gulfissueslogo
انتفاضة البحرين
البحرين:الحكومة تتوسّل الحوار مع المتظاهرين .. والرياض تدعوهم للتجاوب
صحيفة السفير

21-02-2011

أظهرت وقائع اليومين الماضيين أن السلطات البحرينية، ومعها حلفاؤها الخليجيون، تسير نحو خسارة المواجهة مع معارضيها الذين اطلقوا في المنامة يوم الاثنين الماضي «ثورة الشباب»، بوحي الثورة المصرية، والتسليم بمطالب الغالبية الشعبية في الإصلاح والتغيير، في حوار دعت اليه مجدداً، بعد سحب القوى الأمنية والجيش من دوار اللؤلؤة الذي عاد إليه المعتصمون بكثافة، فيما بدا أن حواراً موازياً يدور بين المعارضة التي تؤكد ضرورة إقالة الحكومة أولاً، والشارع الشبابي الذي تصاعد ميله إلى المطالبة بـ«إسقاط النظام».
في هذه الأثناء، اكدت واشنطن ان استخدام العنف ضد المتظاهرين «غير مقبول تماماً»، وحثّت حكومة البحرين على الإسراع في «الإصلاح»، فيما بدأ رئيس هيئة
 
الأركان الاميركية الأميرال مايكل مولن جولة خليجية من الرياض لـ«تطمين» «أصدقاء» أميركا، حيث كانت السعودية والامارات تدعوان المعارضين البحرينيين الى الموافقة على الدعوة التي وجهتها السلطات الى «الحوار».
المعارضة والشباب
وتابعت جمعيات المعارضة مشاوراتها لصياغة مطالبها بشكل واضح. وقال النائب ابراهيم مطر، عن جمعية الوفاق الوطني، إن الجمعية تريد من ولي العهد دلائل على تلبية مطالبهم قبل البدء في اي حوار رسمي. وأضاف انهم في انتظار مبادرة من ولي العهد ووضع افق للحوار، مضيفاً أن الامير يجب ان يبعث بـ«إشارة صغيرة» توضح استعداده لإقامة نظام ملكي دستوري. وأوضح رئيس الكتلة البرلمانية المنسحبة لجمعية الوفاق، عبد الجليل خليل ابراهيم، ان «الحكومة التي لم تستطع حماية شعبها يجب ان تستقيل، ومن ارتكب المجزرة يجب ان يحاسب ويحاكم». وأضاف ان «المعارضة لا ترفض الحوار وإنما تطالب بالأرضية الصالحة للحوار».
وقال النائب علي الأسود إن «الشعب لا يقبل بأن تتحاور المعارضة مع هذه الحكومة». وأكد ان الحوار لم يبدأ بعد وإنما «حصلت بعض الاتصالات عبر قنوات مختلفة». وأضاف الأسود «هذه المرة لن تقبل المعارضة بمجرد وعود وستطالب بضمانات حول تعديل الدستور الذي سيكون اساس الاصلاحات السياسية».
من جهته، قال المسؤول في جمعية العمل الوطني الديموقراطي «وعد» (يسار قومي)، ابراهيم شريف، إن تكليف ولي العهد ادارة الحوار هو «خيار جيد» لكنه قال إنه «ليس من الممكن القول الآن ما اذا كانت هذه مبادرة جدية من النظام ام مجرد مناورة سياسية». وأضاف «علينا ان نكون حذرين ... الأسرة الحاكمة منقسمة حول طريقة التعاطي مع تداعيات الأحداث الأخيرة». واعتبر شريف انه «من دون وجود مراسلي الصحافة العالمية التي غطت الاحداث في البحرين ولولا الضغوطات الدولية على النظام، لكان المعسكر الأكثر تشدداً حسم الأمر».
وكان ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة، وجه كلمة إلى المواطنين أمس الأول، أعرب فيها عن «امتنانه لاستجابة المتظاهرين إلى مناشدته للتهدئة». ووعد بالبدء في «مرحلة جديدة من الحوار يستطيع خلالها الناس ان يعبروا عن بواعث قلقهم علانية وبصدق». وناشد ولي العهد مواطني البلاد التزام الهدوء والتكاتف والتعاون مع جميع القوى السياسية في البلاد. ودعا مواطني البلاد الى الانضمام للحكومة في تهدئة الأوضاع من إجل إعلان يوم للحداد الوطني على من قتلوا.
أما الشارع الشبابي البحريني فشرع، بحسب مصادر عديدة، في تشكيل «لجنة أمانة الثورة»، من الشيعة والسنّة. وأفاد المسؤول عن لجنة المفقودين في جمعية الوفاق لـ«السفير» فاضل علوي السيد حسن، بأن لجنة من كبار علماء الدين السنّة شاركت في اجتماعات «لصياغة مطالب الثورة».
