم من 60-70% من تعداد السكان
الذي يقارب نصف مليون مواطن، تحكمها سلالة آل خليفة السنية، وتلمح الوئائق إلى
أن الحكومة البحرينية يساورها القلق في السنوات الأخيرة من أن يفضي أي صراع مع
إيران في المنطقة إلى حالة تعاطف لدى السكان الشيعة.
ويورد الدبلوماسيون الأمريكيون أن التوتر الإقليمي قد يضيف إلى التوترات
الداخلية طويلة الأمد وقد يساهم في إرتفاع حدة الأصوات الطائفية في البحرين،
ويقولون: بأن غالبية المواطنية البحرينيين هم جزء من الطبقة الشيعية المعدمة
ومظالمها التي يجري التعبير عنها عبر الممارسات السياسية والقانونية وعبر
المناوشات في الشوارع بين الشبان والشرطة هي في صلب السياسة الداخلية هنا.
وفي وقت سابق من عام 2008م، وصفت السفارة جو الاضطرابات المشتعلة بأنها صغيرة
لمجموعات عنفية من الشباب الشيعة المعدمين والمحبطين من التمييز المستمر وما
يعتبرونه تدرجاً بطيئاً في وتيرة الإصلاح، وهم في مناوشات مع الأمن بشكل اسبوعي
تقريباً. وتضيف السفارة: اتسم تصرف الأقلية السنية التي تحكم البلاد وتسيطر على
قوى الأمن بشكل عام بضبط النفس، إلا أن الأمور قد لا تحتاج إلا إلى خطأ واحد
حتى تنجر الأمور نحو التصعيد الكارثي.
وكان المسئولون الأمريكيون قد رفضوا الإدعاءات البحرينية بتحكم النظام الإيراني
بحركة حق، الحركة الشيعية المعارضة خارج البرلمان والمساهمة في الاحتجاجات
الحالية، ومرة أخرى لا وجود لأدلة مقنعة بهذا الخصوص، وكان الملك حمد قد أخبر
دبلوماسيين أمريكيين بأن هنالك بحرينيين تلقوا تدريباً على يد حزب الله في
لبنان، غير أنه أقر بعدم وجود أدلة قاطعة، والحال نفسه مع التكهنات القائلة
بتواطؤ الحكومة السورية في دعم محاولات التخريب.
على أية حال، تبقى نظرة الولايات المتحدة لمملكة البحرين وقيادتها تتسم
بالإيجابية.
وأفاد سفير الولايات المتحدة في ديسمبر 2009 بأن الملك حمد يدرك بأن البحرين لا
يمكن أن تزدهر في ظل نظام قمعي، وأن الدورات الانتخابية الماضية شهدت تكامل
المعارضة الشيعية في العملية السياسية، وعلى الرغم من وجود طيف شيعي محدود
مستمر في مقاطعة العملية الانتخابية، إلا أن تأثيره محدود في ظل الإتجاه السائد
لحركة الوفاق التي أظهرت قدرة على العمل مع الحكومة لتحقيق مكاسب لصالح
مكوناتها.
" مايزال التمييز ضد الشيعة قائماً، بينما تعمل الحكومة على الرد على
الانتقادات من خلال الانخراط مع الوفاق والتركيز على الإنفاق العام على المزيد
من المشاريع السكنية ومشاريع الرفاه الإجتماعي، وطالما استمرت الوفاق في
قناعتها بفائدة المشاركة السياسية، فإن التوقعات على المدى الطويل طيبة لتحقيق
الاستقرار في البحرين."
ويذكر السفير الأمريكي في تقرير منفصل عن زيارة مدير الاستخبارات الامريكية
دينيس بلير بأن الملك حمد أنيق وجذاب، وهو يحكم بطريقة تشبه "Corporate King"،
يعطي التوجيهات ويسمح للشخصيات الرفيعة بإدارة الحكومة، وقد أشرف على تطوير
مؤسسات قوية إلى جانب إعادة الحياة البرلمانية، وتشكيل معارضة سياسية قانونية،
وصحافة تتصف بالدينامية، وهو يعمل على تحويل السلطة من عمه، رئيس الوزراء خليفة
بن سلمان آل خليفة والذي لا يزال رئيس الحكومة، إلى إبنه ولي العهد الذي تلقى
دراساته الثانوية في مدرسة وزارة الدفاع بالبحرين وحصل على درجة البكالوريوس من
الجامعة الامريكية في عام 1985، وهو ذو نزعة غربية صريحة في توجهاته ويصنف ضمن
المعسكر الإصلاحي داخل الأسرة الحاكمة، لا سيما ما يتعلق بالاصلاحات الإقتصادية
والعمالية الهادفة إلى مكافحة الفساد وتحديث قاعدة البحرين الإقتصادية. وقد
التزم الملك حمد بمحاربة الفساد ويفضل التعامل مع الشركات الأمريكية لأنها
تمتاز بالشفافية.
يذكر أن الشركات الامريكية قد فازت بعقود كبيرة خلال العامين الماضيين ،
بما في ذلك : صفقة شراء 24 طائر من طراز بوينع لصالح شركة طيران الخليج ، و
تخصيص 5 مليار دولار للمشروع المشترك مع شركة اوكسيدنتال بتروليوم لتنشيط حقل
عوالي ، وكذلك أكثر من 300 مليون دولار للمبيعات العسكرية الخارجية.
وقد جرى وصف عملية التعاون بين الاستخبارات البحرينة مع الولايات
المتحدة بأنها "ممتازة".