gulfissueslogo
حركة (خلاص) في الجزيرة العربية:حان وقت الشعوب
حركة خلاص في الجزيرة العربية

إن الحركات الإحتجاجية المباركة التي انطلقت من تونس في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، وانتقلت فيما بعد الى مصر في كانون الثاني (يناير) الماضي قد أعادتا الأمل المفقود للشعوب العربية بعد أن عانت، لعقود طويلة، من أنظمة شمولية توقّف بها الزمن، وحكمت الناس بإرادة وهمية تعتمد على مشروعية القوة المجرّدة، والقائمة على مدّعيات زائفة، دينية، وتاريخية، وعائلية.
                 
لقد أرست ثورة تونس الخضراء عصراً جديداً تكون فيه للشعوب الكلمة الفصل في تقرير مصيرها، وصوغ نظام الحكم الذي ترتضيه وفق عقد إجتماعي حقيقي يتأسس على الرضا العام، والإرادة الحرة. وإن ما يجمع الشعوب العربية هو المعاناة من نفس الأنظمة المتحجّرة، التي جلبت الفساد، والفقر، والحرمان، والقمع، والإستبداد، فكان لابد من ثورة شعبية متنقّلة تعيد للأمة هويتها، وكرامتها، وحريتها.
 
إننا نتوّجه اليوم الى كل الأحراء والشرفاء والقوى السياسية والاجتماعية في بلادنا، بصرف النظر عن الإنتماءات القبلية والمذهبية والمناطقية التي عمد النظام الى توظيفها طيلة العقود الماضية من أجل تكريس الإنقسام الداخلي كيما يحافظ على وحدة السلطة، نتوجه الى كل هؤلاء لأن يستلهموا من دروس الثورة في تونس الخضراء ومصر الكنانة، وأن يكتبوا تاريخاً جديداً لهذا البلد الذي فقد هويته، وإرادته، إلى جانب ما فقده من ثروات، ومقدّرات.
 
ندرك تماماً بأن ثمة إجماعاً صلباً وراسخاً لدى أفراد هذا الشعب كافة بضرورة إحداث تغييرات جوهرية في النظام السياسي القائم، بعد أن ثبت فشله في معالجة المشكلات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإن الجميع متفّق على وجوب حشد كل الطاقات لجهة الضغط من أجل التغيير وتحقيق الطموحات المأمولة. ولكن ما ينقص هذا الإجماع هو  فعل ريادي، ومبادرة خلاّقة تترجم على الأرض هذا الإجماع، وتحيله الى قوة تغيير شعبية.
 
إن واحدة من أهم الدروس التي قدّمتها ثورة الشعب المصري هي أن الفئة الصغيرة التي قررت أن تنزل الى ميدان التحرير في 25 يناير لبدء الثورة الشعبية لم تتوقّع الأعداد المليونية التي احتشدت في فترة قياسية، الأمر الذي كشف أن العنصر المفقود لا يعدو أن يكون مبادرة من طرف ما تفتح الطريق أمام سيل الحشود المحتقنة بكل مبررات الإحتجاج ضد سياسات النظام الظالم.
 
إن التعويل على طرف ما مجهول للقيام بمهمة (تعليق الجرس) هو من باب الإنتظار السلبي الذي لا يمكن أن يغيّر حال بشر على وجه الأرض، ولا سبيل حينئذ سوى الدخول في حركة (تعبئة جماعية متواصلة)، بحيث تشجّع القوى السياسية والاجتماعية أفرادها على كسر حاجز الخوف والإنخراط في حركة احتجاجية عارمة تستوعب المناطق كافة حيث يكون للشعب حينئذ إرادته، وتاريخه، ودولته الجديدة.
حركة خلاص في الجزيرة العربية
17 شباط (فبراير) 2011
 

copy_r