وتحدث السيد حسن لـ«السفير» من دوار اللؤلؤة عن تصاعد في سقف مطالب الشباب إلى المطالبة بـ«إسقاط النظام» وإنهاء حكم الأسرة المالكة، وذلك يتباين عن موقف المعارضة التي «تتفهم مطالب الشارع، لكنها تنظر نظرة أعمق»، فيما أكد الشاب حسين المشارك في الثورة، لـ«السفير» أن الشباب «يقفون يدا واحدة، ويطالبون الآن بإسقاط النظام». وقالت مي هادي (27 عاما) وهي سنية تعمل في المالية «جئت إلى هنا لأثبت اننا متحدون... تلفزيون البحرين يحــاول إظـــهارنا على اننا منقسمون. نحن لسنا كـذلك. يريدون إظهارها على انها ثورة شيعــية. نحن نطالب بحرية هذا البلد».
وأكدت مصادر بحرينية لـ«السفير» استقالة مذيعة بحرينية في تلفزيون البحرين مباشرة على الهواء رفضاً لـ«الكذب والنفاق»، وانضمام ضابط أمني برتبة عريف إلى المتظاهرين، «مما يبدو أنه سيعرضه لمحاكمة عسكرية».
وتدفق المحتجون أمس الاول، عائدين إلى دوار اللؤلؤة بعد أن أصدر ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة أوامره بسحب قوات الجيش والمدرعات من الدوار، وفرّت قوات الأمن من المنطقة إثر مواجهات قصيرة مع حشود المتظاهرين السلميين. ويخّيم آلاف المتظاهرين في ميدان اللؤلؤة أو «الشهداء» كما أسموه، مستلهمين الكثير من مناهج الثورة المصرية في ميدان التحرير، حيث ثبتوا مكبرات الصوت، ونظموا دوريات لمراقبة أي هجمات ممكنة من القوى الامنية، وغير ذلك من ممارسات سلمية مدنية.
حلفاء النظام
وفيما أدان الرئيس الأميركي باراك اوباما في اتصال هاتفي أجراه الجمعة الماضي مع ملك البحرين، استخدام القوات الأمنية للعنف، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن واشنطن تدين أي محاولة من جانب قوات الأمن البحرينية لقمع الاحتجاجات السلمية. وأضافت كلينتون في حديث لبرنامج تذيعه محطة (إيه.بي.سي) «كان كلامنا واضحاً للغاية منذ البداية بأننا لا نريد أن نرى أي أعمال عنف. نأسف لذلك. ونعتقد أنه غير مقبول بتاتاً». وأضافت كلينتون «نريد أن تكون هناك حماية لحقوق الإنسان بما في ذلك الحق في التجمع وحق الناس في التعبير عن أنفسهم.. ونريد أن نرى إصلاحاً.. لذا بدأت البحرين بعض الإصلاح ونريد أن نراهم يعودون إلى ذلك بأسرع ما يمكن».
وفيما نظم شيعة سعوديون احتجاجاً محدوداً وصامتا في المنطقة الشرقية المنتجة للنفط بالمملكة القريبة من البحرين، وتحديداً في بلدة العوامية قرب مدينة القطيف، ذكرت وكالة الأنباء السعودية إن «المملكة العربية السعودية تتابع باهتمام تطور الأوضاع في المملكة البحرينية الشقيقة، وفي ذات الوقت تأمل أن يعود الهدوء والاستقرار في ربوعها في ظل قيادتها الحكيمة، وأنها تناشد الأشقاء من الشعب البحريني تحكيم العقل في طرح رؤاهم، وقبول ما طرحته حكومة البحرين».
وأضاف المصدر «تؤكد حكومة المملكة العربية السعودية رفضها المطلق لأي تدخل أجنبي في شؤون دولة البحرين الداخلية من أي جهة كانت. فشعب البحرين الشقيق وحكومته أحرص من الغير على وطنهم واستقراره وأمنه. وإن المملكة العربية السعودية تقف بكل إمكاناتها خلف دولة وشعب البحرين الشقيق».
وفي أبو ظبي دعا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان «شعب البحرين الشقيق إلى التجاوب مع دعوة» ولي عهد البحرين الى «حوار يطرح فيه أبناء البحرين كل ما لديهم من رؤى واقتراحات»، كما افادت وكالة الأنباء الإماراتية. واعتبر ان «هذه الدعوة تجسد حرص الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين الشقيقة، على الانفتاح على أبناء شعبه والتفاعل معهم بصورة إيجابية ومباشرة في كل ما يحقق للبحرين دوام التقدم والازدهار ويحفظ لها أمنها واستقرارها».
إلى ذلك، وصل مولن الى الرياض في مستهل جولة خليجية، وصرح مولن للصحافيين ان الهدف من الزيارة هو «تطمين اصدقائنا والاستماع الى آرائهم». وأضاف ان «هذه الزيارة تقررت لأسباب اخرى، ولكن يبدو ان الظروف قد تغيرت». وسيناقش مولن مع المسؤولين السعوديين عدداً من القضايا من بينها الوضع في البحرين. وأضاف «نحن بالتأكيد نود ان نرى الامور تحدث بطريقة سلمية». وأكد مولن انه «من المهم للغاية» ان تتوصل الحكومات والشعوب «الى حل لهذا الوضع».

copy_r